في أعقاب اغتيال إسرائيل مسؤولًا عسكريًا كبيرًا في حزب الله في الضاحية الجنوبية في بيروت، واغتيال زعيم حركة "حماس" إسماعيل هنية الذي تتنكر إسرائيل لمسؤوليتها عنه في طهران، رفعت إسرائيل حالة التأهب إلى أعلى الدرجات تحضيراً لرد عسكري إيراني محتمل، مما أدى إلى إعاقة حركة الطيران المدني في إسرائيل. وفي حين أعلنت شركة الطيران الإسرائيلية "إل- عال" أن جدول رحلاتها لم يتأثر بعد، فإن شركات طيران أساسية كانت قد ألغت رحلاتها القريبة إلى إسرائيل، وتشمل شركات دلتا (Delta Air Lines) ويونايتد إيرلاينز (United Airlines) ولوفتهانزا (Lufthansa) والخطوط الجوية النمساوية (Austrian Airlines) وخطوط بروكسل الجوية (Brussels Airlines) وطيران الهند (Air India)، وغيرها.
قالت تقارير اقتصادية إسرائيلية في الأيام الأخيرة "إن الانهيار في السياحة الوافدة إلى إسرائيل غير مسبوق بحجمه منذ قيام الدولة" العام 1948، بفعل الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي منطقة الشمال؛ ففي النصف الأول من العام الجاري 2024، بلغ عدد السياح الوافدين نصف مليون سائح، في مقابل مليوني سائح وافد خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2023، وهذا ينعكس على قطاعات واسعة، تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في قطاع السياحة، الذي يساهم بنسبة تتراوح ما بين 5% إلى 7% من حجم النمو الإجمالي للاقتصاد الإسرائيلي. وقال أحد التقارير إن 10% من الفنادق الإسرائيلية قد تضطر إلى إغلاق أبوابها كليا في العام المقبل 2025. ووصلت الأزمة إلى حد أن شركات تأمين عالمية، وخاصة أوروبية وأميركية، ترفض بيع بوليصات تأمين للمسافرين إلى إسرائيل.
تتوالى، منذ فترة، تقارير إسرائيلية مختلفة، بحثيّة وإحصائية، بدأت تكشف عن جوانب أخرى، غير العسكرية ـ السياسية ـ الاجتماعية ـ الاقتصادية، من النتائج والآثار التي نجمت عن يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 والهجوم المباغت الذي شنته قوى المقاومة الفلسطينية على عمق الأراضي الإسرائيلية في منطقة ما يسمى "غلاف غزة"، بما فيها من منشآت وقواعد عسكرية وبلدات سكانية. وتركز هذه التقارير على الآثار والنتائج الصحية، الجسدية والنفسية، التي طاولت وتطاول المواطنين الإسرائيليين ـ ناهيك عن النتائج التي طاولت ولا تزال تطاول العسكريين في مختلف الأجهزة والتشكيلات الأمنية ـ ترتباً على الهجوم المذكور ونتائجه الميدانية وما تلاها من حرب إبادة تدميرية شنتها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ولا تزال مستمرة حتى هذا اليوم.
أصدرت وزارة العمل الإسرائيلية تقرير العمل السنوي عن العام 2023، احتلّت معظم صفحاته كالمتوقع تأثيرات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول والحرب الاحتلالية على قطاع غزة. وجاء في مقدمته: اتسمت الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023 بسوق عمل متماسكة. واستمراراً للاتجاه الذي ظهر في نهاية العام 2022، ففي الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023، دلّت مؤشرات مختلفة إلى تباطؤ متوقع في الاقتصاد من شأنه أن يؤثر أيضاً على سوق العمل، كما يلي: انخفاض مستمر في معدل الوظائف الشاغرة، خشية من التباطؤ العالمي وأخبار نشرت في وسائل الإعلام حول عمليات إقالة العمال التي بدأت في صناعة التكنولوجيا الفائقة (الهايتك). ومع ذلك، فلم ينعكس أي من الأمور المذكورة على معدلات التشغيل والبطالة، التي ظلت تشير إلى ارتفاع في الطلب على عمال. وبلغ متوسط معدل التشغيل في سن 15 فما فوق في الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023 مستوى قياسيا بلغ 61.6%. وبلغ معدل البطالة بتعريفه الأوسع (معدل البطالة الملاءَم، الذي يشمل من تم إخراجهم إلى إجازات غير مدفوعة الأجر) خلال تلك الفترة ما يعادل بالمتوسط 3.9%، وهو معدل منخفض بمقارنة تاريخية.
الصفحة 18 من 859