القرار بشأن تقديم الانتخابات يظل بيد نتنياهو
تدل تصريحات الوزراء ورؤساء الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي على تسارع الحراك باتجاه حل الكنيست والحكومة.
ورغم أن من الجائز ألا يحدث هذا الأمر في غضون الأسابيع القريبة المقبلة، إلا أن أنظار الحلبة السياسية في إسرائيل باتت تتجه نحو انتخابات قريبة، ويشير كثيرون إلى أن تقديم موعدها أصبح نتيجة حتمية للخلافات العميقة التي تهز أركان حكومة بنيامين نتنياهو.
وكان نتنياهو قد دعا، صباح أمس الاثنين، إلى اجتماع تشاوري مع قادة حزب الليكود، الذي يتزعمه، لكنه أعلن لاحقا عن إلغائه.
وقال أحد الذين كان يفترض أن يشاركوا في هذا الاجتماع، إن "الاجتماع كان سيتناول محاولة الانقلاب التي ينفذها يائير لبيد وفي سبيل لجمها"، في إشارة إلى أنباء ترددت حول محاولة رئيس حزب "يش عتيد" (يوجد مستقبل) يائير لبيد، لتشكيل ائتلاف بديل لائتلاف نتنياهو قبل الانتخابات. ووصف قادة في حزب الليكود ذلك بأنها "المناورة النتنة للعام 2014".
كذلك قال قادة الأحزاب الحريدية إنهم تلقوا مقترحات من نتنياهو ولبيد للمشاركة في ائتلاف بديل من الائتلاف الحالي. وقالت تقارير إسرائيلية إن نتنياهو حاول "جس النبض" لدى الحريديم في ما إذا كانوا يوافقون على الانضمام إلى حكومته بدلا من "يش عتيد".
وقال رئيس حزب شاس، أرييه درعي، إنه "لن ينتج شيء عن هذه الاتصالات".
كذلك أعلن رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" (إسرائيل بيتنا) ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، عن معارضته لخطوة كهذه.
وتدور الخلافات داخل الائتلاف حول عدد من مشاريع القوانين، التي تعتزم أطراف في الحكومة دفعها قدماً، وبينها مشروع "قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي". وأرجأت اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين خلال اجتماعها، أول من أمس الأحد، مناقشة مشروع القانون بالتعاون بين حزب "هتنوعا" (الحركة) برئاسة وزيرة العدل، تسيبي ليفني، التي ترأس اللجنة الوزارية، وبين "يش عتيد". ووصفت ليفني مشروع القانون بأنه غير ديمقراطي، لكن نتنياهو أعلن أنه سيطرحه على الهيئة العامة للحكومة.
ويهدف مشروع القانون هذا إلى تعريف إسرائيل على أنها "دولة اليهود" وتمكين المحاكم من "تفضيل الهوية اليهودية للدولة على نظامها الديمقراطي" لدى النظر في قضايا تصطدم فيها كلتا القيمتين.
وأعلن رئيس حزب "البيت اليهودي" ووزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، أنه في حال عدم إقرار مشروع القانون، الذي يعرف باسم "قانون القومية" أيضا، في اللجنة الوزارية، يوم الأحد المقبل، فإن الائتلاف سيتفكك. وقال "عندما انضممنا إلى الحكومة طلبنا ووقعنا على اتفاق ينص على تمرير قانون القومية. وبتقديري أن قانون القومية سيمر يوم الأحد المقبل، وإن لم يتحقق ذلك فإنه لن يكون لدينا تحالف لأن كل شيء سيتفكك".
من جهة ثانية، أعلن عضو الكنيست أليكس ميلر، من حزب "يسرائيل بيتينو"، أمس، أن كتلته في الكنيست لن تدعم مشروع قانون الإعفاء من الضريبة المضافة للمسرحين من الخدمة الأمنية عندما يشترون شقة أولى. ويعني هذا الأمر أن مشروع القانون قد يسقط.
وبادر إلى طرح مشروع القانون هذا وزير المالية لبيد، ويعتبره أهم مشروع قانون، لأن من شأن سنه أن يعيد إليه شعبيته التي تدهورت في الشهور الأخيرة.
وقال بينيت حول هذا القانون "لن نتعاون مع ’يش عتيد’ و’هتنوعا’ في المواضيع ذات العلاقة بالائتلاف. لقد تم كسر الأواني. ولن أدعم أي قانون يقدمه لبيد أو ليفني" بعد إحباطهما المصادقة على "قانون القومية".
إلى جانب ذلك، فإن ميزانية الدولة للعام المقبل هي أحد أسباب التوتر والأزمة الداخلية في الحكومة. واستعرض لبيد الميزانية أمام لجنة المالية التابعة للكنيست أمس. وحث أعضاء اللجنة على عدم الخنوع أمام الابتزاز السياسي.
