تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

[من وقائع يوم دراسي بعنوان "العلاقات الإسرائيلية- التركية إلى أين؟" عقد في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب واشترك فيه السفير التركي وعدد من المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين]

(*) أجمـع المشتركون في اليوم الدراسي الخاص بعنوان "العلاقات الإسرائيلية- التركية إلى أين؟"، الذي عقده "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب في 12 آذار (مارس) 2009، في معظمهـم، على أن الأزمة التي اعتورت هذه العلاقات، وخصوصًا في إثر الحرب الإسرائيلية على غزة مؤخرًا، لا تعدو كونها "سحابة صيف" عابرة، ولن تؤثر على عمق العلاقات الإستراتيجية التي تربط بين الطرفين وتعود إلى ستين عامًا خلت.

ولعل أكثر ما يلفت النظر أن هذا الحكم ورد بداية على لسان السفير التركـي في إسرائيل، ناميـق مـان، الذي كان أول المتحدثين في اليوم الدراسي. ومن ثمّ تكرّر على لسان غالبية المسؤولين السياسيين والعسكريين الذين اشتركوا معه.

"إسرائيل لن تجد صديقًا أفضل من تركيـا"

ومما جاء في أقوال السفير التركي أيضًا أن إسرائيل ليس في إمكانها أن تعثر على صديق أفضل من تركيا في المنطقة، التي تعيش الدولتان فيها. وأن العلاقات بين الدولتين مهمة للغاية ليس فقط لهما، وإنما على الصعيدين الإقليمي والعالمي أيضًا، ذلك أنها علاقات ذات طبيعة إستراتيجية تقوم على أسس متينة وراسخة.

وأضاف: إن هذه العلاقات تنطوي، من ناحية تركيا، على أهمية عليا. لا توجد لدينا علاقات إستراتيجية مع دول كثيرة. إن مثل هذه العلاقات قائمة مع إسرائيل والولايات المتحدة فقط. صحيح أن لتركيا علاقات جيدة وعميقة للغاية مع دول أخرى، غير أنها لا تتميز بكونها إستراتيجية. وأعتقد أن مجرّد هذا الأمر يجعل العلاقات الإسرائيلية- التركية شديدة الخصوصية في هذه المنطقة من العالم.

ونوّه السفير التركي، في الوقت نفسه، بما أسماه "التاريخ الإيجابي بين الأتراك واليهود" منذ القرن الرابع عشر، حين وجد اليهود ملاذًا آمنًا في حضن الإمبراطورية العثمانية في إبان تعرضهم للملاحقة في أوروبـا. "كما أننا استضفنا يهودًا كثيرين حاولوا الهرب من فظائع المحرقة النازية في أثناء الحرب العالمية الثانية. وفي وقت لاحق ولدى إقامة دولة إسرائيل كانت تركيا ثاني دولة، بعد الولايات المتحدة، تعترف بإسرائيل".

وتابع: نحن على استعداد، منذ الآن، لاستئناف الوساطة بين إسرائيل وسورية، إذا ما كان الطرفان راغبين في ذلك. ولا يهم ما إذا كان إيهود أولمرت أو بنيامين نتنياهو هو رئيس الحكومة الإسرائيلية. وتعتقد تركيا أن السلام بين الدولتين سيعود بالنفع على كلتيهما وعلى أطراف أخرى.

وفيما يتعلق بموقف تركيـا إزاء حركة "حماس" قال السفير التركي في إسرائيل: إننا نقول إنه يتعين على "حماس" أن تنخرط في العملية السياسية. لقد باتت هذه الحركة أمرًا واقعًا [في غزة] ولا يمكن التوصل إلى سلام من دونها. إننا ندرك أن "حماس" أقدمت على أمور ليست مقبولة، لكننا ما زلنا نعتقد أنه يجب دمجها في عملية التسوية.

