"على طاولة الحكومة الجديدة" هو عنوان مشروع سياساتيّ أعده "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" يضع باحثو المعهد، في إطاره، توصيات بالإصلاحات الحيوية جداً التي ينبغي إدخالها على وجه السرعة في عمل الحكومة الإسرائيلية الجديدة وأذرعها التنفيذية المختلفة.
يذكر أن هذه الحكومة الجديدة ("حكومة الطوارئ القومية") تشكلت من تحالف حزبيّ الليكود، برئاسة بنيامين نتنياهو، و"أزرق أبيض"، برئاسة بنيامين غانتس، بصورة أساسية، إضافة إلى أحزاب صغيرة أخرى (العمل، يهدوت هتوراه، شاس) وحظيت بثقة الكنيست الإسرائيلي يوم 17 أيار الأخير، وهي الحكومة الإسرائيلية رقم 35 (منذ تأسيس الدولة) وتضرب رقماً قياسياً غير مسبوق من حيث عدد الوزراء (34 وزيراً) ونواب الوزراء، منذ إقامة إسرائيل حتى اليوم.
توزعت هذه التوصيات على الوزارات المختلفة، بحسب تخصصاتها ومجالات عملها، من خلال تحديد القضايا الحارقة التي ستكون موضوعة على طاولة الوزراء الجدد في هذه الحكومة، كل حسب تخصص وزارته.
في التوصيات العامة، تلك التي تخص "نظام الحكم" في إسرائيل، وردت أربع توصيات مركزية هي:
1. تعديل طريقة تشكيل الحكومة، لضمان إمكانية وجود خيارين اثنين لتبادل السلطة، وهو ما يرمي إلى معالجة وإصلاح الوضع الدستوري ـ القانوني ـ السياسي/ الحزبي الحالي الذي أدخل إسرائيل في أزمة حكم متواصلة تمثلت في عدم القدرة على تشكيل حكومة جديدة طوال 500 يوم، رغم إعادة الانتخابات مراراً. ويتمثل الإصلاح الموصى به هنا في وضع نص قانوني يقضي بأن يتم تكليف رئيس القائمة الانتخابية الأكبر (من حيث عدد المقاعد التي فازت بها في الكنيست) بتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية العامة وترؤس هذه الحكومة، من دون أية حاجة لتصويت منح الثقة في الكنيست.
2. إجراء انتخابات داخلية (برايميرز) في يوم الانتخابات العامة، لتعميق التزام أعضاء الكنيست ومسؤوليتهم. والمقصود هنا اعتماد طريقة "الورقة المفتوحة جزئياً"، التي تتيح للناخب تسجيل أسماء المرشحين الذين يرغب في انتخابهم على ورقة الاقتراع، الأمر الذي يفترض أن يشكل محفزاً للناخبين لاختيار مرشحين ذوي كفاءة وأهلية ضمن قوائم الأحزاب المختلفة، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى تعميق وتوسيع الشفافية في الانتخابات في كل ما يتعلق بتركيبة قائمة المرشحين، من جهة، وتقليص تأثيرات "مقاولي الأصوات"، من جهة أخرى.
3. تحسين وتطوير عمل الكنيست، كهيئة تشريعية ومُراقِبة، من خلال جملة من الإجراءات أبرزها: أ – سنّ "القانون النرويجي" بصيغته الموسعة والكاملة، بحيث يُلزم الوزراء في الحكومة بتقديم الاستقالة من عضوية الكنيست، لإتاحة المجال أمام المرشحين التالين في قائمة المرشحين بأن يدخلوا إلى الكنيست ويصبحوا أعضاء فيه، بدلاً من أعضاء الكنيست المستقيلين (من القائمة الحزبية نفسها) على ضوء انضمامهم إلى الحكومة وإشغالهم مناصب وزارية فيها؛ ب – تعديل قانون أساس:
الحكومة بحيث يتم تحديد عدد الوزراء في الحكومة بـ 18 وزيراً كحدّ أقصى وتحديد عدد نواب الوزراء بـ 4 نواب كحدّ أقصى؛ ثم اشتراط تغيير هذين العددين بتأييد ثلثيّ عدد أعضاء الكنيست، على الأقل (أي، 80 عضواً)؛ ت – تعزيز الرقابة من جانب لجان الكنيست المختلفة على الحكومة، أذرعها وعملها؛ ث – إجراء تقليص حاد جداً في عدد اقتراحات القوانين الخاصة، التي يتقدم بها أعضاء كنيست مختلفون، بمبادرات شخصية منهم؛ ج - سنّ "قانون أساس: التشريع" الذي يراد منه وبه "توضيح صلاحيات الكنيست في تشريع القوانين، تأكيد أولوية قوانين الأساس على القوانين العادية، وتحديد صلاحيات الحكومة في ما يتعلق بقدرتها على شطب/ إلغاء قوانين سنها الكنيست، كلياً أو جزئياً، على خلفية كونها "غير دستورية" لتعارضها مع أحكام نص قانون أساس ما؛ ح – اعتماد "دستور أخلاقيات" جديد لأعضاء الكنيست.
4. الأمن والديمقراطية ـ توصية بضرورة تعريف، تحديد وتوضيح العلاقة ما بين صلاحيات رئيس الحكومة وصلاحيات "الكابينيت" (المجلس الوزاري المصغر)، بما في ذلك سن تشريع قانون جديد يحدد مواعيد التئام المجلس الوزاري المصغر وطريقة اتخاذ القرارات في جلساته. ذلك أن تنظيم هذه العلاقة بنص قانوني صريح وواضح من شأنه ضمان عدم استغلال القرارات في القضايا الأمنية لضرورات المناورات السياسية ـ الحزبية، بل تصميمها وتصويبها لخدمة هدف واحد مركزي هو: المحافظة على أمن دولة إسرائيل ومواطنيها.
أما في مجال العمل والاقتصاد، فقد وردت التوصيات التالية:
1. إجراء إصلاح شامل في سوق العمل، من أجل تحسين جودة رأس المال البشري ورفع إنتاجية العمل، بما يشمل إنشاء "مجلس قومي للتعليم" يكون مكلفاً بوضع استراتيجية قومية شاملة لجهاز التعليم، للتعليم العالي ولكل مجالات التأهيل المهني؛
2. تعزيز منظومات التأهيل المهني وتقديم محفزات حكومية للانخراط في عمليات التأهيل المهني؛
3. إدخال التعديلات اللازمة على التشريعات القانونية في مجال العمل؛
4. تقليص الأعباء البيروقراطية الإدارية، بما ينبغي أن يؤدي إلى التخلص من ازدواجية التعيينات والوظائف وتداخلها في العديد من المجالات، وهو ما يشكل بوابة واسعة للفساد السلطوي الإداري.