نشر قسم الرقابة على صناديق المرضى والخدمات الصحية الأخرى في وزارة الصحة الإسرائيلية، قبل أيّام، التقرير الذي يلخص نشاطات صناديق المرضى للعام 2022. وقال فيه: تعتمد البيانات على التقارير المالية المدققة للصناديق للعامين 2021 و2022، وحساباتها المالية، وتقارير المحاسبين المرافقة لها نيابة عن وزارة الصحة.
ويتبيّن أنه في العام 2022، كان هناك ارتفاع كبير في العجز الإجمالي (بما في ذلك أموال الدعم) لصناديق المرضى: من فائض بحوالي 82 مليون شيكل في العام 2021 إلى عجز كبير بحوالي مليار و 536 مليون شيكل في العام 2022، بعد الدعم.
وتقدّر وزارة الصحة أن السبب الرئيس لارتفاع العجز هو انخفاض إيرادات الدعم بسبب النشاط الطبي الذي اقتضته مواجهة وباء كورونا، وتوقف جزء كبير من الدعم المخصص للتعامل مع كورونا. ومن دون الدعم بسبب نشاط مواجهة كورونا، يصل العجز الإجمالي لصناديق المرضى إلى نحو 3.2 مليار شيكل مقارنة بعجز بدون دعم كورونا بنحو 3.1 مليار شيكل في العام 2021.
وفقاً لبيانات الربع الأول من العام 2023 فإن عجز صناديق المرضى سيتفاقم ومن المتوقع أن يؤدي إلى مشكلة سيولة نقدية للصناديق في الربع الرابع من العام الحالي: من المتوقع ازدياد حجم العجز السنوي في العام 2023 ليبلغ حوالي 3 مليارات شيكل، وهو ما يقارب ضعفي العجز الكلي في العام 2022 وعجزاً بنحو 5 مليارات شيكل بدون ميزانيات الدعم لتثبيت الاستقرار الحالي، والذي يصل إلى حوالي 2 مليار شيكل.
إجمالي الدعم في صناديق المرضى بلغ حوالي 6.3 مليار شيكل، وهذه نسبة عالية جداً تبلغ حوالي 10.3% من تكلفة السلة الصحية، ومن هذا المبلغ هناك حوالي 1.7 مليار شيكل دعم للقطاع الصحي لسدّ نفقات مواجهة فيروس كورونا. مثل هذا المعدل المرتفع من الدعم هو، في الواقع، تمويل ميزانية، لأن مجرد وصوله في كثير من الحالات في نهاية العام، وبكونه مصحوباً بعدم اليقين بشأن مقدار الدعم، فهو يضر بالخدمة المخصصة للمرضى، ومماثل للإضرار بقدرة صناديق المرضى على تخطيط أنشطتها الحالية وتحديد الخطط طويلة المدى.
الأمر سيتطلب تسوية جذرية فيما يتعلق بالميزانية والتنظيم
يضيف التقرير: تشير النتائج المالية للعام 2022، إلى جانب توقع حدوث عجز أكبر في العام 2023، إلى الحاجة للتدخل الحكومي المباشر خلال هذا العام وليس لاحقاً، وذلك قبل اندلاع أزمة سيولة نقدية في جهاز الصحة، وهي حاجة تمت مناقشتها على مدار العام الماضي وكان من الواضح أن الأمر سيتطلب تسوية جذرية فيما يتعلق بالميزانية والتنظيم.
كذلك، وفقاً لحجم العجز المتوقع، من الواضح أنه إلى جانب الميزانية الإضافية التي ستكون مطلوبة، سيُطلب من صناديق المرضى أيضاً تنفيذ التنجيع الداخلي، على الرغم من أن تدابير التنجيع هذه يجب تنفيذها دون المساس بنطاق ونوعية الرعاية والخدمات الصحية المقدمة للمؤمّن عليه بهدف تقليل هذا العجز. ومن الواضح أيضاً، يشدّد التقرير، أنه بعد الانتهاء من مواجهة العجز، وعندما يتم تخصيص الميزانية المطلوبة مقدماً من خلال السلة للصناديق من أجل القيام بأدائها الملائم، سيُطلب منها الالتزام الكامل بموازنتها دون استثناء وسيتم تطبيق إجراءات الحوكمة المناسبة. سيتم تنفيذها لضمان ذلك، بما يشمل: آليات العقوبات في حالة عدم الالتزام بالموازنة والمبادئ التوجيهية، وآليات الإبلاغ وحوكمة الشركات وأدوات الإنفاذ والواجبات الإدارية الأخرى.