ولدى انتقاله إلى الحديث عن العلاقات الحميمة بين الطرفين قال السفير التركي: لقد استضفنا، خلال العام الفائت، أكثر من نصف مليون سائح إسرائيلي. وفي شهر آب (أغسطس) الفائت بلغ عدد الرحلات الجوية اليومية 62 رحلة، وهو رقم قياسي من ناحية إسرائيل، يفوق حتى عدد الرحلات الجوية إلى الولايات المتحدة. إن الإسرائيليين يشعرون بالأمان في تركيـا وهم مغرمون كثيرًا بالأطعمة وحسن الضيافة والأسعار العامة. وبلغ حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيـا خلال سنة 2008 أربعة مليارات دولار، وكدنا نقترب من خمسة مليارات دولار لولا انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية في الآونة الأخيرة. إننا نتقاسم وجهات النظر الثقافية نفسها، وبناء على ذلك لدينا منظومة علاقات تتسم بالإستراتيجية.

وتطرق إلى الأزمة الأخيرة في العلاقات بين الطرفين فقال: "عندما تكون هناك قضايا هي موضع خلاف فإن إسرائيل وتركيا تتبادلان الآراء بشأنها في منتهى الجدية. فنحن نتعامل بشفافية كما تتعامل إسرائيل أيضًا، وذلك لأننا دولتان ديمقراطيتان. لكن في الوقت نفسه لا يجوز لأي كان أن يعتقد كما لو أن العلاقات بين الدولتين مفهومة ضمنًا، ولذا تحدث خلافات في الرأي لا أريد التوقف عندها، لأنها لم تعد ذات صلة في الوقت الحالي، علاوة على أننا مطالبون بأن ننظر إلى الأمام فقط".

من ناحية أخرى انتقد السفير التركي وسائل الإعلام الإسرائيلية وأسلوب تعاطيها مع الأزمة الأخيرة، وأخذ عليها أنها أضفت "سمة التطرّف على الموضوعات قيد الخلاف". وقال بلهجة حادة: "أتحدى الجميع أن يأتوا إليّ بجانب واحد من الجوانب المتعددة في منظومة العلاقات التركية- الإسرائيلية تعرّض للعرقلة أو الانكفاء أو الإلغاء [خلال الأزمة الأخيرة]. وعلى الرغم من ذلك فقد ادعت وسائل إعلام إسرائيلية، زورًا، حدوث أشياء من هذا القبيل".

وتكلم في هذا اليوم الدراسي، بالإضافة إلى السفير التركي، كل من اللواء احتياط عاموس غلعـاد، رئيس القسم السياسي- الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية ود. ألون ليئيـل، الذي تقلد سابقًا منصب السفير الإسرائيلي في تركيا ومدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية والبروفسور عميكام نحمـاني، أستاذ العلوم السياسية والباحث في "مركز بيغـن- السادات للدراسات الإستراتيجية" في جامعة بار- إيلان وحيزي كوغلـر، مدير عام وزارة البنى التحتية الوطنية ورافـي باراك، نائب مدير عام وزارة الخارجية لشؤون أوروبـا. وأجمل اليوم الدراسي د. عوديد عيـران، رئيس "معهد دراسات الأمن القومي".

تركيا- رصيد إستراتيجي لإسرائيل وأمنهـا القومي

وقد عرض كل من كوغلـر وباراك بضعة جوانب من التعاون القائم بين إسرائيل وتركيا في المجالات الدبلوماسية والصناعية والبنى التحتية والتي تميزت ولا تزال، وفق قولهمـا، بالعُمق الكبير والتنوّع والتنسيق الوثيق.

وثمن باراك، على نحو خاص، دور تركيـا في توسيع نطاق علاقات إسرائيل الدبلوماسية في مناطق مختلفة من العالم ليس في إمكانها الوصول إليها قطّ، من دون الوساطة التركية. وكشف النقاب عن أن هذا الدور سينسحب على القارة الأفريقية قريبـًا، حيث تقوم تركيـا في الآونة الأخيرة بحملة دبلوماسية مكثفة توشك أن تسفر عن فتح ممثليات كثيرة لها هناك، ولا شكّ في أنها ستعود بمنفعة مباشرة على إسرائيل في المستقبل المنظور.

وركز عاموس غلعاد، من ناحيته، على أن حاجة إسرائيل إلى أحلاف إستراتيجية متينة وعميقة، على غرار الحلف الإستراتيجي مع تركيـا، تبقى أهم كثيرًا من سحابة صيف عابرة. وأكد أن تركيا هي حليف مهم من ناحية إسرائيل، فضلاً عن كونها دولة ديمقراطية حقيقية، وذات صحافة حرّة.