وأضاف لبيد أنه لن يوافق على أن تؤدي تغييرات في الميزانية إلى تقليصات في الوزارات الاجتماعية. وشدد على أنه "لن ننهي الميزانية بتقليص عرضي في ميزانيات الصحة والتربية والتعليم والرفاه. وأنا أفضل ألا أمرر الميزانية على المس بما هو هام لجميع مواطني إسرائيل".
وفي غضون ذلك، قدم حزب ميرتس مشروع قانون حل الكنيست، ويتوقع أن يجري التصويت عليه بالقراءة التمهيدية غدا الأربعاء.
نتنياهو وحده سيقرر الذهاب لانتخابات أم لا
تطرقت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، إلى الأنباء التي ترددت حول تشكيل ائتلاف بديل، برئاسة لبيد ومشاركة أحزاب العمل وميرتس و"يسرائيل بيتينو". ورأت أن ائتلافاً كهذا لن يدوم طويلا بوجود ميرتس و"يسرائيل بيتينو" اليميني في حكومة واحدة.
ولفتت كدمون من الجهة الأخرى إلى التقارب الكبير الحاصل الآن بين لبيد وليبرمان، وكتبت أن "ليبرمان لن يسمح لنتنياهو بإقالة لبيد وليفني واستبدالهما بالأحزاب الحريدية".
وأشارت إلى رفض الأحزاب الحريدية الانضمام إلى حكومة نتنياهو في حال انسحاب لبيد منها. وأضافت أن رئيس حزب شاس، أرييه درعي، "قال لي، في نهاية الأسبوع الماضي، إنه من دون انتخابات هو غير مستعد لتغيير تركيبة الائتلاف".
ورأت أنه "لذلك، فإنما كلما أخذت حكومة بديلة بالابتعاد، تقترب الانتخابات. ورغم ذلك، لا يُنصح أحد بالإسراع إلى حياكة البدلات. وليس فقط لأن لا أحد من أحزاب الائتلاف يريد الانتخابات حقا، وإنما لسبب أبسط بكثير، وهو أنه لا يوجد سبب يستدعي تفكيك الائتلاف، عدا أسباب عادية وليست ذات صلة بالواقع، مثل الشكوك وانعدام الثقة وانعدام القدرة على الموافقة على أي شيء تقريبا. وبالإمكان العيش مع كل الأمور الأخرى".
وتابعت أنه "لا يتم الذهاب إلى الانتخابات بسبب خلافات الرأي بين يش عتيد والليكود حول الميزانية، التي مرت بالقراءة الأولى. ولا يتم إدخال الدولة في دوامة ومعركة انتخابية تفوق تكلفتها أكبر تعديل في الميزانية".
وأشارت كدمون فيما يتعلق بمشروع "قانون القومية" إلى أنه مر بتعديلات كثيرة "وأصبح من الصعب أن نتذكر أن أول من طرحه كان أفي ديختر خلال فترة رئاسة ليفني لحزب كديما، وهي تعارضه اليوم".
وخلصت كدمون إلى أنه "لا تسألوا إذا كانت ستجري انتخابات، وإنما اسألوا ما إذا كان نتنياهو يريد انتخابات. لأن هذا، وهذا فقط، سيحدد وجهتنا".
واتفق محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، مع كدمون وكتب، أمس، أن "السؤال الوحيد الذي سيحسم مصير المؤسسة السياسية في الأيام القريبة هو: هل ما زالت لنتنياهو مصلحة بوجود حكومته، وهي حكومة سئمها قبل تشكيلها، وتزايد ذلك لاحقا، أم أن وجهته نحو حكومة أخرى ستستند إلى أحزاب الليكود والبيت اليهودي والحريديم" أي إلى 61 نائبا من أصل 120 نائبا في الكنيست؟.
وأضاف فيرتر "إذا ما كان نتنياهو يسعى للتفجير، أم أنه يستمتع بإظهار عضلاته من أجل كسب نقاط في اليمين وزج وزير المالية (لبيد) في الزاوية، فهو وحده الذي يعلم ذلك".
وأردف أن "القسم الثاني من المعادلة، هو أن يائير لبيد ليس معنيا بانتخابات يوجد فيها ما يخسره فقط. وقد أوضح ذلك في مقابلات مع وسائل الإعلام. وفي الوقت نفسه استمر في التمترس في مواقفه، وأبقى منفذا ضيقا جدا لتسوية حول مواضيع الميزانية. وهكذا، كما قيل، كل شيء منوط ببيبي".
ووفقا لفيرتر فإنه "إما أن لبيد يقدر أن نتنياهو جبان، أو أن نتنياهو يأمل بأن يتراجع لبيد عن مواقفه، أو أن كليهما على خطأ ودولة إسرائيل ستذهب إلى انتخابات لا حاجة لها، بعد سنتين فقط من الانتخابات السابقة" التي جرت في كانون الثاني 2013.