قسم من خطط التنجيع الممكنة يقع في مجال مصاريف رواتب الأطباء المستقلين العام 2022 والتي ارتفعت بنسبة حوالي 7% مقارنة بالعام 2021. وقد يتطلب معدل الزيادة هذا التدخل وتحديد ترتيبات وقواعد خاصة بالموضوع في مجموعة متنوعة من الأدوات المتاحة أمام الصلاحيات المخولة بها الحكومة، بما في ذلك التدابير الخاضعة لسلطة مفوض الرواتب، وفحص استخدام المادة 30 من قانون التأمين الصحي الرسمي (القاضي بأنه يجوز لوزير الصحة أن يقرر أن بعض العقود بين صندوق الصحة ومقدم الخدمة أو مع صندوق صحة آخر، تتطلب موافقته).
وينوّه التقرير إلى أن القرارات الحكومية التي اتخذت في الأعوام الأخيرة بشأن تحديث مؤشرات غلاء تكلفة الرعاية الصحية والنمو الديمغرافي، قد أدت إلى زيادة أساس تكلفة السلة وتحديثها من الآن فصاعدا، ولكن لو كانت نفس القرارات المنهجية قد اتخذت في بداية العام السابق لعقد من الزمن، كان من الممكن أن يرتفع أساس تكلفة السلة بمبلغ إضافي يبلغ نحو 3.4 مليار شيكل، وهو ما يلغي الحاجة إلى أموال الدعم في معالجة العجز القائم وحتى تمكين توسيع الخدمات. ومع تسارع معدل شيخوخة السكان، فإن هذه التحديثات ما تزال لا تعكس بشكل كامل الزيادة المتوقعة في الأعوام القادمة في استهلاك الخدمات الصحية وزيادة معدلات الإصابة بالأمراض والنفقات المختلفة، كما أن تحديث العامل الديمغرافي مسبقاً سيسمح بتكييف الخدمات الصحية مع احتياجات شيخوخة السكان وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض من دون وضع أموال خزينة الدولة في دوامة عجز لا يمكن السيطرة عليها.
ازدياد في نسبة المؤمّنين مقابل خدمات أقلّ من معدّل OECD
وفقاً للمعطيات التي نشرتها وزارة الصحة، ازداد مجمل عدد المؤمّنين في برامج خدمات الصحة الإضافية في العام 2020 بحوالي 2.6% بالمقارنة مع العام 2019. منذ نهاية العام 2003 وحتى العام 2020 ازداد عدد المؤمّنين في صناديق المرضى في إسرائيل بنسبة حوالي 33%، مقابل زيادة في عدد المؤمنين في برامج خدمات الصحة الإضافية بنسبة حوالي 54%. في المقابل، استمرت الزيادة في انضمام المؤمّنين أيضاً إلى الدرجة الثانية من خدمات الصحة الإضافية. الازدياد المتواصل في نسبة المؤمّنين الذين يرغبون في الانضمام إلى برامج خدمات الصحة الإضافية من الممكن أن تكون نابعة من انخفاض رسوم الانضمام في الأعوام الأخيرة بحوالي 21%، ومن تحسين الخدمات المقدمة في إطار هذه البرامج.
بالمقابل، فإن حجم الخدمات التي يتلقاها المؤمّنون، أقلّ من المعدّل في دول منظمة الـ OECD. ويُستدل من تقارير المنظمة قبل 3 أعوام أن نسبة الإنفاق على الصحة من الناتج العام في إسرائيل تبلغ 7.5% وهي أقل من معظم دول الـOECD (الموقع 27 من بين 37 بتدريج الدول) ومن المعدل في دول المنظمة الذي وصل إلى 8.9%. ونسبة الإنفاق العامة من مجمل الإنفاق على الصحة هو من بين الأقل في OECD ويصل إلى 65%، مقابل 74% بالمعدل في المنظمة (المركز 31 من بين 38 في تدريج الدول).
أما نسبة الأطباء الفعالين لكل ألف نسمة فهو أقل بحوالي 9% من المعدل في دول OECD ويصل إلى حوالي 3.3 طبيب لكل ألف نسمة. كذلك، فإن نسبة الممرضات لكل ألف نسمة هو من بين الأقل في المجموعة ويصل إلى حوالي 5 ممرضات لكل ألف نسمة.
في إثر هذا التقرير، عقدت لجنة الصحة في الكنيست جلسة "لبحث الأوضاع المالية لصناديق المرضى في البلاد، وتقرير وزارة الصحة يشير لعجز مالي بقيمة مليار ونصف شيكل عن العام 2022". وقال رئيس اللجنة عضو الكنيست أوريئيل بوسو في مطلع الجلسة إن الهدف هو: "أن نتأكد من أن صناديق المرضى ستواصل تقديم الخدمات بشكل متواصل وبصورة جيدة، وأن أوضاعها المالية لن تلحق أي ضرر بالجمهور".
