حذّر المجلس الإقليمي للقرى العربية غير المعترف بها في النقب من "استمرار سياسة الدولة، بعدم وضع ملاجئ متنقلة للعرب في النقب"، لافتاً إلى أن سياسة السلطات الإسرائيلية تأتي بذريعة أنها "لا تريد أن تتحوّل هذه الملاجئ إلى مساكن دائمة"، غير آبهة بأن حوالي 120 ألف مواطن عربي في النقب يعيشون في القرى مسلوبة الاعتراف. وعموماً يحتاج النقب إلى أكثر من 11 ألف ملجأ، بتكلفة نحو نصف مليار شيكل، وفقاً للهيئة العربية للطوارئ في النقب. ولكن ما يجري حالياً هو توفير "أسطوانات من الباطون" ليحتمي فيها المواطنون في حالة إطلاق صواريخ، علماً بأنها لا توفر حماية تقترب من الملاجئ. ويقول المجلس الإقليمي: لا تشكل الأسطوانات حماية مؤكدة وفقا لتعليمات الجبهة الداخلية. ولهذا الغرض، يجب إنشاء "غرف حماية"، وهي عبارة عن هيكل باطوني مطابق للمواصفات.
في الأول من تشرين الثاني الحالي، تم تعيين المستوطن المتطرف عضو الكنيست تسفي سوكوت رئيسا لـ "لجنة يهودا والسامرة" المتفرعة عن لجنة الخارجية والأمن، وهي لجنة أساسية قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بالضفة الغربية. هذا التعيين يشكل خطوة أساسية في استكمال سيطرة التيارات الأكثر تطرفا في الصهيونية الدينية على الضفة الغربية ومستقبلها السياسي. هذه المقالة تقدم قراءة في بروفايل سوكوت الذي يعتبر متطرفاً وصاحب سوابق جنائية، كما تستعرض ماهية اللجنة التي بات يترأسها، ومهماتها ومجال صلاحياتها.
كشفت تداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة النقاب عما هو أبعد من العنصرية ضد الفلسطينيين، حيث يمكن القول إن الفلسطيني في الداخل أصبح متهماً بدعمه للإرهاب حتى يثبت براءته. بالإضافة إلى ذلك، تحولت أماكن العمل والمؤسسات الأكاديمية والثقافية ومنصات التواصل الاجتماعي إلى ما يشبه مقصلات اجتماعية وسياسية تستهدف أي فلسطيني يعبر عن تضامنه مع أهالي غزة.
وقّعت 32 منظمة حقوقية في إسرائيل على عريضة تحذّر من الترانسفير الجاري حاليا، وبوتيرة متصاعدة، في مناطق الضفة الغربية منذ بداية الحرب على قطاع غزة يوم 7 تشرين الأول الماضي. وبالتحديد، يقوم المستوطنون بتوسيع نطاق اعتدائهم بحق مجموعات مختلفة من الفلسطينيين في المناطق "ج"، بما يشمل الطرد والإبعاد عن مساحات جديدة من الأراضي بالإضافة إلى إجبار فلسطينيين آخرين مثل البدو ورعاة المواشي على ترك أماكن سكنهم تحت قوة السلاح. وهكذا في الوقت الذي تكاد تنحصر فيه اهتمامات الإعلام، والمنظمات الدولية، والحكومة الإسرائيلية، بالإضافة إلى المجتمع الدولي، بمجريات الحرب في قطاع غزة، تقوم جماعات مختلفة من المستوطنين المتطرفين بحملات ممنهجة من الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة، لا بد من استعراضها في هذه الورقة.
أصبح من الواضح تماماً أن الصدمة العسكرية ـ المعنوية غير المسبوقة التي أصيبت بها إسرائيل من جرّاء الهجوم الذي نفذته حركة حماس يوم السابع من تشرين الأول 2023 في منطقة الشريط الحدودي مع قطاع غزة (والتي تُعرف باسم "منطقة غلاف غزة") واستهدفت المواقع العسكرية والبلدات السكانية المنتشرة في محيط قطاع غزة، بما أسفرت عنه من أعداد كبيرة جداً من القتلى والجرحى والمخطوفين من المدنيين والعسكريين الإسرائيليين، وبما أيقظته في الذاكرة اليهودية الجمعية، ثم ما تلاها وسوف يتلوها من تداعيات ـ أصبح من الواضح أن هذه الصدمة تشكل، في نظر الأوساط السياسية الحاكمة في إسرائيل على وجه التحديد، فرصة لا يجوز تفويتها في سبيل تمرير مشاريع سياسية وأمنية مختلفة تحت ستار الحرب وتحت خيمة "الإجماع القومي" من جهة، وبعيداً عن الرقابة البرلمانية، الإعلامية، الجماهيرية، القضائية، من جهة أخرى.
بدأت تتبلور حركة احتجاج من عائلات حوالي 200-250 أسيراً ومفقوداً إسرائيلياً. هذه الحركة تعاني من أزمة واضحة: من جهة، هي في طريقها لأن تكون "حركة مقدسة" قد لا يمكن معارضتها من قبل الحكومة والشارع الإسرائيليين خصوصا وأن العديد من الأسرى هم من المدنيين. من جهة أخرى، تدرك هذه الحركة أن إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين سيكون في مقابل تحرير كافة الأسرى الفلسطينيين، وهذا بحد ذاته قد يشكل "انتصارا" لحركة حماس قد لا تستطيع إسرائيل، التي لم تستفق بعد من صدمة ما حدث يوم السابع من تشرين الأول، أن تتحمله وفق الظروف القائمة الآن.
هذه الورقة تلقي الضوء على هذه الأزمة.
الصفحة 55 من 338