فتحت خطوة الاستقالة المفاجئة التي أقدم عليها وزير المالية الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك قبيل موافقة الحكومة في جلستها أول من أمس الأحد (7/8/2005) على إخلاء مجموعة أولى من مستوطنات قطاع غزة (3 مستوطنات صغيرة) اعتباراً من 17 آب الجاري، الباب على مصراعيه أمام موجة من التساؤلات والشكوك والتكهنات لدى مختلف الأوساط في الطبقة السياسية والإعلامية في إسرائيل، بشأن جملة من قضايا ومواضيع الساعة المطروحة على الأجندة الرسمية للدولة، وفي مقدمتها مصير "خطة الانفصال والإخلاء" التي علل نتنياهو استقالته على خلفية معارضته لها، ومستقبل حكومة الائتلاف الهش الذي يترأسه أريئيل شارون، والمنحى المفتوح على كل الاحتمالات لحالة الاحتقان والصراع المحتدم داخل صفوف وأجنحة حزب ليكود المتزعم للائتلاف على خلفية خطة الانفصال ذاتها، فضلاً عما أثارته الخطوة (الاستقالة) من حالة اضطراب وبلبلة على صعيد الاقتصاد وسوق المال الإسرائيلي، لا سيما وأنها (أي استقالة وزير المالية) ولدت تساؤلات وشكوكًا جادة فيما يتعلق بإقرار مشروع الموازنة العامة للسنة الجديدة والتي كان من المقرر أن تبدأ إجراءات التصديق عليها في الحكومة والكنيست خلال هذا الأسبوع.
كثيرة هي الأوصاف التي يمكن إعطاؤها للقمة الرباعية المنعقدة في شرم الشيخ. وهي تختلف بإختلاف الزاوية التي ينظر منها الى هذا الحدث السياسي الاول من نوعه منذ مدة. فالقمة قد تكون في منظار منظمات الرفض الفلسطينية إعلان نهاية الإنتفاضة المسلحة من دون مقابل سياسي واضح أللهم غير تعهدات إسرائيلية بوقف التصفيات وعمليات التوغل العسكرية، وربما إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين الذين لم تلطخ أيديهم بدماء اسرائيلية، ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك بالنسبة الى هذه التنظيمات كما بالنسبة الى سائر الفلسطينيين من سكان غزة والقطاع فإن إزالة الحواجز الاسرائيلية عن مداخل المدن الفلسطينية والسماح لهم بحرية التنقل لن يحدث الآن، ولن تشهده القمة الحالية.
ظهرت في الأيام الأخيرة، في اسرائيل، توقعات بأن تجري انتخابات برلمانية مبكرة، في غضون أشهر قليلة جدا، مع أن موعدها الرسمي هو في خريف العام القادم 2006، وهذا على خلفية اخلاء المستوطنين من غزة، واستقالة بنيامين نتنياهو من الحكومة، واحتمال محدود بأن يحذو حذوه وزراء آخرون، وغير ذلك من الاسباب.
سأل مقدم النشرة الإخبارية المركزية لقناة "آي تي في" البريطانية مراسلة القناة المتواجدة في مستوطنات غزة يوم 17/8: كيف استطعتم تصوير هذه التفاصيل الدقيقة للإخلاء؟ هل توافقينني على أن إسرائيل تريد عرض ما يحدث إلى العالم.؟ فرّدت عليه المراسلة: "لا أحد يمنعنا من التصوير، ويبدو لي أن الجيش الإسرائيلي معنيٌ فعلاً"... وهذه ليست مفاجأة، فعندما أعلن الجيش الإسرائيلي عن أنّ قطاع غزة "منطقة عسكرية مغلقة"، شدّد المسؤولون وبحرص على السماح بدخول الصحفيين، ما هو ليس مسبوقًا خاصة في المناطق العسكرية المغلقة.
الصفحة 18 من 56