كان من المقرر رسميا، حسب الجدول الزمني الأصلي، أن يكون تنفيذ خطة الفصل قد بدأ منذ أيام. ولكن تأجيل موعد البدء "لأسباب دينية" نقل الموعد إلى منتصف الشهر المقبل. وقد دأب رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون على التصريح طمأنة وتهديدا في الوقت نفسه أن لا شيء سيعرقل الشروع بتنفيذ الخطة في مواعيدها المقررة.
من المفترض أن يقر الكنيست الاسرائيلي، نهائيا، في الأيام المقبلة مشروع قانون يقضي بمنع رئيس اتحاد النقابات العامة، الهستدروت، من عضوية الكنيست، تحت حجة ازدواجية الوظائف. وفي هذه الحالة يجري الحديث عن النائب عمير بيرتس، المرشح لرئاسة حزب "العمل"، ولكن هذا القانون له أبعاد سياسية ونقابية، كون أن القانون لم يطرح في هذه المرحلة بالذات إلا لأسباب سياسية حزبية، وايضا لدى البعض من منطلقات ضرب النقابات.
يظهر التاريخ السياسي للديمقراطيات البرلمانية أن الحكومات تسقط عندما لا تكون لديها أجندة مركزية وواضحة. وسواء كانت تركيبتها متجانسة (مثل بريطانيا وكندا) أو ائتلافية (مثل إسرائيل وألمانيا) فإن هذه الحكومات تبدأ بالانهيار بسبب تناقضات داخلية لا تتوفر أجندة سائدة أو توافقية تتغلب عليها (أي على التناقضات). هذا الأمر يتسبب في تآكل في مكانة رئيس الحكومة، إضافة إلى مطالب وضغوط- داخلية وخارجية- من أجل إيجاد أجندة لا تكون الحكومة قادرة أو معنية بتحويلها إلى سياسة. ويمكن لـ"الأجندة" أن تكون مخططة بمبادرة ذاتية (مثل "الانفصال") أو مفروضة (كمحاربة الإرهاب). والأجندة هي سياسية، اقتصادية، اجتماعية، تشريعية أو أي دمج بين هذه النواحي. لكن حكومتنا لا تمتلك في أي من هذه المواضيع أجندة متسقة ومترجمة إلى سياسة.
تشهد الخارطة الحزبية في اسرائيل حالة من الغليان، وتشتد مع تقدم الايام وكثرة الحديث عن انتخابات برلمانية مبكرة، وهو أمر كان متوقعا جدا أن يحصل بعد الانتهاء من عملية اخلاء مستوطنات قطاع غزة والمستوطنات الأربع في شمال الضفة الغربية.
وتتداخل في هذه الصراعات الكثير من الأمور، فمنها الشخصية ومنها السياسية او الايديولوجية، ولكل حزب ورطته وصراعاته، وتقريبا لا يوجد حزب صهيوني واحد لا يعاني من أزمة داخلية، تأججت في الاشهر الأخيرة، وازدادت تأججا بعد اخلاء المستوطنات.
الصفحة 20 من 56