المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

وديع أبونصار انشغلت وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة بتحليل فرص رئيس الحكومة الفلسطيني المكلف محمود عباس (أبو مازن) في تحقيق تقدم في العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية المتدهورة. وفي الوقت الذي انشغل فيه بعض الإعلاميين الإسرائيليين بشرح ما يتوجب على أبي مازن فعله من أجل إحراز بعض التقدم في المفاوضات الفلسطينية -الإسرائيلية المجمدة، تطرق نفر قليل منهم إلى أهمية قيام رئيس الحكومة الإسرائيلي بتقديم "مساعدات عينية" له، لينجح الأخير في المهمة الشاقة الملقاة على كاهله، في حين يكاد لا يتطرق أحد منهم إلى شرح ماهية المساعدات التي على شارون تقديمها في هذا الصدد.

وبالرغم من التحديات الجمة التي على أبي مازن تخطيها لينجح في مهمته الجديدة، إلا أن أرئيل شارون هو من يملك المفتاح الأهم لنجاح أو فشل رئاسة الحكومة الفلسطينية، التي من المتوقع أن تحظى بمصادقة المجلس التشريعي الفلسطيني خلال الأيام القليلة المقبلة.

فبالإضافة لضرورة التوصل إلى صيغة توفيقية تضمن عملا فلسطينيا منسقا بين الرئاسة الفلسطينية ورئاسة الحكومة، وضرورة تنظيم العمل الأمني الفلسطيني، إلا أن نجاح "أبو مازن" يتطلب بادئ الأمر حصوله على أكبر قدر من المصداقية في صفوف الفلسطينيين أنفسهم، وهنا يمكن أن يلعب أرئيل شارون دورا مهما في إنجاح أو إفشال ذلك.

الجهات الرسمية الإسرائيلية رحبت في تصريحات علنية بتكليف محمود عباس بترؤس الحكومة الفلسطينية الجديدة، إلا أن الإسرائيليين لم يقوموا حتى الآن بتحركات ميدانية من شأنها اقناع المواطن الفلسطيني بأن حكومة "أبو مازن" قد تجلب له بعض الخير. فقد أدت هذه التصريحات الفضفاضة إلى تعاظم الموقف الشعبي الفلسطيني المتخوف من أنها ستكون "أداة" بيد جهات أجنبية أكثر منها نافعة للفلسطينيين أنفسهم.

لذلك، يبدو من نافلة الامور القول ان أرئيل شارون، لو أراد فعلا مساعدة "أبو مازن" في تخفيف حدة النقمة الفلسطينية على الإسرائيليين، ملزم بالمبادرة إلى بعض الخطوات التي من شأنها أن تخفف الأعباء الملقاة على كاهل الفلسطينيين، وبرأسها: رفع الحصار عن المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، والسماح لأكبر قدر من العمال الفلسطينيين بالدخول إلى إسرائيل للعمل فيها، والكف عن عمليات الاجتياح المتواصلة للمناطق التي من المفروض أن تكون خاضعة للسلطة الفلسطينية حسب الاتفاقات الموقعة، ووقف عمليات الاغتيال بحق بعض الناشطين الفلسطينيين وتقديم تسهيلات على المعابر والجسور وغيرها من التسهيلات التي يحتاجها المواطن الفلسطيني ليعيش بحرية وكرامة. بدون هذه التسهيلات سيبقى عمل أبو مازن بنظر الغالبية العظمى من الفلسطينيين منقوصاً، بغض النظر عن الجهود الصادقة التي سيبذلها الرجل من أجلهم.

لذلك، وبالرغم من أن الكثيرين يعولون على الضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية، التي قد تمارسها جهات أجنبية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، بعيد النشر المحتمل لما يسمى بـ "خارطة الطريق"، إلا أن أرئيل شارون يبقى سيد الموقف بكل ما يتعلق بفرص حكومة أبو مازن تحقيق تقدم حقيقي وملموس في العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية.

بامكان أرئيل شارون اتهام القيادة الفلسطينية، والرئيس ياسر عرفات، بشتى التهم، بدءًا بالوقوف خلف عمليات قد تنفذ ضد أهداف إسرائيلية، على غرار ما حدث يوم الخميس الماضي في كفار سابا، ومرورا بقضايا فساد مالي وإداري ووصولا إلى محاولات تعطيل عمل الحكومة التي يرئسها أبو مازن. وبالتالي، فإن شارون قد يتنصل، من خلال هذه التهم، من الضغوط التي قد تمارس عليه، مع أن الكثيرين يتوقعون أن تكون معظم الضغوط خجولة عليه.

من هنا، فإن حصول أو عدم حصول تقدم في العلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية يتعلق بأرئيل شارون أكثر من تعلقه بأي شخص آخر. وما من شك بأن شارون قادر على المضي قدما في حل مع الفلسطينيين، إذا أراد ذلك، مما قد يجلب النجاح لأبي مازن وله. غير أن عدم قيام شارون حتى اللحظة بتقديم تنازلات ملموسة للفلسطينيين يثير العديد من علامات الاستفهام حول استعداده المستقبلي لتقديم مثل هذه التنازلات الضرورية لحدوث التطور الإيجابي الذي ينشده الكثيرون في العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, دورا

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات