تسعى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، مع بدء أسبوع عملها الثالث، إلى تثبيت حكمها على المستوى البرلماني، من خلال سلسلة تعديلات قانونية تلائم وضعية الائتلاف الهش، الذي يرتكز على 61 نائبا من أصل 120 نائبا، ما يخفف العبء البرلماني على كتل الائتلاف، من حيث ضرورة التواجد في الكنيست، لمنع أي خسارة في التصويت؛ وهذا بموازاة سعيها لتمرير تمديد سريان مفعول القانون المؤقت الذي يقضي بحرمان العائلات الفلسطينية من لم الشمل. ومن جهة أخرى، فإن مؤشرات التململ من بنيامين نتنياهو في حزب الليكود تتكاثر، ما يعزز الاستنتاج بأنه في حال صمدت الحكومة الجديدة لأكثر من عام، فإن فرص نتنياهو للعودة إلى رئاسة الحكومة من شأنها أن تتضاءل.
في ليلة 9 حزيران الحالي، اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية منطقة مدينة البيرة، وتوجهت مباشرة إلى مبنى السرطاوي حيث مقر لجان العمل الصحي الفلسطيني. مع ساعات الفجر اكتملت "المهمة العسكرية" وانسحبت القوة بعد أن عاثت خرابا داخل المقر المكون من طابقين، صادرت الملفات والأقراص الصلبة، وعلقت أمرا عسكريا بإغلاق المقر لمدة 6 أشهر.
"أتاليا امرأة استثنائيَّة، أظهرت شَجاعةً نادرة، وكانت مُشاهدة التحوّلات التي طرأت على عائلتها تجربة مُلهمَة جداً"- هذا ما كتبته آييلت فالدمان في عمودها الصحافيَّ في صحيفة "نيويورك تايمز" تعليقاً على فيلم "Objector" (2019)، وتحديداً في وصف المرأة الإسرائيليّة التي يتمحور الفيلم حولها، وهي آتاليا بن آبا، التي استنكفت ضميرياً عن الخدمة العسكريّة في الجيش الإسرائيلي العام 2017.
تشير تقارير إسرائيلية متطابقة إلى أن من أبرز تداعيات الهبّة الشعبية الفلسطينية الأخيرة، تعرّض الجالية اليهودية في الولايات المتحدة إلى حملة كبيرة من النقد، على خلفية ازدياد نطاق مناهضة إسرائيل وسياستها العامة.
وقد يكون في بعض هذه التقارير قدر من المبالغة المقصودة، سواء من طرف المتبرمين من هذا النقد، أو من جانب المتحمسين له، ولكن مع تنحية هذه المبالغة جانباً، لا يجوز عدم الالتفات مثلا إلى التقرير المطوّل الذي نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" يوم الجمعة الأخير بهذا الشأن ونقلت فيه على لسان عدد من قادة هذه الجالية قولهم "دخلنا إلى وضع جديد". والاستنتاج الذي تركّز عليه الصحيفة فيما يتعلق بهذا الوضع الجديد، يسلّط الضوء على تطورين غير مسبوقين: الأول، وقوع اعتداءات على يهود في وضح النهار من دون أي خشية، وهذا يجري في كل أنحاء الدولة. وتربط الصحيفة تلك الاعتداءات بما تصفه بأنه تصاعد الاعتداءات والمساس باليهود على خلفية معاداة السامية. والتطور الثاني، بلغة كاتب التقرير- وهو المراسل السياسي الأبرز للصحيفة- هو أن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها اليهود في الولايات المتحدة إلى الهجوم ويتم اتهامهم بصورة جماعية بسبب ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين.
الصفحة 224 من 883