نائب مدير عام الرقابة على صناديق المرضى والخدمات الصحية في وزارة الصحة، ليئور باراك، حذّر بدوره من أنه "حسب المعطيات القائمة، سيعاني قسم من صناديق المرضى من مشاكل مالية في نهاية العام، وسيكون الحل من جهتها عدم تمرير الأموال إلى المستشفيات الحكومية". وتطرق باراك إلى الخطوات التي تنوي الحكومة القيام بها من أجل دعم استقرار الأوضاع الاقتصادية لصناديق المرضى ومن بينها تحديث المعيار الديمغرافي الذي تم تحديثه قبل عام ولم يكن كافيا، وتحديث مؤشر غلاء الصحة وذلك من بين الأمور بسبب اتفاقيات الأجور التي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ خلال العام القادم وهي لم تتجسد بعد ضمن المؤشر الحالي.
كذلك قال إن خطوات الحكومة تجاه صناديق المرضى التي لم تستوفِ التزاماتها بموضوع موازنة أوضاعها الاقتصادية، ستتم فقط بعد أن تحصل على ميزانيات ملائمة لاحتياجاتها: "في حال نجحت الحكومة بمنح الأموال لصناديق المرضى عبر مؤشرات واقعية لمساعدتها على الالتزام بواجباتها المالية، فلن نسمح لها عندها بالخروج والانحراف عن ميزانياتها. في اللحظة التي توفر فيها جميع الموارد المطلوبة فإنه بإمكانك أن تطلب منها إدارة ميزانياتها بشكل مسؤول وصحيح".
من جهة أخرى، فإن غايا عفار، من قسم الميزانيات في وزارة المالية، قالت: "هذا الموضوع يقلقنا جدا. كانت في الفترة الأخيرة خطوات لوزارة الصحة وقد تخوفنا من أنها ستؤدي إلى نتائج عكسية مثل تجميد المشاركة الذاتية (للصناديق) وغيرها. نحن سعداء أن الوزارة قد تجندت الآن ونحن نلتقي بممثلي الوزارة وصناديق المرضى من أجل محاولة التوصل إلى حلول". وفي رده على أقوالها، قال رئيس اللجنة: "عدا عن الجلسات يجب تخصيص الميزانيات. وحتى عندما يتم الحديث عن تقليصات في الوزارات يجب أن نتذكر أن التقليص في الصحة هو ضرر مباشر يمسّ توفير الخدمات الصحية الأساسية للمواطنين. صناديق المرضى تقوم بعمل مقدس ويجب عليها أن توفر الخدمات وعلينا أن نساعدها على ذلك، من دون أن نقلل من الضغط عليها بطلب توفير الخدمة".
تعقيبات ممثلي صناديق المرضى: على الدولة إيجاد الحلول
روعي كوهين من صندوق المرضى العام "كلاليت" قال: "نحن في فترة ما بعد كورونا. طلبات الخدمات الصحية في ازدياد. لدينا ارتفاع بمئات النسب بما يخص الزيارات الهاتفية، وزيادة بنسبة 17% في مصاريف الطوارئ. نحن نقوم باستثمار الملايين في السايبر والبنى التحتية وكل ذلك يحتاج إلى ميزانيات مناسبة. الحكومة تقوم بالتوقيع على اتفاقيات أجور بمليارات الشواكل مع تعويض جزئي فقط لنا، وهذا، إلى جانب عوامل أخرى، قد يسفر عن نقص في ميزانيات صناديق المرضى. لتوفير الاحتياجات، هناك حاجة إلى 5-6 مليارات شيكل للجهاز الصحي. وفي المقابل يجب التأكد من وجود آليات لتحديث المعطيات بما يخص شيخوخة المجتمع واتفاقيات الأجور".
موريس دروبمان من صندوق "مكابي" قال: "لم يقم أيّ منا بتلقي الأموال لجيبه في نهاية العام. لدينا مشكلة بنيوية بدأت مع كورونا وهي الفجوة بين المصروفات والمدخولات. يجب على الدولة أن تجد الحلول وأن تجسر الفجوة في المدخولات".
إيتاي كلاتنيك من صندوق "مئوحيدت": "صناديق المرضى هي هيئات ناجعة ونحن نقوم باستغلال كل الميزانيات الممنوحة لنا. نحن نعاني منذ عدة أعوام من نقص مالي متواصل ومن تآكل جهاز الصحة. قمنا بخطوات لتنجيع العمل بدرجة عالية ومن دون إلحاق أي ضرر بالخدمات، بما في ذلك إقالات واسعة، تطوير خدمات محوسبة، تقليص أجور كبار الموظفين، ولكن في نهاية الأمر إذا لم يتم توفير الحلول فإن من شأن ذلك أن يُلحق الضرر بالمؤمّنين".
هرئيل شرعبي من صندوق "ليئوميت" قال: "في كل قطاع الصحة في العالم هناك نقص في الأيدي العاملة وهذا الأمر يتعدى موضوع الخدمات المقدمة للمؤمّنين، يوجد لذلك أيضا مغزى اقتصادي بسبب ارتفاع التكاليف التي علينا أن ندفعها. ومن دون حلّ هذه الأزمة لن يتوازى الطلب مع العرض مما سيؤدي إلى ازدياد التكاليف".