قبل اسبوعين، في اعقاب عملية التفجير في حيفا، كتب دان مرغليت مقالاً وجّه فيه اللوم لنفسه على عدم الاستمرار في الكتابة التحذيرية من المماطلة في بناء واقامة الجدار الفاصل. حيرته هي الحيرة الكلاسيكية لدى كتاب المقالات ومحرري صفحات الرأي. هؤلاء واولئك غير معنيين بنشر ما قد نشر من قبل، واستعادة الآراء ذاتها، والتحذير مما تم التحذير منه من قبل.
يثير أداء أجهزة الإرشاد الاسرائيلية، في الأيام الأخيرة، تخوفات كبيرة بشأن الجلبة والفوضى اللتين ستسودان في إسرائيل، في حال إطلاق صافرات الانذار الحقيقية. فبعد حوالي سنة ونصف السنة من المداولات، والتنسيقات والتحضيرات، يبث جهازا الإرشاد والتعليمات، السياسي والعسكري، على إختلاف أذرعهما المتنافسة والمتناقضة، حاليًا، البلبلة والتردد والحرج، أكثر بكثير من المواطن العادي. ومع قليل من الجهد، فإن هذه الأحاسيس – بمساعدة الاعلام الالكتروني- ستنتشر بين الجمهور العام أيضًا.
كتب: سليم سلامة
"حرب العراق" الاسرائيلية ابتدأت: حتى قبل أن تبدأ الحرب الامريكية الثانية على العراق رسميًا، بدأت اسرائيل بقطف ثمارها، في أكثر من مجال. وعندما كان رئيس حكومتها ارئيل شارون يؤكد ان "اسرائيل غير ضالعة في هذه الحرب" (في جلسة الحكومة الأمنية المصغرة، صباح الاربعاء، 19/3) انما كان يعني انها لم ترسل جنودًا وقوات عسكرية من لدنها الى "ارض المعركة وسمائها"، كما هو معروف في العلن. وهذا هو، تحديداً، خرم الإبرة الذي يتعمد "الكثيرون" (من العرب والعجم) حشر "الدور الاسرائيلي" في هذه الحرب فيه.
"على الرغم من ان احتمال تعرض اسرائيل للضرب هو احتمال ضئيل الا ان من واجبي، كقائد عسكري كبير، الانطلاق من فرضية ان شيئا ما سيحدث. وهذا ما نستعد له. بين درجة الجهوزية العالية في اسرائيل وبين النجاح في منع أي عمل ضدنا لا تزال هنالك مسافة بعيدة" ـ هذه الجملة، المفتاح في ما يتعلق باحتمال تعرض اسرائيل الى ضربة عراقية، هي لقائد عمليات مركزي. على الرغم مما يبدو من تناقض في هذا القول، الا ان هذه هي الفكرة التي توجه اسرائيل في البيانات والتصريحات الى الجمهور الواسع، من جهة، وفي الاستعدادات الامنية، من جهة اخرى. ورغم ان الخطر ضئيل، الا ان التوظيفات لمنعه ـ وفق التقديرات ـ كبيرة جدا.
الصفحة 826 من 882