صدر مؤخراً تقرير رقابة الدولة الإسرائيلية للعام 2021 حول السلطات المحلية، وشمل وفقاً لمقدمته: نتائج وتوصيات الرقابة التي تناولت مجموعة من المواضيع الواقعة في صلب عمل السلطات المحلّيّة، بما في ذلك المواضيع الاجتماعيّة ومواضيع الرفاه والتخطيط والبناء. ومن أبرز ما جاء فيه هو التفاوت الكبير في حجم الخدمات المقدمة للمواطنين على خلفية مدى قوّة السلطة المحلية الواحدة من الناحية الاقتصادية.
حين دخل رؤوفين (روبي) ريفلين إلى مقر رؤساء إسرائيل في تموز 2014، كان قد توصل مسبقاً إلى قرار مركزي بارز: أن يكون هو نفسه، وعلى نحو خاص أن لا يكون شمعون بيريس (رئيس الدولة السابق). فبيريس الذي وصل إلى الرئاسة في جيل 84 عاما، بعد أن كان قد نجح في ترؤس الحكومة، وتولى وزارات الخارجية، والدفاع والمالية، ومع مسيرة وظائف حكومية امتدت على مدار 60 عاما، انشغل في فترة ولايته كرئيس للدولة إلى حد غير قليل في علاقات إسرائيل الخارجية. كان بمثابة "وزير أعلى للخارجية". أما ريفلين، الذي انكشف على الأنظار العامة بين الجمهور لأول مرة بصفته رئيساً لفريق بيتار القدس، فقد عرف أنه سوف يحقق النجاح فقط لو تركز في دولة إسرائيل داخلياً. فهو قد وصل إلى الوظيفة وقد قر قراره على البقاء شعبيا، وأن لا يسمح للوظيفة العالية في السلطة بأن تدب فيه الغرور.
تُشكّل مفاهيم "الردع"، "الحسم" و "الإنذار المبكّر" المرتكزات الأساسية الثلاثة للعقيدة العسكرية- الأمنية الإسرائيلية التي أُرسيت أُسسها ومبادئها خلال خمسينيات القرن المنصرم، وعلى الرغم من الضرر الذي أصاب هذه العقيدة في الحروب المُتعاقبة التي شنتّها إسرائيل على الدول العربية، ولا سيّما حرب أكتوبر 1973، إلّا أنها تميّزت بالثبات نسبياً، حيث لم تسعَ لتطويرها كلياً انسجاماً مع المتغيّرات المستمرّة في البيئة الجيو- سياسية المحيطة بها. جدير بالذكر أن إسرائيل لا تمتلك نظرية أمنية- عسكرية مكتوبة وواضحة المعالم على غِرار ما هو موجود في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً، بل يُمكن إدراك هذه النظرية والتعرّف عليها من خلال مجموعة المفاهيم والمبادئ الأمنية- العسكرية التي تتّبعها في حروبها، أو تلك التي يتم التنظير لها بواسطة الخبراء والمحلّلين العسكريين والأمنيين في هذا السياق.
تواصل الحكومة الإسرائيلية مع انتهاء أسبوعها الثالث، منذ حصولها على الثقة، معركتها لضمان ثبات الائتلاف الحاكم، الذي يجمع عدة تناقضات على المستوى الإسرائيلي الداخلي، وبشراكة كتلة الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية، إن كان على مستوى عدم نشوب خلافات الداخلية في الائتلاف، أو على مستوى مواجهة المعارضة اليمينية الاستيطانية، بقيادة الليكود، التي باتت على استعداد لنقض بديهيات سهولة سن القوانين العنصرية، من أجل إنهاء عمر الحكومة، وجعله أقصر ما يكون، وهذا ما يظهر جليا في المعركة على تمديد سريان قانون الحرمان من لم الشمل، ومطلبها بسن "قانون الهجرة" الجديد، الذي يطرحه الليكود، ومن شأنه أن يفجر خلافات داخل الائتلاف الحاكم.
الصفحة 222 من 883