"اتجاهات جديدة" في الخطاب السياسي الإسرائيلي الراهن؟
توطئة
عقد في الفترة ما بين 21/1- 24/1/2007 مؤتمر هرتسليا السابع حول "ميزان المناعة والأمن القومي" الإسرائيلي الذي ينظمه "معهد السياسة والإستراتيجية" و"مدرسة لاودر للحكم والدبلوماسية والإستراتيجية" في "المركز بين المجالي" في هرتسليا. وقد اختتم المؤتمر، كما جرت العادة، بخطاب سياسي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت.
لا شك أن نتائج الحرب على لبنان، وفي مركزها الفشل العسكري الإسرائيلي وتآكل قدرة الردع لدى الجيش، شكلت السبب الرئيس خلف إعادة غابي أشكنازي من الحياة المدنية وتعيينه رئيسًا لهيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي (وهو الرئيس الـ19 لهذه الهيئة) خلفًا للجنرال دان حالوتس، الذي استقال من هذا المنصب قبل إتمام ولايته القانونية وعلى خلفية النتائج السالفة وما تلاها من تطورات سياسية وجماهيرية.
شدّد الجنرال دان حالوتس، في حفل تنصيبه رئيسًا لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء، الفاتح من حزيران 2005، على أن الجيش سينفذ "خطة فك الارتباط" وفقًا لقرارات الحكومة والكنيست الإسرائيليين
وقال حالوتس، في حفل تنصيبه الذي جرى في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن الجيش الإسرائيلي سينفذ خطة فك الارتباط "بالحساسية المناسبة وبالحزم المطلوب". واعتبر خلال حديثه عن فك الارتباط أن "دولة إسرائيل تقف أمام تنفيذ عملية جوهرية وهامة تتعلق بمستقبلها".
بعيداً عن الإهتمام الجماهيري والإعلامي، وفي هامش المنظومة السياسية، جرت المنافسة على رئاسة "ياحد"، حزب اليسار الجديد في إسرائيل - هكذا أجملت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الإنتخابات التي جرت يوم 16 آذار/مارس 2004 لإختيار رئيس للحزب المذكور، والتي فاز فيها يوسي بيلين على منافسه، عضو الكنيست ران كوهين، بفارق 7 بالمئة (حصل بيلين على 53,5 بالمئة من الأصوات، فيما حصل ران كوهين على 46,5 بالمئة منها).
عمرام متسناع، جنرال (احتياط) في الجيش الإسرائيلي، ومن القياديين البارزين في حزب العمل. قضى معظم فترة خدمته العسكرية في سلاح المدرعات وحصل على وسام البطولة من قائد الأركان في حرب تشرين (أكتوبر) 1973.
مما لا ريب فيه، أن المظهر الأبرز في المشهد الإسرائيلي العام المطل من خلف صورة الحملة العسكرية الواسعة، التي تشنها إسرائيل منذ ما يزيد على عشرين شهراً ضد الشعب الفلسطيني، بهدف إخماد انتفاضته، كان ولا يزال المظهر المتمثل بتكتل واصطفاف المجتمع الإسرائيلي على اختلاف مكوناته وتشكيلاته ومؤسساته الفاعلة، خلف هذه الحملة وأهدافها المعلنة. وازداد طغيان هذا المظهر وتجلى بوضوح أشد منذ أن شرعت حكومة أريئيل شارون في حرب الإجتياح وإعادة الإحتلال الدموية (التي تسميها حكومة شارون عملية "السور الواقي") لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية. غير أن هذا الوضوح الشديد في ما يسود المشهد الإسرائيلي لا يمثل بطبيعة الحال كامل الصورة بكل أبعادها وثناياها، إذ من المعلوم أنه كان لهذه الحملة العسكرية الإسرائيلية في شتى مراحلها ومسمياتها، إفرازازت وتداعيات داخلية عديدة، والتي، وبصرف النظر عن وزنها وآثارها العملية، لم تزل تتفاعل على الساحة الداخلية الإسرائيلية
الصفحة 59 من 61