وعدّد غلعاد الأفضليات التي تتميز تركيا بها، من وجهة نظر إسرائيل السياسية والأمنية، على الوجه التالي:

- تُعتبر تركيـا نموذجًا وقدوة لمحاربة "الإرهاب" بصورة مطلقة وحازمة. وفي هذا الشأن قال إن تركيـا لقنت سورية، مثلاً، دروسًا باللغة التركية على الرغم من أن هذه لا تتقن تلك اللغة، وذلك عندما كانت توفر الحماية والرعاية لحركات "إرهابية" كردية تعمل في أراضيهـا. وقد كانت هذه الدروس من الحدّة والوضوح والقوة بحيث أدت إلى أن تبادر سورية بنفسها إلى وقف أي مساعدة لهذه الحركات بمشيئتها الحرة. وأضاف أنه يأمل أن تحذو إسرائيل حذو الأتراك في هذا المجال وأن تتعلم منهم.

- إن سياسة تركيا إزاء إيران [المقصود إزاء الملف النووي الإيراني، من جهة وإزاء الدعم الذي تقدمـه إلى حركات مثل حزب الله و"حماس"، من جهة أخرى] كانت ولا تزال تتميز بالحذر الشديد، إذ تربط بين الدولتين علاقات اقتصادية وثقافية متشعبة وعميقة جدًا. ولا شكّ في أن إيران لم تتنازل عن الرغبة في أن تستغل الأراضي التركية من أجل نقل أسلحة وعتاد وأموال إلى الحركات التي تدور في فلكهـا. غير أن المقاربة التركيـة السائدة تنطلق من ضرورة منع "الإرهاب" ضد أي طرف مهما يكن. وتعتبر هذه المقاربة، التي أفضت وتفضي إلى إعلان تركيا حربًا لا هوادة فيها على "الإرهـاب"، رصيدًا من الدرجة الأولى بالنسبة لإسرائيل وأمنهـا القومي، أولاً ودائمـًا.

- يجب عدم نسيان أن تركيا هي عضو في حلف شمال الأطلسي [ناتـو]. إن هذه العضوية تلزمها بواجبات كثيرة تعود، في معظمها، بالمنفعة على إسرائيل. وهي تعدّ بمثابة سور واق أمام الإسلام المتطرف.

- في الوقت نفسه فإن الجيش يشكل إحدى حجارة الزاوية في تركيا. وهو جيش جاد وقوي ومهني ولدى إسرائيل علاقات خاصة ومتشعبة معه.

لكن غلعـاد أكد أن العلاقات الشديدة الخصوصية مع تركيا لا ينبغي أن تحول دون قيام إسرائيل بإجراء "حوار نقدي" معها بين الفينة والأخرى. إن مثل هذا الحوار شرعي للغاية، خصوصًا بين دولتين صديقتين.

وقال إن ما يجب أن يكون في صلب حوار كهذا، في حال إجرائه، هو التوضيح لتركيا أن حركة "حماس" هي طرف فاعل في "محور الشرّ" وأن هدفها هو القضاء على دولة إسرائيل وأنها كانت المسؤولة عن شنّ الحرب الإسرائيلية على غزة، بالإضافة إلى "فضح الدور الإيراني في ما يتعلق بمدّهـا بالمال والسلاح".

العلاقات مع تركيا ستبقى مرهونة بمواقف إسرائيل من "عملية السلام"

قال د. ألون ليئيـل إن الأزمة الراهنة، التي تشهدها العلاقات الثنائية بين إسرائيل وتركيا، هي أزمة حادة وقد تكون لها إحالات في المستقبل، وذلك خلافًا لما يعتقد كثيرون. وإذا لم تتقدّم الحكومة الإسرائيلية إلى الأمام في موضوع "عملية السلام" مع الفلسطينيين فسيؤدي ذلك إلى تفريخ أزمات جديدة أخرى في المستقبل.

