صادفت يوم 29 تشرين الثاني 2017 الذكرى السبعون لقرار الأمم المتحدة التاريخي رقم 181، القاضي بإقامة دولتين مستقلتين على أرض فلسطين التاريخية (قرار التقسيم). ومنذ سبعين عاماً حتى يومنا هذا لم تنشأ سوى دولة واحدة، هي دولة إسرائيل، على مساحة أكبر بكثير من المساحة التي حدّدها ذلك القرار، وأدى ذلك إلى سيطرة هذه الدولة عسكرياً على كل فلسطين التاريخية، بل أكثر من ذلك.
تشكل استقالة وزير الصحة الإسرائيلي يعقوب ليتسمان، من كتلة "يهدوت هتوراة" للمتدينين المتزمتين الحريديم من اليهود الأشكناز، نقطة هامة، على صعيد العلاقة بين جمهور الحريديم الأكثر تشددا دينيا، والمؤسسة الحاكمة. فـ"التنازلات" التي ظهرت في العامين الأخيرين، في شكل الانخراط في الحكومة، تم التراجع عنها بسرعة، ما أعاد الوضع إلى العام 1952، بسبب قوانين الإكراه الديني. ويحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شراء التوافق مع الحريديم عبر قيود أشد على قوانين السبت، وسائر القوانين الدينية، ما سيضعه في نقطة صدام حتمية مع الجمهور الواسع، وبالأساس العلمانيين، وأيضا جهاز القضاء.
على خلفية التحقيق الذي أجرته الشرطة، أمس الأول الأحد، مع رئيس الائتلاف الحكومي، عضو الكنيست دافيد بيطان، بشبهات جنائية خطيرة (اقرأ عنها على هذه الصفحة)، شن عضو الكنيست دافيد أوحانا (من الليكود) هجوماً عنيفاً على الشرطة الإسرائيلية متهماً إياها بأنها "تعمل بأساليب وطرق المافيا" وبأنها "قد تحولت إلى أداة طيعة في أيدي جهات سياسية تسعى إلى إسقاط حكم اليمين بقيادة الليكود، لكنها تجد نفسها عاجزة عن تحقيق ذلك من خلال صناديق الاقتراع"!وقال أوحانا، رئيس "اللجنة البرلمانية الخاصة لبحث قانون أساس: الدولة القومية" ورئيس اللجنة الفرعية لشؤون القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي التابعة لـ "لجنة الأمن والخارجية البرلمانية"، في حديث خاص لموقع "ميداه" اليميني نشر أمس الاثنين، إن "توقيت هذا التحقيق ليس صدفة، إطلاقا"، إذ يأتي قبل يوم واحد من التصويت المقرر على "مشروع قانون التوصيات" الذي تعارضه الشرطة أيضا، وهو ما يثبت أن الشرطة، برأيه، "تعمل، أو تُستَخدَم، لإحباط تصويت ديمقراطي وقانوني في الكنيست، من خلال اللجوء إلى طرق وأساليب عصابات المافيا"!
تطوران رئيسيان اثنان حصلا خلال اليومين الأخيرين في المساعي المحمومة التي يقوم بها حزب "الليكود" الحاكم ورئيسه، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لسن القانون الجديد المعروف باسم "قانون التوصيات" الي يمنع الشرطة من تقديم توصيات في ختام تحقيقاتها الجنائية ونشرها على الجمهور بشأن تقديم، أو عدم تقديم، لائحة اتهام ضد المشتبه به (اقرأ تغطية مفصلة عن مشروع القانون، ص 6). فمن الجهة الأولى، أعلن رئيس "لجنة الداخلية" البرلمانية وصاحب المبادرة لسن هذا القانون، عضو الكنيست دافيد أمسالِم، تأجيل جلسة اللجنة التي كان مقررا عقدها أمس الاثنين لمواصلة النظر في تحفظات المعارضة على القانون، في إطار إعداده للقراءتين الثانية والثالثة. ومن الجهة الثانية، أعلن أمسالم نفسه أنه سيجري تعديل نص "مشروع قانون التوصيات" بحيث لا يسري على التحقيقات الجارية الآن مع رئيس الحكومة، نتنياهو.
لم يعد ثمة ما يمكن تسميته بـ "الصهيونية الدينية". فقد كانت هذه وتلاشت كليا. وعلى أنقاضها، تشكلت مجموعات اجتماعية مختلفة ما يفرّق بينها هو أكثر بكثير مما يوحّدها بكثير! ـ هذه هي النتيجة التي يقررها أحد أبرز الباحثين الإسرائيليين في شؤون "الصهيونية الدينية" وأحد المنتمين إليها، البروفسور كيمي كابلان، أستاذ "التاريخ اليهودي الحديث" في جامعة بار إيلان (المؤسسة الأكاديمية التي تشكل مركزا لتيار "الصهيونية الدينية").
تعريف:
نُشرت هذه المقاربة النقدية في كراسة "دليل العالم العربي" التي صدرت في مناسبة إقامة معرض خاص للفنان تامير تسادوك في متحف تل أبيب للفنون محوره "النظرة الإسرائيلية إلى العالم العربي". وترجمت المقاربة إلى العربية كما ظهرت في الكراسة ربى سمعان من "غلوكال للترجمة والحلول اللغوية". ويقدّم كاتب المقاربة، وهو الباحث الأكاديمي والمترجم من اللغة العربية يونتان مندل، قراءة معمقة في وقائع تجذّر مفهوم "الاستعراب" داخل المجتمع الإسرائيلي في شتى المستويات، وفي مقدمها المستوى الثقافي المؤدلج بالصهيونية، والمستوى الأمني الذي ما يزال يسعى لعسكرة كل مجالات الحياة المدنية في إسرائيل. ومندل هو عضو ناشط في "منتدى التفكير الاقليمي" وظهرت مقاربته هذه باللغة العبرية في موقع المنتدى على الشبكة (المُحرّر).
الصفحة 241 من 338