يمكن القول من دون مبالغة إنه في سياق حوصلة ما شهدته بلدة حوارة من إرهاب قام به مستوطنون إسرائيليون في أراضي 1967، ازدادت على نحو ملحوظ الأصوات في إسرائيل التي باتت ترى الأمور كما هي ولا سيما في المحور الذي يحيل إلى دلالة العلاقة بين السبب والنتيجة، ناهيك عن تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية من دون التحايلات المعهودة أو التلاعب بالعقول.
في ليلة الأحد 26 شباط 2023، هاجم 300-400 مستوطن بلدة حوارة في الضفة الغربية. وكان لدى المستوطنين متسع كبير من الوقت للقيام بأعمال البلطجة والحرق والتكسير قبل أن تصل قوات من الجيش الإسرائيلي في وقت متأخر جدا لتفريقهم. استدعى هذا الحدث إعادة النظر في العلاقة بين الجيش والمستوطنين والتساؤل عن مدى انصياع الجيش لرغبات وأجندات المستوطنين أو مساعدتهم في هجماتهم على الفلسطينيين بشكل غير مباشر. بحسب البروفسور يغيل ليفي، فإن المستوطنين في الضفة الغربية والجيش الإسرائيلي العامل في الضفة الغربية متداخلان بشكل معقد بحيث أن الجيش يأتمر "وظيفيا" من قبل هيئة الأركان، لكن التنفيذ "العملي" يخضع بشكل كبير للمستوطنين.
يعيد تقريرٌ جديد لمراقب الدولة الإسرائيلية التأكيد على استهتار السلطات الإسرائيلية بحياة وسلامة وحقوق العمال الفلسطينيين في المناطق الصناعية التي "تديرها إسرائيل في منطقة يهودا والسامرة"، أي الضفة الغربية المحتلة منذ 1967.
يرتبط أحد جوانب تعامل إسرائيل مع إيران وبرنامجها النووي ومشروعها الإقليمي بما يحيل في كثير من الأحيان إلى دلالة الفزّاعة، وخصوصاً في أوقات احتدام الخلافات الداخلية. ومع أن تواتر الحديث حول إيران في الفترة الأخيرة فيه ما يشير أيضاً إلى هذه الدلالة، على خلفية حملة الاحتجاجات المستمرة على خطة الحكومة الإسرائيلية الحالية الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي، إلا إنه لا يجوز عدم قراءة المخاطر المستجدة من أحدث المواقف الإسرائيلية إزاء هذه المسألة، وفي مقدمها خطر إقدام إسرائيل على خطوات عسكرية منفردة بعيدة المدى.
الصفحة 105 من 859