المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1517

توصل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير التربية والتعليم نفتالي بينيت، رئيس حزب "البيت اليهودي"، أول أمس الأحد، إلى اتفاق حول ادخال تغيير رئيسي في "مشروع قانون أساس: القومية" ينص على حذف بند يسمح بالتمييز في مجال الإسكان على أساس القومية أو الدين، ليحل محله بند يحثّ على "الاستيطان اليهودي" بشكل عام. والمقصود هو البند "7 ب" من مشروع القانون، الذي يدفع به قدماً حزب الليكود، وتأمل الحكومة بأن تتم المصادقة عليه بصورة نهائية قبل نهاية الشهر الحالي.

 

وحذر مستشارون سياسيون وقانونيون وآخرون من أن صيغة هذا البند تمييزية، وقد تثير ردود فعل ضد إسرائيل في الساحة الدولية.

وفي محاولة لكسب دعم أوسع لمشروع القانون وإسكات الأصوات المتعالية ضده، اقترح بينيت صيغة يتم من خلالها حذف البند واستبداله بدعوة لتعزيز الوجود اليهودي في المناطق التي تسكنها أغلبية عربية.

وقال بينيت في بيان له إنه بعد مفاوضات مع رئيس الحكومة، تم الاتفاق على صيغة جديدة لهذا البند تنصّ على أن "الدولة ترى في تنمية الاستيطان اليهودي قيمة قومية وستعمل على تشجيع وتعزيز إنشائه وتدعيمه".

وأضاف بينيت أن النسخة الجديدة من مشروع القانون ستُعرض على لجنة للكنيست قبل التصويت النهائي عليها في الكنيست لتصبح قانونا قبل خروج الكنيست في عطلة صيفية يوم 22 تموز الحالي. وأشار أيضاً إلى أن مشروع القانون هو تشريع هام لا ينبغي تأجيله، على الرغم من التوترات على الحدود الجنوبية لإسرائيل مع قطاع غزة، وعلى حدودها الشمالية مع سورية.

وشارك آلاف الأشخاص، مساء السبت الماضي، في تظاهرة أقيمت في وسط مدينة تل أبيب ضد "مشروع قانون القومية". وسار المتظاهرون من "ميدان رابين" في المدينة وحتى شارع "ديزنغوف"، حيث أقيم مهرجان خطابي تحدث فيه عضوا الكنيست أيمن عودة من القائمة المشتركة، وتمار زاندبرغ رئيسة ميرتس، ومندوبون من منظمات المجتمع المدنيّ.

وتطرقت زاندبرغ إلى تفاقم الوضع الأمني في منطقة الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، فقالت إن هذا التفاقم حدث لكون الحكومة لا تمتلك أي حلّ لمشكلة غزة، وأكدت أن كل ما لدى الحكومة هو الدفع قدماً بقوانين عنصرية، على غرار "مشروع قانون القومية"، الذي وصفته بأنه "قانون أساس: العنصرية".

وأكد مندوبو منظمات المجتمع المدنيّ أن أكثر ما يؤخذ على مشروع القانون المقترح أنه يجرّد اللغة العربية من مكانتها كلغة رسمية في إسرائيل، ويكرّس الرموز اليهودية للدولة، علاوة على تعريفها بأنها دولة قومية لليهود، وسماحه بإمكان إقامة تجمعات سكانية على أساس عرقي أو ديني. وأشاروا إلى أن مشروع القانون واجه انتقادات شديدة من رئيس الدولة الإسرائيلية رؤوفين ريفلين، وتعرّض إلى انتقادات من عدة جهات خارج إسرائيل مثل الاتحاد الأوروبيّ وغيره.

وألقت رونق ناطور، المديرة العامة المشاركة لجمعية سيكوي، الجمعية العربية اليهودية لدعم المساواة في إسرائيل، كلمة في التظاهرة أكدت فيها أن مساعي الحكومة لفرض وطن حصري لليهود دون سواهم في إسرائيل ستبوء بالفشل، كما حذرت من أن المقصود بهذه السلسلة من التشريعات هو إشغال المواطنين بصراعات تنسيهم العدو الأساسي وهو الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني.

