وصف متحدث سابق باسم الجيش الإسرائيلي الهبة الفلسطينية الأخيرة والحرب على قطاع غزة (6 – 21 أيار 2021) بأنها شكلت هزيمة لإسرائيل عالميا على منصات التواصل الاجتماعي. هذا المتحدث هو رونين مانيليس، الذي شغل منصب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي في الفترة بين أيار 2017 وأيلول 2019، وقد انتقد في أكثر من مقابلة الأداء الإعلامي الإسرائيلي الرسمي في مواجهة الرواية الفلسطينية التي تمكنت من إثبات نفسها قبل وخلال وبعد الفترة أعلاه. ولم يكن مانيليس الوحيد الذي أشار إلى تدهور صورة إسرائيل عالميا وعجزها عن تسويق روايتها، مقابل تعزيز الفلسطينيين روايتهم بشكل فاق التوقعات.
وأخيرا اعترف مسؤول في الشرطة الإسرائيلية بـ"السر" الذي يعرفه ملايين الناس: أقر بأن المسؤولين عن الجرائم الخطيرة في المجتمع العربي في الداخل هم في معظمهم متعاونون مع جهاز المخابرات "الشاباك"، ليخلص إلى أن وضعا كهذا يُكبّل أيدي الشرطة ويمنعها من المس بهؤلاء المتعاونين الذين يتمتعون بالحصانة.
جاء هذا الاعتراف بحسب تقرير بثته القناة 12 الإسرائيلية مساء الأربعاء 30/6/2021، خلال اجتماع عقد في المقر الرئيس للشرطة، تحضيرا لاجتماع عقد لاحقا بين المفتش العام للشرطة يعقوب شبتاي ووزير الأمن الداخلي عومر بار- ليف.
مع بداية هذا العام بدأ المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار عقده الثالث وقد أصبح في جعبته إرث من الصعب استحصال ملامحه في عجالة، وذلك في طيف واسع من المجالات التي يمكن الإشارة إلى تميزه فيها على نحو ليس مبالغة القول إنه شديد الخصوصية.
ولعلّ ما يستلزم التذكير بهذا الأمر هو ضرورة الاستفادة من التجربة والإنتاج اللذين راكمهما المركز خلال هذه الفترة، ولا سيما من طرف الباحثين وجميع الذين يكتبون في الشأن الإسرائيلي، في سبيل مزيدٍ من هذه المراكمة التي تعتبر أهم تعضيد لعملية البحث ذاتها الآن وفي المستقبل.
ومن الحق أن يُشار في هذا الصدد إلى أن مركز مدار تميّز من ضمن أمور أخرى بقدر كبير من استشراف سيرورات نحا نحوها المشهد الإسرائيلي، وبرز هذا الأمر بشكل ملفت في تقاريره الاستراتيجية السنوية. وإحدى أهم تلك السيرورات تمثلت في محاولة اليمين الإسرائيلي الجديد إحكام قبضته على مفاصل الحكم، والتي نشهد في هذه الأيام نتائجها على أكثر من صعيد، وذلك في ضوء أنه هو من بات يقرّر جدول الأعمال الداخلي في إسرائيل وخطابها السياسي.
لم تكف إسرائيل، وكعادتها، عن الاهتمام بصورتها أمام المجتمع الدولي؛ والظهور كواحة وحيدة للديمقراطية في الشرق؛ تلك الصورة التي شيّدتها على مدار العقود الطويلة الماضية استناداً إلى دور "الضحية"، وجنباً إلى جنب مع شعار "معاداة السامية"؛ كمفهوم وكإطار عملت على تمديده وتوسيعه ليشمل كل مُنتقديها، أو منتقدي جرائمها بحقّ الشعب الفلسطيني، كلّ ذلك من خلال ما يُسمّى بـ"الرواية الوطنية" أو "الرواية القومية" التي تتجنّد كافة أطياف النظام السياسي الإسرائيلي في نقلها- بعد أن تتم بلورتها وفقاً لمعايير صهيونية- أمنية بالدرجة الأولى؛ سياسية بالدرجة الثانية، كون إسرائيل تنفرد بكونها تُمثّل حالة "المجتمع المجنّد" على كافة الصعد حينما يتطلّب الأمر ذلك؛ في أوقات الحرب والسلم على حدٍّ سواء.
الصفحة 223 من 883