مع انتقال المزيد من تفاصيل الاتفاقيات الائتلافية، التي جرى توقيعها بين حزب الليكود وحلفائه في الحكومة الإسرائيلية المقبلة التي ستكون السادسة برئاسة بنيامين نتنياهو، من غيابة الظلام إلى دائرة الضوء، ومن الغموض إلى الوضوح، يتبين أكثر فأكثر أن هذه الحكومة ستكون الأشد تطرفاً في تاريخ إسرائيل، سواء بالنسبة إلى الاحتلال والاستيطان والقضية الفلسطينية، أو فيما يتعلق بالسياسة الداخلية.
لا شك في أن قرار وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في يوم 21 كانون الأول الحالي القاضي بعدم تسليم جثمان الأسير الشهيد ناصر أبو حميد إلى عائلته من أجل دفنه وفقاً للتقاليد الإسلامية، وهو ما تكفله الشرائع الدينية والدنيوية كافة والقانون الدولي وسائر المعاهدات الدولية المتصلة بالحروب والنزاعات، أعاد إلى الواجهة الجدل حول السياسة الإسرائيلية في ما يتعلق باحتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين ومدى قانونية وجدوى وأهداف هذه السياسة.
قد يكون العام 2023 هو عام المستوطنين. فالعديد من مطالب المستوطنين باتت أقرب للتحقق مع تشكل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو وتولي أوريت ستروك، وهي الشخص الثاني في قائمة الصهيونية الدينية، منصب وزير الاستيطان، وهو المنصب الذي سيجعل من ستروك الحاكم الفعلي للضفة الغربية. بل إن تولي ستروك لهذا المنصب قد يمنح العديد من مؤسسات ومنظمات وجمعيات اليمين الاستيطاني صلاحيات واسعة في صياغة مصير الضفة الغربية والمشروع الاستيطاني. تقدم هذه المقالة بروفايل للمشروع الاستيطاني كما بدا خلال العام 2022، وتستعرض عدد المستوطنين، وأنواع مستوطناتهم، وأنماط تصويتهم في الانتخابات الأخيرة، ومطالبهم، وتحاول أن تجيب عن السؤال: لماذا قد يكون العام 2023 هو عام المستوطنين؟
بالرغم من التقديرات المتطابقة الذاهبة إلى أنه فور إعلان تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، التي ستكون السادسة برئاسة بنيامين نتنياهو، وستقتصر على تحالف حزب الليكود مع أحزاب اليمين المتشدّد، من تيارات الصهيونية الدينية، واليهود الحريديم المتشددين دينياً، ستشهد إسرائيل موجةً من الاحتجاجات الشعبية التي ستؤججها أحزاب المعارضة، فإنه واضح منذ الآن أن جلّ سيوف المعارضة ستكون مصلتة فوق السياسة الداخلية لهذه الحكومة، والتي أمسى من شبه المؤكد أن تصوّب سهامها ضد السلطة القضائية، وأن تسعى للمزيد من إجراءات تديين الحيّز العام، وتهويد جهاز التربية والتعليم ومناهج التدريس وما إلى ذلك.
الصفحة 112 من 859