ومما جاء في خطاب ناطور: "لا يوجد أي فلسطيني من مواطني إسرائيل الذين يتظاهرون اليوم هنا، لم يسأل نفسه: لماذا نحن كأقلية أصلانية وكمواطنين نعاني التمييز منذ قيام الدولة وحتى اليوم، ننتفض ضد قانون القومية؟ لماذا نعارض قانونا أتى لمصادرة مساواة غير قائمة أصلا؟ وما دام انتماؤنا وملكنا لهذا المكان غير مرهون بأي تشريعات ومهما يكن مصدرها، فلماذا كل هذا الضجيج؟ لماذا نقف اليوم هنا من مختلف الشرائح بعدما تمكنت هذه الحكومة والحكومات السابقة من قطع مشوار طويل في شرعنة القوانين العنصرية، المعادية للديمقراطية والمناهضة للأقلية العربية في البلاد، مثل قانون النكبة ومنع الآذان وغيرهما؟ على ما يبدو بتنا ندرك كلنا بأن جنون الرموز اليهودية للدولة وتفضيلها على الرموز الديمقراطية في قانون أساس، وإلغاء المكانة الرسمية للغة العربية والمس بحقوقنا الأساسية كأقلية أصلانية تشكل اللغة العربية جزءا من هويتنا وإرثنا وثقافتنا، وشرعنة التمييز العنصري والفصل في أماكن السكن على خلفية قومية أو دينية وبشكل جارف حتى دون أي شرط، يهدف إلى تكريس البنية الهرمية بين اليهود وكل من هم سواهم في هذه الدولة، ما يعني المحاولة للقضاء على أي أمل بإقامة حياة مشتركة وتحقيق المساواة".

وأنهت خطابها بالقول: "تحاول هذه الحكومة إقناعكم، أيها اليهود، بأن لغة هذا المكان، اللغة العربية، هي لغة مخيفة، وبأن إحياء النكبة والاعتراف بالغبن التاريخي الذي تسببت به الدولة لنا كفلسطينيين هو أمر خطر، وبأن سكني أو سكننا نحن الفلسطينيين بجواركم هو أمر مخيف، لذا يجب منعنا من ذلك. وكل القوى الموجودة هنا اليوم تعمل دون توقف من أجل بيت مشترك الجميع. ولن نتوقف أمام إصرار هذه الحكومة السيئة على التحريض والتفرقة بيننا".

وكان رئيس الدولة أعرب، يوم الثلاثاء الماضي، عن معارضته للقانون في شكله الحالي، وقال إن مشروع القانون قد يسمح بإنشاء بلدات تقوم على سبيل المثال على استبعاد يهود من أصول شرق أوسطية أو يهود حريديم أو مثليين.

وأعرب المستشار القانوني للكنيست إيال يانون، والمستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت ونائبه راز نزري، عن معارضتهم للتشريع أيضا.

وفي حال تمريره سيصبح مشروع القانون واحداً مما تُسمى بقوانين الأساس، وهي مثل الدستور يرتكز عليها النظام القانوني الإسرائيلي، ويكون إلغاؤها أكثر صعوبة من القوانين العادية.

وبالإضافة إلى البند المتعلق بـ"المجتمعات الحصرية"، ينص مشروع القانون على جعل اللغة العبرية اللغة الرسمية الوحيدة في إسرائيل، وتخفيض مكانة اللغة العربية من لغة رسمية إلى لغة ذات مكانة خاصة. كما ينص أيضا على إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وعلى توضيح الصلة بين يهود الشتات والدولة، واعتبار التقويم العبري التقويم الرسمي للدولة، وكذلك الاعتراف بيوم الاستقلال وأيام الذكرى والأعياد اليهودية.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات