برز اسم أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، في الجولات الانتخابية الثلاث في إسرائيل باعتباره بيضة القبان التي يمكن أن ترجح كفة إحدى الكتلتين (اليمين بزعامة بنيامين نتنياهو، والوسط- يسار بزعامة بيني غانتس) لتشكيل ائتلاف حكومي، لكن التحولات الناتجة عن شق غانتس حزب "أزرق أبيض" وتشكيله ائتلافا حكوميا مع نتنياهو، وانشقاق جدعون ساعر عن الليكود وتشكيله حزبا جديدا بات محسوبا على كتلة "رافضي بقاء نتنياهو في الحكم"، هذه التحولات نحّت بشكل كبير ليبرمان عن كونه بيضة القبان ووضعته في إطار كتلة مناهضي نتنياهو، ودفعت هذه التطورات من ناحية ثانية بزعيم حزب "يمينا" نفتالي بينيت إلى الواجهة كبيضة قبان جديدة بدل ليبرمان رغم اعتباره أكثر قربا لنتنياهو من مناهضيه.
اتخذ مجلس إدارة "الكيرن كييمت ليسرائيل" (الصندوق القومي اليهودي) قراراً جديداً مؤخراً يقضي بالسماح للصندوق، وللمرة الأولى، "بتحرير" أراضي الضفة الغربية من الفلسطينيين عبر شرائها بشكل مباشر. ويطلق الخطاب الصهيوني الاستعماري على هذا "التحرير" المصطلح التوراتي: غئولات كركع. و"التحرير" لا يعني استصلاح أراض تسيطر عليها إسرائيل في الضفة، ولا يقتصر على توسيع المستوطنات القائمة، وإنما "استرجاع" أراض يملكها الفلسطينيون حالياً وتحويلها لملكية اليهود الأبدية.
تمهيد
يحملُ التطوّر التاريخيّ للجريمةِ المنظمّة في إسرائيل أبعاداً سياسيّة وأمنيّة واقتصاديّة، قد تعيننا لفهمِ ما يجري راهناً في المجتمع الفلسطينيّ داخل الخطّ الأخضر. هذهِ الأبعاد المتشابكة بينَ التحوّلات الاقتصاديّة والأمنيّة التي واجهتها الدولة الاستعماريّة الناشئة حديثاً في العام 1948، حفّزت نواةً للجريمةِ المنظمّة منذُ أعوامها الأولى، بما يفيد أن تأسيس هذهِ الدولة تحديداً على أساس العنف والسلب والعنصريّة إزاء الفلسطينيين أساساً، يشكل تربةً خصبة لنشوء الفعل الإجراميّ المتعلّق بالسوق السوداء والقتل والعنف وغير ذلك، في إثر الخدمات المتبادلة لكلّ من الجانبين في سياقات ومجالات سنأتي على ذكرها.
[فيما يلي ترجمة خاصة بـ"المشهد الإسرائيلي" لأجزاء واسعة من التحقيق الصحافي الذي أعدّه رينان نيتسر ونشره موقع "شومريم - (حرّاس) مركز الإعلام والديمقراطية"، وهو يعرّف نفسه كـ"هيئة إعلامية مستقلة"]
"هذه حالة طوارئ وطنية. نحن في ذروة حرب مستمرة - حرب كورونا. إنها حرب من أجل الاقتصاد، من أجل الصحة. هذه حرب من أجل الحياة". هذه التصريحات أدلى بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في 24 أيلول 2020، عشية دخول الإغلاق الثاني لكورونا حيز التنفيذ. من الصعب تفويت الكلمة التي تكررت أربع مرات في هذه الفقرة فقط: الحرب. كذلك، ففي دراسة أجرتها البروفسور عنات جيسر- إدلسبيرغ من جامعة حيفا، وفحصت سلوك رئيس الحكومة في أيام الموجة الأولى بين آذار وحزيران 2020، كان الاتجاه مشابهاً: خلط المصطلحات الطبية التي لم تعتد عليها إسرائيل وبين الجيش الذي تعرفه إسرائيل جيداً والذي يدير حياة المواطنين في حالات الطوارئ، بكلمات مثل الحرب والصراع والعدو وبالطبع مشتقات جذر "نصر" وصولاً إلى النتيجة المرجوة.
الصفحة 226 من 859