لعلّ أول ما نصادفه في سياق إجمال الأيام المئة الأولى من الحرب الإسرائيلية ضد غزة التي صادف انتهاؤها أمس الأحد (14 كانون الثاني 2024)، هو أن ثمة لهجة مختلفة تطغى على جلّ التحليلات المتعلقة بالنتائج التي تم إحرازها حتى الآن في سياق هذه الحرب، وهي لهجة فيها قدر أكبر من خيبة الأمل وربما المرارة من جراء الفجوة الكبيرة بين ما جرى تحقيقه فعلاً والأهداف التي وضعتها الحكومة للحرب والتي ازداد توصيفها بأنها أهداف طموحة جداً وغير واقعية.
كثر الحديث خلال الأسابيع الأخيرة في وسائل الإعلام وفي النقاشات الرسمية الإسرائيلية (على مستوى الكابينت الأمني السياسي، وكابينت الحرب) عن المرحلة الثالثة من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. هذا الانتقال يتم تقديمه أحياناً كاستجابة لضغط الولايات المتحدة، وأحياناً أخرى كاستجابة للضرورات العسكرية الميدانية. وبصرف النظر عن دوافع هذا الانتقال، فإنه أثار خلافات وأحدث تباينات بين أقطاب "كابينت الحرب" و"الكابينت الموسّع" في إسرائيل لأسباب عديدة ليس أقلّها التشكيك في كون هذا الانتقال يٌعد إعلاناً ضمنياً عن انتهاء الحرب من ناحية، ناهيك عن التصريحات حول صلاحية "كابينت الحرب" في اتخاذ مثل هذا القرار.
خلال أول أسبوعين من الحرب على قطاع غزة (وبالتحديد بين 7-23 تشرين الأول)، تحول التيك توك (TikTok) إلى ساحة حرب يحقق فيها الفلسطينيون والمناصرون لهم انتصارا يوصف بأنه كاسح. في هذه الفترة، تم نشر حوالى 8 ملايين فيديو مناصر لإسرائيل فقط مقابل حوالي 114 مليار فيديو مناصر للفلسطينيين. من جهة، يمكن النظر بصورة تبسيطية للأمر والادعاء بأن إسرائيل فشلت في السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا التيك توك الذي يعتبر منصة صينية خارج إطار هيمنة إسرائيل- الغرب. من جهة ثانية، وعند التعمق في الأمر، فإن وراء هذا الفشل تحولات عالمية في الرأي بحيث أن الشباب العالمي ما دون عمر 35 عاما (وهو الأنشط على تيك توك) يعتبر أكثر مناصرة للفلسطينيين، ومناهضا للاستعمار، وناقدا لسياسات إسرائيل العدوانية، ولديه فهم تاريخي لأصل الصراع، وهو الجيل الذي يروج لـ هاشتاغ "الحرية من النهر إلى البحر". هذه المقالة تستعرض حرب إسرائيل- حماس على منصة التيك توك.
عرضت وزارة المالية الإسرائيلية، في نهاية الأسبوع الماضي، مسودّة اقتراح لتعديل ميزانية العام الجاري 2024، التي كان الكنيست قد أقرها في شهر أيار الماضي، وهي تحتاج لتعديل واسع، نظرا لكلفة الحرب على قطاع غزة، التي بات يتفق الجميع على أنها قد تتجاوز 240 مليار شيكل. ومن المفترض أن تقر الحكومة هذا الاقتراح تمهيدا لعرضه على الكنيست. وفي حين أن الحكومة اتفقت على تقليص بنسبة 5% من ميزانية الصرف الجاري، في جميع الوزارات، فإنها تتفق على زيادة أساسية في ميزانية الجيش، عدا كلفة العدوان. وفي ظل هذا، يدور جدل حول الصرف على حقائب وزارية تُعد "هامشية لا حاجة لها"، إلا أن غالبيتها في واقع الحال أقيمت لغرض الصرف على الاستيطان والجمهور الاستيطاني، والتيار الديني الصهيوني، وتعميق الفكر اليميني الاستيطاني، تحت تسمية "تعميق الهوية اليهودية" وغيرها.
الصفحة 53 من 859