تدلّ العملية العسكرية ضد "حماس" في قطاع غزة، والتي يهاجم الجيش الإسرائيلي خلالها ليس فقط خلايا مطلقي صواريخ القسام وغراد وإنما أيضاً مؤسسات ومقار السلطة (الشرطة ووزارات الحكومة)، على فشل أساسي في تفكير القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل. وهذا الفشل، الذي تجلى في أثناء حرب لبنان الثانية في مواجهة منظمة "حزب الله" وقبل ذلك في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ينبع من حقيقة أن صانعي القرارات في إسرائيل لا يدركون ضرورة التمييز بين المس بمن يمارس العنف ضد إسرائيل وبين من يمكن، عاجلاً أم أجلاً، أن ينجح في إقامة سلطة مستقرة- وإن لم تكن بالضرورة مؤيدة- في الجانب الآخر.
الأزمات الاقتصادية الخطرة ليست معزولة عن مسألة الأمن القومي. فمثل هذه الأزمات تمس بالمناعة القومية وتؤثر على قدرة الدول على تحقيق أهدافها القومية. فهي تزيد من الأعباء والضغوطات المالية على أجهزة الأمن وتحد من هامش المناورة السياسية وتهدد رفاهية الجمهور وتفاقم الإجرام وربما تخلق منفذاً لسيرورات اجتماعية خطرة. لذلك من المهم معالجتها بسرعة وبحزم ومن خلال رؤية شمولية.
بقلم: أهارون دافيد كوبرمان (*)
يعتبر سبب اندلاع الأزمة الأخيرة في منطقة القوقاز أوسع وأعمق بكثير من مجرد اهتمام روسيا بسلامة سكان أوسيتيا الجنوبية، وهم أقلية عرقية غير روسية. فالسبب الحقيقي الذي حدا بالروس لغزو جورجيا يكمن في تصادم مصالح بين روسيا والغرب في أربع جبهات مختلفة، تجلت كافتها في الأزمة الراهنة. صحيح أن روسيا إجتاحت جورجيا، غير أن موسكو أملت في أن يُسمع صدى إجتياحها العسكري لمدينتي "غوري" و"بوتي" ليس فقط في تبيليسي (عاصمة جورجيا) وكييف (عاصمة أوكرانيا) وإنما أيضاً في بروكسل وواشنطن.
في نيسان 2003 أعلنت الإدارة الأميركية أنها توصلت إلى خطة للتسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وعرفت هذه الخطة باسم "خريطة الطريق".
إن أحد المكونات البارزة في الخطة تتمثل في توجهها التدريجي (المرحلي) لحل النزاع الطويل الدامي بين إسرائيل والفلسطينيين، وهي رؤية تفترض أن التسوية الإسرائيلية- الفلسطينية تتطلب النضوج لدى الطرفين وإيجاد علاقات قائمة على الثقة يتم تكريسها على مدار سنوات إضافة إلى إحلال هدوء معين في المواجهات العنيفة بين الطرفين. وقد كان من المفروض بخريطة الطريق أن تُفضي في نهاية المطاف إلى تحقيق رؤية الرئيس بوش بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
الصفحة 713 من 883