وأضاف أن تركيا، وعلى الرغم من كونها حليفًا إستراتيجيًا مهمًا لإسرائيل منذ ستين عامًا بالتمام والكمال [حيث أن تاريخ بدء العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين يعود إلى شباط 1949]، دأبت على رهن علاقاتها الثنائية بالموضوع الفلسطيني- العربي أيضًا. وقد عادت مؤخرًا، وتحديدًا منذ سنة 2002 عقب تسلم "حزب العدالة والتنمية" [الإسلامي] سدة الحكم، إلى هذه المقاربة، التي كانت قد تراجعت كثيرًا خلال تسعينيات القرن العشرين كلها، بالتزامن مع حدوث تقدّم معين في عملية السلام الشرق أوسطية [ارتباطـًا بما يلي: انعقاد مؤتمر مدريد للسلام؛ توقيع اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية؛ التوصل إلى اتفاق السلام مع الأردن؛ انطلاق مفاوضات السلام مع سورية]. وحتى في سنة 2005 شهدت العلاقات الثنائية دفئًا خاصًا على خلفية خطة الانفصال عن غزة [خلال فترة حكومة أريئيل شارون الثانية]، والتي عنت في قراءة تركيا تنفيذ انسحاب إسرائيلي من القطاع. وقد جاءت الحرب على غزة أخيرًا لتخلط الأوراق من جديد.

ولفت ليئيل الأنظار إلى أن مستقبل العلاقات مع تركيا سيبقى عرضة للمدّ والجزر على خلفية ما تقدّم، وذلك في ضوء حقيقتين ساطعتين برأيه هما: الأولى- أن القيادة السياسية التركية الحالية [الإسلاميـة] ستبقى فترة طويلة في سدّة الحكم، سواء في رئاسة الجمهورية أو في رئاسة الحكومة؛ الثانيـة- أن هناك روابط عقائدية تجمع بين الحزب الحاكم في تركيا، حزب العدالة والتنمية، وبين حركة "حماس"، وليس في إمكان إسرائيل أن تعوّل على تباعد الطرفين.

في السياق نفسه أكد الباحث البروفسور عميكام نحماني أن هناك حساسية فائقة لدى المسؤولين والرأي العام في تركيا إزاء القضية الفلسطينية. وهي حساسية ذات جذور ضاربة في عمق التاريخ، وذلك لأسباب كثيرة منها: أولاً- أن المأساة الفلسطينية المستمرة إلى الآن بدأت في فترة الحكم العثماني في فلسطين، الذي أجاز بداية حركة الاستيطان اليهودية؛ ثانيًا- أن الفلسطينيين كانوا، على حدّ قولـه "من أكثر الشعوب العربية ولاء للعثمانيين، إذ أنهم تجندوا في جيش الإمبراطورية العثمانية وحاربوا معه وتقلدوا مناصب رفيعة فيه وتزوج كثيرون منهم نساء تركيات، علاوة على أنهم تطلعوا إلى تحقيق طموحاتهم القومية في إطار هذه الإمبراطورية".

وأوضح نحماني أن حدة الغضب التركية على إسرائيل، عقب الحرب على غزة، عائدة، بالإضافة إلى ما تمّ ذكره، إلى أن تلك الحرب أدّت ضمن أشياء أخرى إلى عرقلة معينة في دور الوسيط، الذي كانت تضطلع تركيا به في ذلك الوقت، سواء على مستوى المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وسورية [والتي أعلنت الأخيرة عن إيقافها بسبب الحرب]، أو في مناطق أخرى في العالم [الوساطة بين إسرائيل وباكستان، وبين الولايات المتحدة وإيران، وبين روسيا وجورجيـا]. كما أنها عائدة في الوقت نفسه إلى إحجام رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، عن وضع رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، في صورة الحرب على غزة، على الرغم من قيامه بزيارة خاصة إلى أنقـرة قبل الحرب ببضعة أيـام [لدى التعقيب على هذه النقطة الأخيرة أشار د. عوديد عيران، رئيس "معهد دراسات الأمن القومي"، إلى أنه بعد دراسة وافية لهذا الأمر يمكن القول إن أولمرت ربما لم يحط نظيره التركي علمـًا بالموعد المحدّد للحرب على غزة، غير أنه أبلغه باتخاذ قرار إسرائيلي رسمي يقضي بشنّ تلك الحرب].

وحرص نحماني على توكيد أن الأزمة الحادّة الأخيرة لن تؤثر على عمق العلاقات الثنائية، لكون هذه العلاقات تتميز بأبعاد مدنية متعددة ولا تقتصر على الجانب العسكري أو الحكومي فقط، كما كانت حال علاقات ثنائية حميمة سابقة أقامتها إسرائيل مع دول أخرى ولم تتجاوز النطاق العسكري، على غرار العلاقات مع نظام الشاه في إيران أو مع نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا أو مع النظام الإمبراطوري في إثيوبيا مثلاً.

