قبل أكثر من 10 أعوام صدر للأستاذ الجامعي الإسرائيلي عامي بداتسور عن منشورات جامعة أكسفورد كتاب بعنوان "انتصار اليمين المتطرّف في إسرائيل". ووفقاً لهذا الكتاب، فإن الانتصار المذكور كان من نصيب "يمين متطرّف جديد" يتسّم، كما يقول المؤلف، بعدة خصائص أبرزها ما يلي: 1- "وطنيّة متطرفة" ترى أن دولة إسرائيل يجب أن تكون لليهود وفقط لهم؛ 2- سلطوية من ناحية رؤية ماهية الحكم واعتبار الدولة والزعيم السلطة الأعلى وعلى باقي السلطات الانسجام مع توجهاتهما؛ 3- شعبوية. ومع أن المؤلف يقرّ بأن كل واحدة من هذه السمات الثلاث رافقت الحركة الصهيونية ومجتمع دولة إسرائيل على مرّ الأعوام، وتجسّدت في أشكال مختلفة ووسط أجزاء متعدّدة من ذلك المجتمع، إلا إنه في الوقت عينه يشير إلى أن اجتماعها معاً هو ما بات يميّز اليمين المتطرّف الجديد الذي أصبح جالساً على سدّة الحكم في إسرائيل.
بتاريخ 23 كانون الثاني الماضي، اجتمع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، والوزير الثاني في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، مع رؤساء مجالس المستوطنات في الضفة الغربية. إحدى النقاط التي تم التطرق إليها هي "ضرورة" عودة إسرائيل إلى إحصاء الفلسطينيين في الضفة الغربية، أو على الأقل أخذهم بعين الاعتبار عند تقديم الخدمات الحكومية الإسرائيلية. برز هذا الموضوع أثناء الحديث عن تطبيق بنود الاتفاقيات الائتلافية التي تخص الاستيطان في الضفة الغربية التي وُصفت بأنها "ستحدث انقلابا نوعيا في تعامل إسرائيل مع المشروع الاستيطاني". تنظر هذه المقالة في: 1) تاريخ علاقة إسرائيل الإحصائية بسكان الأراضي المحتلة، 2) دوافع إسرائيل من وراء العودة للحديث عن ضرورة قيامها بمسح سكان الضفة الغربية وتعدادهم بعد 30 عاما على توقيع اتفاقيات أوسلو.
تشير تقاريرعدة، وتصريحات من أوساط إسرائيلية، إلى تعاظم القلق من مستقبل ظروف معيشة العلمانيين الإسرائيليين، في ظل حكومة، نصف الائتلاف فيها يرتكز على أحزاب دينية تتطرف أكثر في تشدّدها الديني، بموازاة تطرفها السياسي، في حين أن النصف الآخر، حزب الليكود، يبدي توافقا مع سلسلة من مشاريع القوانين والقرارات الحكومية المخطط لها، لتعميق سياسة الإكراه الديني، على الرغم من تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المتكررة، مدعيا الحفاظ على الوضع القائم في علاقة الدين بالدولة؛ وهذا ورد في اتفاقيات الائتلاف، إلا أن بنودا أخرى في الاتفاقيات تقول شيئا آخر.
تصادف هذه الأيام ذكرى مرور عقد بالتمام والكمال على انتخابات الكنيست الـ19 التي جرت يوم 22 كانون الثاني 2013، وتأدّى عنها تأليف حكومة بنيامين نتنياهو الثالثة (الحكومة الإسرائيلية الـ33) والتي قامت بأداء اليمين الدستورية يوم 18 آذار 2013 واستمرت ولايتها حتى 14 أيار 2015.
الصفحة 109 من 860