مشروع "قانون القومية": إرساء التمييز
إن مشروع "قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي"، الذي يطرحه الآن عضو الكنيست زئيف إلكين، من الليكود، هو صيغة جديدة ومعدلة بشكل طفيف جدا لمشروع قانون قدمه في دورة الكنيست السابقة إلكين سوية مع عضو الكنيست السابق أفي ديختر، من حزب كديما عندما كانت تتزعمه ليفني، التي تعارض مشروع القانون اليوم.
ويرمي مشروع القانون هذا، الذي يوصف بأنه أحد أبرز القوانين عنصرية ومعاداة للديمقراطية، إلى إعادة بلورة المسلمات الأساسية المتعلقة بطبيعة إسرائيل وتشمل سلسلة من التعريفات المختلف حولها.
وستعرّف إسرائيل وفقا لمشروع القانون بأنها "الدولة القومية للشعب اليهودي"، وأن يخضع النظام الديمقراطي فيها لتعريف الدولة كـ"دولة القومية اليهودية". ويلغي مشروع القانون مكانة اللغة العربية كلغة رسمية وستحصل في المقابل على "مكانة خاصة". وسيشكل "القانون العبري"، أي الشريعة اليهودية، إيحاء لسن قوانين جديدة ولقرارات المحاكم. وينص مشروع القانون أيضا على التزام الدولة بتنفيذ أعمال بناء لليهود، ولا تلتزم بأعمال بناء لصالح "قوميات أخرى"، أي العرب.
وتطرق المحاضر في كلية القانون في جامعة تل أبيب، البروفسور إيال غروس، إلى مشروع "قانون القومية"، في مقال نشره في صحيفة "هآرتس"، أمس.
ورأى غروس أنه يصدر عن مشروع القانون هذا، فيما يتعلق بالبناء، "صدى التبريرات التي برزت في جنوب إفريقيا إبان نظام الأبرتهايد"، فقد تم الادعاء حينئذ أنه يحق لكل مجموعة أن تحظى بـ"تطور منفصل".
وأضاف غروس أن مشروع القانون سيؤدي إلى تراجع في مجال المساواة، وذلك على الرغم من أن المساواة بين العرب واليهود في إسرائيل ليست موجودة الآن أيضا. وكتب أن "ما تحتاجه إسرائيل هو تعزيز المساواة، وليس قانون أساس يعمق التمييز أكثر، وهو تمييز خطير أصلا ضد مواطني الدولة الفلسطينيين. وينبغي أن نذكر أنه لم يتم حتى الآن إرساء مبدأ المساواة في أي قانون أساس".
وأضاف أنه "على الرغم من أن المحكمة العليا قررت أن المس بالمساواة من شأنه إلحاق مس محظور بحق كرامة الإنسان الكامن في قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته، إلا أن حقيقة أنه بدلا من البحث في سن قانون أساس: حقوق الإنسان كاملة، ويتم من خلاله إرساء الحق بالمساواة، تبحث الحكومة في قانون لإرساء انعدام المساواة بشكل أكبر، تدل على الوضع المحزن للنضال من أجل الديمقراطية في إسرائيل".
وأشار غروس إلى أن الدول العصرية تعرف نفسها على أنه دول جميع مواطنيها. ولفت إلى أن إسرائيل تعرف نفسها حاليا كـ"دولة يهودية" وتشبه نفسها بـ"دول قومية" ديمقراطية أخرى وفاشلة. "والفصل بين عنصر القومية – اليهودية – وعنصر المواطنة – الإسرائيلية – واقتران الدولة بالقومية، اليهودية فقط، يقصي 20% من مواطني الدولة (العرب). وتعريف كهذا غير موجود في دول ديمقراطية، تتطابق فيها أسس المواطنة والقومية، مثل فرنسا، كما أنها غير موجودة في الدول التي تعترف دستوريا بوجود عدة مجموعات قومية، لكنها مبنية على المشاركة والمساواة، مثل بلجيكا وكندا".
ورغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية ألغت قوانين عنصرية وغير ديمقراطية وتتناقض مع قوانينها الأساس، في الماضي، ورغم أن رئيسي المحكمة العليا السابقين، أهارون باراك ودوريت بينيش، تحدثا عن ضرورة القيام بذلك، فإن غروس استبعد أن تلغي المحكمة العليا بتركيبتها الحالية "قانون القومية" في حال سنه كقانون أساس، لأنه في هذه الحالة تكون قد استخدمت "سلاحاً غير تقليدي".
هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي.
مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار" و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي
المصطلحات المستخدمة:
يديعوت أحرونوت, هآرتس, قانون حل الكنيست, باراك, دولة اليهود, كديما, الليكود, الكنيست, بنيامين نتنياهو, زئيف إلكين