صحيح ان نتنياهو يحاول إبعاد نفسه عن الخطط الاقتصادية الثلاث التي بادر اليها سلفه، سيلفان شالوم، ويحرص على التأكيد، في كل فرصة ومن على كل منبر، ان المس بمخصصات التأمين الوطني تم في عهد الحكومة السابقة، لكن يبدو ان هذا التمييز - غير الدقيق اصلا - لم يفلح في اقناع المعارضين للخطة. والدليل على هذا هو التضامن الواسع الذي نجحت الهستدروت في تجنيده منذ عرضت الخطة الاقتصادية: من الحقوقيين في القطاع العام وحتى آخر عمال النظافة، كما قال المحامي يوفال البشان، أحد نشطاء طاقم النضال.
الإضراب الشامل الذي باشرت به الهستدروت، عدا عن كونه وسيلة احتجاجية على الخطة الاقتصادية الحكومية، يأتي أيضاً كوسيلة لتذكير الجميع، وبالذات الحكومة، بأن الهستدروت ما زالت قائمة وبأنها لن تتنازل عن قوتها السياسية. وهو يأتي أيضًا احتجاجًا على أحد بنود الخطة الاقتصادية والذي يتحدث عن سن تشريع يسهل للوزارات والدوائر الحكومية إقالة موظفين دون التشاور مع نقابات الموظفين ولجان العمال، مما قد يضعف الهستدروت كقوة سياسية في اسرائيل تستطيع مجابهة الحكومة بكل ما يتعلق بموظفي وعمال القطاع العام.
على الرغم من توقعات البعض بأن العملية الانتحارية في تل أبيب (ليل الاربعاء 30/4) ستؤدي الى تأجيله، فقد بدأ الاضراب العام في اسرائيل كما كان مقررًا : في تمام الساعة السادسة من صباح الاربعاء (30/4) والى اجل غير مسمى * الحكومة الاسرائيلية، في استفتاء هاتفي بين الوزراء، تقرر اصدار اوامر عمل الزامية، بموجب "انظمة الطوارىء" الانتدابية، لآلاف العمال في القطاع العام تلزمهم بالعمل كالمعتاد رغم الاضراب..
في هذه التراجيديا اليونانية، هناك بطلان دخل كلاهما الى الجولة الاولى قبل حوالي الشهر، ومنذ ذلك الحين يصور كل منهما مهمته او دوره بصورة مثالية. الاول (المقصود زعيم نقابات العمال – الهستدروت - عمير بيرتس) "يدافع عن المجتمع والديمقراطية"، والثاني قبطان (وزير المالية بنيامين نتنياهو) "يحاول سد الثقب الموجود في قعر السفينة".
الصفحة 49 من 62