هزة أرضية سياسية عشية الانتخابات- أمر غير اعتيادي ولكنه يحدث. هزتان أرضيتان عشية الانتخابات ذاتها- أمر نادر الحدوث. لكن ثلاث هزات أرضية عشية الانتخابات، الواحدة تلو الأخرى بفترة زمنية قصيرة بينها- أمر يثير العجب حقا.
هذا ما حدث هنا والآن.
مدخل
تختزل معظم الأدبيات البحثية والنظرية التي تعالج قضية لاجئي العامين 1948 و1967 مواضيع بحث هذه القضية في حدود زمان ومكان الحدث وتتجاهل توجه "الييشوف" والدولة والحركة الصهيونية من مسألة عرب "أرض إسرائيل" بمجملها.
لقد تبنى زعماء "الييشوف" والحركة الصهيونية على الدوام توجه إقصاء العرب الفلسطينيين ونادى الذين تطرقوا إلى هذه المسألة بالترانسفير وبتفريغ البلاد من عربها بطردهم إلى مناطق "الضفة الغربية" وإلى الدول العربية وحتى إلى أميركا الجنوبية.
لسنوات طويلة بدا مصطلح النكبة- الكارثة الإنسانية- مصطلحا كافيا لتقديم (وصف) كل من أحداث العام 1948 في فلسطين وتأثير تلك الأحداث على حياتنا اليوم. أعتقد أن الوقت قد حان لاستخدام مصطلح آخر وهو التطهير العرقي في فلسطين. فمصطلح النكبة لا يتضمن أية إشارة مباشرة إلى من يقف وراء الكارثة، بمعنى: يمكن لأي شيء أن يسبب دماراً في فلسطين ويمكن أن يكون ذلك الفلسطينيون أنفسهم. لكن لن يكون الأمر كذلك عند استخدام مصطلح التطهير العرقي، فهذا المصطلح يتضمن اتهاماً وإشارة مباشرين إلى مرتكبيها، ليس فقط في الماضي وإنما في الحاضر أيضا. والأهم من ذلك بكثير أنها تربط سياسات، مثل تلك التي أدت إلى دمار فلسطين في العام 1948، بأيديولوجية معينة، خصوصًا وأن تلك الأيديولوجية ما زالت الأساس لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين أينما حلّوا - أي حيث تتواصل النكبة- أو بتعبير أكثر دقّة وقوّة حيث يتصاعد التطهير العرقي. بحلول الذكرى الثامنة والخمسين للنكبة، آن الأوان لاستخدام مصطلح التطهير العرقي بوضوح ودون أي تردد، باعتباره أفضل مصطلح قادر على وصف عملية طرد الفلسطينيين في العام 1948.
يظهر الجيش الإسرائيلي في صورة المنتصر الحقيقي في عملية الانفصال، لكننا ورغم استعراض القوة اللافت الذي قام به الجيش، وربما بسبب ذلك، نقف اليوم أمام نقطة تحول مهمة في سيرورة تفكك "جيش الشعب".
الفكرة المؤسسة أو المركزية في "جيش الشعب"، ليست التجنيد الإلزامي أو الوظائف الاجتماعية للجيش، وإنما هي أولاً وقبل كل شيء المكانة العالمية للجيش، بمعنى كونه منظمة أو هيئة تتمتع بصورة هيئة تقف فوق التقسيمات السياسية والطبقية والطائفية والجنوسية للمجتمع الإسرائيلي-اليهودي. ثبات وتماسك هذه الصورة أكسب الجيش الإسرائيلي على مر السنوات سمعة وموارد وتأثيراً سياسياً، حتى ولو كان (الجيش) قد خدم، من ناحية عملية، مصالح سياسية ولعب دوراً في الإبقاء على اللامساواة الاجتماعية.
الصفحة 713 من 859