في تعقيبه على بدء العملية البرية في قطاع غزة، قال رئيس الولايات المتحدة جو بايدن: "يجب أن يكون هناك تصور لما سيأتي بعد الحرب... من وجهة نظرنا يجب أن يكون هناك حل على أساس دولتين". منذ بدء الانقسام الفلسطيني ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، تم وضع مسار "حل الدولتين" على الرف إلى حين توحد الفلسطينيين تحت قيادة واحدة. اليوم، وبعد أن وضعت إسرائيل لنفسها هدفا حربيا يكمن في "إسقاط حركة حماس عن السلطة في غزة"، تبرز ثلاثة أسئلة لا إجابات عليها حتى الآن: 1) هل هذا الهدف قابل للتطبيق؟ 2) في حال تم تطبيقه، ما هو المستقبل السياسي للقطاع؟ 3) هل هذا المستقبل السياسي، الذي ما يزال غير واضح المعالم، سوف ينقل ملف "حل الدولتين" من الرف ليضعه كاستحقاق أمام الحكومة الإسرائيلية من جديد؟
من الصعوبة بمكان إيجاد أجوبة إسرائيلية واضحة على هذه الأسئلة. ولكن هذه الورقة تجول فيما بين هذه الأسئلة وتهدف إلى شرح وتفكيك العقيدة التي نظمت علاقة إسرائيل مع قطاع غزة قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وهي عقيدة تتأسس على عرقلة مسار حل الدولتين. وتحاول الورقة أن تنظر في الثابت والمتحول في هذه العقيدة.
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، سلّطت العديد من التقارير والتحليلات الضوء على علاقة إسرائيل بالدول حول العالم. وعلى الرغم من أن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية الكبرى قد نالت الاهتمام الأكبر في هذه التقارير باعتبارها دولاً منحازة لإسرائيل بشكلٍ شبه مُطلق، إلّا أن هناك من التفت إلى ضرورة أن تركّز إسرائيل أيضاً على علاقتها مع الدول المقابلة للمعسكر الغربي الذي تقوده الصين وروسيا في محاولة لفهم موقفها من الحرب الدائرة للبناء على ذلك في المستقبل بما يضمن مصالح إسرائيل. في هذه المساهمة، نستعرض أبرز ما جاء في تقرير نشره "معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" في جامعة تل أبيب بعنوان "الحرب الدائرة على قطاع غزة أضرّت بمكانة الصين في الشرق الأوسط"، أعدّته غاليا لافي، المختصة في العلاقات الإسرائيلية- الصينية.
تكاثرت في الأيام الأخيرة، التقارير الاقتصادية الإسرائيلية، خاصة المتخصصة منها، وأخرى رسمية، والتي تشير إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يغوص منذ الآن، في أزمة اقتصادية كتلك التي شهدها في مطلع سنوات الألفين، في فترة العدوان على الضفة والقطاع الذي جوبه بالانتفاضة الثانية، وبحسب أبرز التقارير فإن 19% من القوة العاملة، توقف عملها لأسباب متعددة، منها تجنيد الاحتياط (حوالي 8%)، في حين أن قطاعات اقتصادية باتت مشلولة وأخرى على وشك الشلل. في المقابل، وهذا ما يقلق إسرائيل، فإن معاهد التقديرات الاقتصادية العالمية باتت تطرح مستقبلا سوداويا للاقتصاد الإسرائيلي، وفي خضم كل هذا، تكاثرت الدعوات لاستقالة عاجلة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، على خلفية فشله في الإدارة العامة للدولة، وبضمنها الاقتصاد.
حذّر المجلس الإقليمي للقرى العربية غير المعترف بها في النقب من "استمرار سياسة الدولة، بعدم وضع ملاجئ متنقلة للعرب في النقب"، لافتاً إلى أن سياسة السلطات الإسرائيلية تأتي بذريعة أنها "لا تريد أن تتحوّل هذه الملاجئ إلى مساكن دائمة"، غير آبهة بأن حوالي 120 ألف مواطن عربي في النقب يعيشون في القرى مسلوبة الاعتراف. وعموماً يحتاج النقب إلى أكثر من 11 ألف ملجأ، بتكلفة نحو نصف مليار شيكل، وفقاً للهيئة العربية للطوارئ في النقب. ولكن ما يجري حالياً هو توفير "أسطوانات من الباطون" ليحتمي فيها المواطنون في حالة إطلاق صواريخ، علماً بأنها لا توفر حماية تقترب من الملاجئ. ويقول المجلس الإقليمي: لا تشكل الأسطوانات حماية مؤكدة وفقا لتعليمات الجبهة الداخلية. ولهذا الغرض، يجب إنشاء "غرف حماية"، وهي عبارة عن هيكل باطوني مطابق للمواصفات.
في الأول من تشرين الثاني الحالي، تم تعيين المستوطن المتطرف عضو الكنيست تسفي سوكوت رئيسا لـ "لجنة يهودا والسامرة" المتفرعة عن لجنة الخارجية والأمن، وهي لجنة أساسية قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بالضفة الغربية. هذا التعيين يشكل خطوة أساسية في استكمال سيطرة التيارات الأكثر تطرفا في الصهيونية الدينية على الضفة الغربية ومستقبلها السياسي. هذه المقالة تقدم قراءة في بروفايل سوكوت الذي يعتبر متطرفاً وصاحب سوابق جنائية، كما تستعرض ماهية اللجنة التي بات يترأسها، ومهماتها ومجال صلاحياتها.
كشفت تداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة النقاب عما هو أبعد من العنصرية ضد الفلسطينيين، حيث يمكن القول إن الفلسطيني في الداخل أصبح متهماً بدعمه للإرهاب حتى يثبت براءته. بالإضافة إلى ذلك، تحولت أماكن العمل والمؤسسات الأكاديمية والثقافية ومنصات التواصل الاجتماعي إلى ما يشبه مقصلات اجتماعية وسياسية تستهدف أي فلسطيني يعبر عن تضامنه مع أهالي غزة.
الصفحة 41 من 324