*التفوق العسكري والتكنولوجي لدى إسرائيل لا يمنع أن تكون في حالة دونية من ناحية إستراتيجية*
تعريف
أصدر "معهد ريئوت" للتخطيط الإستراتيجي، في نهاية شهر تموز الماضي، تقريرا حول أحداث أسطول الحرية التركي والتطورات التي أعقبت ذلك تحت عنوان: "القافلة إلى غزة: كيف انهار سور النار السياسي الإسرائيلي؟". ووصف المعهد التقرير بأنه "تحقيق يستند إلى إطار مفهومي فحواه: تحدي نزع الشرعية عن إسرائيل- خلق سور النار السياسي". ويشار إلى أن "معهد ريئوت" يعنى بالجانب الفكري في مجال السياسة العامة، ويدعم عملية صناعة القرارات الإستراتيجية لحكومة إسرائيل. ويزود المعهد خدماته، من دون مقابل، للهيئات المختلفة في حكومة إسرائيل، ويتلقى تمويله من التبرعات. وكان المعهد قد أصدر تقريرًا سابقًا في إطار هذا المفهوم نفسه عقب الحرب على غزة وصدور تقرير لجنة غولدستون وقام مركز "مدار" بترجمته وإصداره ضمن سلسلة "أوراق إسرائيلية" (العدد رقم 51).
تدأب بضع جهات في إسرائيل على وصف خطة رئيس الوزراء الفلسطيني، الدكتور سلام فيّاض، الرامية إلى وضع حدّ للاحتلال الإسرائيلي وإعلان إقامة دولة فلسطينية مستقلة في أواسط العام 2011، حتى لو لم يكن هناك اتفاق مع إسرائيل في هذا الشأن إلى ذلك الوقت، والتي حظيت إلى الآن بتأييد الرباعية الدولية، بتعبير "الهجمة الدبلوماسية الفلسطينية"، وذلك في موازاة التأكيد أن هذه الخطة تثير قدرًا كبيرًا من القلق والإحراج في أوساط المؤسسة السياسية الإسرائيلية، فضلاً عن المؤسسة الأمنية.
مدخل
يبدو في الظاهر كما لو أن إسرائيل رحّلت، بحلول نهاية العام 2009، ملفاتها الأمنية والعسكرية والسياسية إلى العام الجديد، 2010، غير أنها في واقع الأمر عملت طوال العام الماضي على صيانة ما حققته من وراء الحرب على غزة وحرب لبنان الثانية (في صيف 2006)، وهو ما تصفه إسرائيل بـ "الردع". وينبغي القول منذ البداية إن القيادة الأمنية والعسكرية تجمع على أن حالة "الردع" مقابل حماس وحزب الله ليست مستقرة، وذلك في ضوء التقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن تزايد قوة الحركتين بدعم من إيران وسورية، وخاصة وجود صواريخ تغطي كافة أرجاء إسرائيل في حيازتهما.
[من وقائع يوم دراسي بعنوان "العلاقات الإسرائيلية- التركية إلى أين؟" عقد في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب واشترك فيه السفير التركي وعدد من المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين]
المحر جنرال في الاحتياط، عاموس غلعاد، رئيس القسم الأمني- السياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية، إلى أن الحرب على غزة [التي استمرت خلال الفترة الواقعة بين 27/12/2008- 17/1/2009 تحت اسم "عملية الرصاص المسبوك"] كانت مرهونة، بالأساس، بوجود "مخطط" لدى حركة "حماس" يقضي بجعل سنة 2009 "سنة منعطف إستراتيجي، يكون نتيجة لتحقيق هدف السيطرة على السلطة الفلسطينية ومن ثم على منظمة التحرير الفلسطينية. وبذا يكون في إمكانها أيضًا أن تعمق أواصر العلاقة مع الإخوان المسلمين في الأردن ومصر". وشدّد على "أن يوم التاسع من كانون الثاني 2009 كان التاريخ المحدّد لانطلاق هذا المخطط، نظرًا لتزامنه، على المستوى الفلسطيني، مع انتهاء ولاية الرئيس محمود عباس (أبو مازن)". وفي رأيه فإن العملية العسكرية الإسرائيلية "جعلت من الصعوبة بمكان تنفيذ هذا المخطط"، وأدّت "إلى تراجع نفوذ حماس إلى حدّ كبير".
مدخل
تجمع البرامج السياسية- الأمنية للأحزاب الإسرائيلية الثلاثة الكبرى، الليكود وكديما والعمل، على "لاءات" إسرائيلية تقليدية، تتمثل في عدم الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين وعدم الانسحاب من القدس الشرقية وخصوصا من منطقة البلدة القديمة وعدم الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران العام 1967.
الصفحة 57 من 61