عبّر محافظ بنك إسرائيل المركزي، أمير يارون، الأسبوع الماضي، عن نظرة تشاؤمية حيال مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، استنادا إلى سلسلة معطيات في الاقتصاد، ومعها أداء الحكومة في إدارة الميزانية، وشكل إعداد ميزانية العام المقبل. وأعلن عن إبقاء الفائدة البنكية على حالها، وهي تُعد عالية بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي، ملمحا إلى أنها قد تبقى عند مستواها الحالي فترة طويلة. ويأتي هذا القرار، في ظل استفحال غلاء المعيشة، رغم ما يظهر من لجم لوتيرة التضخم في الشهرين الماضيين، فالأسعار ترتفع بنسب أعلى من نسب التضخم في المواد والبضائع الحياتية الأساسية، من أغذية وغيرها. إلى ذلك، فقد نشرت معطيات جديدة بشأن الكلفة العسكرية للحرب الدائرة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إذ بلغت حتى الآن 30 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل حتى نهاية العام الجاري إلى أكثر من 35 مليار دولار، وهذا لا يشمل الكلفة المدنية للحرب.
في 8 تموز 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي أن يهودا فوكس، قائد المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش، أنهى خدمته وخرج إلى التقاعد، وحل مكانه اللواء آفي بلوط. يأتي هذا الانتقال في قيادة المنطقة الوسطى في ظل توتر كبير في العلاقات بين المستوطنين التوراتيين وقائد المنطقة الوسطى المنصرف، فوكس، لدرجة وصلت إلى أن تضع المخابرات الإسرائيلية حراسا مرافقين لفوكس خوفاً على حياته من المستوطنين الغاضبين. ففي شباط 2023، تم نقل صلاحيات إدارة حياة المستوطنين والتخطيط والبناء في المنطقة "ج" وجزء من عمليات مصادرة الأراضي من القيادة الوسطى للجيش إلى وزارات مدنية، مما أدى إلى تضارب في الصلاحيات بين القيادة الوسطى والوزارات المدنية التي يسيطر عليها المستوطنون. واجه اللواء فوكس تحديات كبيرة بسبب تآكل سلطته وعدم قدرته على الاستمرار كصاحب السيادة على منطقة محتلة، خاصة مع تعمد الشرطة الإسرائيلية تحت قيادة الوزير إيتمار بن غفير عدم فرض الأمن في شوارع الضفة الغربية وترك المستوطنين المسلحين يمارسون أعمالاً إرهابية.
حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بما زرعته من قتل ودمار في الجانب الفلسطيني، وبما مُنيت به من فشل ذريع في تحقيق أي من أهدافها المُعلَنة، بما فيها تحرير المخطوفين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، وما تمخض عن هذه الحرب التي دخلت شهرها العاشر على التوالي من آثار وانعكاسات على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بما في ذلك عدم قدرة سكان العديد من البلدات في جنوب البلاد على العودة إلى بلداتهم وترميم منازلهم والعودة إلى السكن فيها، ومثلها أيضاً الأوضاع المتوترة على الحدود الشمالية وتبادل العمليات الحربية مع حزب الله اللبناني، بما في ذلك أيضاً هجرة السكان من العديد من بلدات الشمال الحدودية وتحوّلها إلى "مدن أشباح" منذ أشهر عديدة ـ هذا كله لا يشكل سبباً مهماً وكافياً يؤدي إلى إسقاط الحكومة الإسرائيلية الحالية!
نقلت الصحافة الاقتصادية أن الحكومة الإسرائيلية قررت القيام باقتطاع حاد بقيمة 525 مليون شيكل من الميزانية المخصصة لتنفيذ اتفاق الرواتب الجديد مع معلمي المدارس الثانوية، وذلك لغرض مواصلة تمويل إخلاء سكان الشمال والجنوب. وقالت صحيفة "ذي ماركر" إن خفض الميزانية سيسمح للحكومة بالامتناع عن تنفيذ اتفاقية زيادة الرواتب بالكامل خلال الفترة المقبلة، باعتباره مصدر التمويل الأساس لذلك. علماً بأن معلمي المدارس الثانوية يعملون منذ أكثر من عامين ونصف العام دون اتفاق على الراتب. ومن جهتها، أعلنت نقابة المعلمين أنه بدون اتفاق على الراتب، لن يتم فتح العام الدراسي القادم في المدارس الثانوية. وبالتالي، فإنه إذا لم يتم العثور على مصدر لتمويل الاتفاقية، فالاحتمال الأكبر هو تعطيل افتتاح العام الدراسي المقبل في مطلع أيلول.
بتاريخ 28 حزيران 2024، قررت الحكومة الإسرائيلية (من خلال مجلس الكابينيت) سحب صلاحيات الإنفاذ من السلطة الفلسطينية في صحراء القدس (وهي في منطقة "ب") والشروع بإجراءات هدم "البناء الفلسطيني المتنامي" هناك. بحسب اتفاقيات أوسلو، فإن صلاحيات الإنفاذ، والبناء، والتخطيط، وكل ما يتعلق بالشؤون الإدارية للسكان في المنطقة "ب"، هي من صلاحيات السلطة الفلسطينية. يعتبر هذا قراراً آخر، لكنه الأهم، في سياق سحب الصلاحيات من السلطة الفلسطينية و"استعادة" تدريجية للسيادة الإسرائيلية على مناطق تم نقلها إلى الحكم الذاتي الفلسطيني في سياق اتفاقيات أوسلو.
يسعى بنيامين نتنياهو طوال السنوات الأخيرة إلى دحر وحتى دفن محاكمته الثلاثية في قضايا الفساد، المستمرة منذ سبع سنوات ونصف السنة، أي منذ بدء التحقيقات فيها، مرورا بتوجيه لوائح اتهام ومحاكمته الجارية فعليا منذ 3 سنوات وخمسة أشهر تقريبا؛ وطلب طاقم محاميه في الأسبوع الماضي تأجيل إفادته أمام المحكمة إلى شهر آذار من العام المقبل، هو دلالة على هذا السعي؛ إلا أنه في الأسبوع الماضي اصطدم نتنياهو، ولربما دون مفاجأة من ناحيته، بإنذار شديد اللهجة من لجنة التحقيق الرسمية، في ما عُرفت بقضية شراء الغواصات، التي تكشفت فيها قضايا رشى وفساد، بمعنى تورطه في القضية، إلا أن نتنياهو الذي بات أكثر رئيس حكومة إسرائيلية يتلقى انتقادات وتحذيرات من لجان تحقيق رسمية، ومحاكمات في قضايا الفساد، يبدو أكثر اطمئنانا بأن هذه القضايا بالذات لن تؤثر على شعبيته في أي انتخابات مقبلة، التي تتنبأ الاستطلاعات بشأنها بتراجع حزبه حاليا.
الصفحة 12 من 324