ولعل ما يؤكد عمق هذه العلاقات هو أن أردوغان نفسه ردّ على مطالبات تركية متواترة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، كما فعلت فنزويلا وبوليفيا، بالقول: "إننا لا ندير حانوت بقالة وإنما ندير الجمهورية التركيـة". كما أشار إلى أن الحرب على غزة خلقت إدراكـًا لدى بعض المسؤولين في تركيـا لـ "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة الصواريخ، التي تُطلق عليها من غزة. وهو يعتبر إدراكا واعدا كما ستبدي الأيام المقبلة".

على إسرائيل أن تدرج ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في صلب حوارها مع أوروبا

وأجمل د. عوديد عيران، الذي تولى سابقًا منصب السفير الإسرائيلي في الاتحاد الأوروبي، هذا اليوم الدراسي الخاص فأشار إلى ما يلي:

- أدّت الحرب على غزة إلى اندلاع أزمة في العلاقات الثنائية الإسرائيلية- التركية، على خلفية الحرب نفسها وأسباب أخرى عداها، غير أنها لم تهدّد بالخطر مستقبل التحالف الإستراتيجي، العسكري- السياسي، بين الدولتين، الذي من المتوقع أن يبقى متينًا وراسخًا.

- إن تركيـا كانت وستبقى حليفًا مهمًا لإسرائيل على أكثر من مستوى. وفي هذا المجـال لا بُدّ من أن نشير أيضًا إلى المساعدات القيمة، التي قدمتها من أجل هجرة يهود سورية إلى إسرائيل.

- يتعين على إسرائيل، تبعًا لذلك، أن تضاعف جهودها الرامية إلى قبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي. وربما حان الوقت لأن تدرج هذا الموضوع في صلب حوارها الإستراتيجي مع أوروبـا، حتى لو أدى ذلك إلى إثارة الحنق الأوروبي عليها.

تجدر الإشارة إلى أنه عشية انعقاد هذا اليوم الدراسي الخاص، قال مسؤولون سياسيون إسرائيليون إن الأزمة في العلاقات الثنائية بين إسرائيل وتركيا قد انتهت، وإن القيادتين في إسرائيل وتركيا أدركتا أهمية العلاقات بين الدولتين وقررتا تسوية الخلافات التي نشأت على خلفية الحرب على غزة.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن المسؤولين الإسرائيليين قولهم إن "الأزمة بين الدولتين باتت وراءنا"، وإن المسؤولين "في القدس وأنقرة أدركوا أهمية العلاقات بينهم وقرروا تذليل الصعوبات المستجدة".

وجاءت أقوال المسؤولين الإسرائيليين في أعقاب لقاء عقدته وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، مع نظيرها التركي، علي باباجان، على هامش اجتماع وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي [ناتو]، الذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل خلال الأسبوع الأول من شهر آذار 2009.

وأعلن باباجان، خلال اجتماعه مع ليفني، أن دولته "مهتمة جدًا بأن تكون هي التي تتوسط بين القدس ودمشق في حال تم استئناف المفاوضات".

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، في أعقاب لقاء الوزيرين، إن ليفني وباباجان شدّدا على أهمية العلاقات بين الدولتين ذات الطابع الإستراتيجي والتي تستند إلى قاعدة صلبة، واتفقا على أن التعاون بين بلديهما ضروري لاستقرار المنطقة، كما اتفقا على استمرار التعاون والمشاورات السياسية في المستويات كافة.

وأجرت إسرائيل وتركيا، خلال الفترة الأخيرة، اتصالات مكثفة وهادئة عبر بضع قنوات من أجل إنهاء الأزمة في العلاقات بينهما، والتي نشأت في إثر الحرب التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة في 27 كانون الأول 2008، واستمرت اثنين وعشرين يومًـا، حتى 17 كانون الثاني 2009.

وقد تأزمت العلاقات الثنائية الإسرائيلية- التركية في أعقاب الحرب على غزة والانتقادات الشديدة التي وجّهها رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إلى إسرائيل. وانسحب أردوغان من ندوة على هامش منتدى دافوس الاقتصادي في كانون الثاني 2009، بعد مشادة مع الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، بشأن الحرب في غزة.