تتوالى، منذ فترة، تقارير إسرائيلية مختلفة، بحثيّة وإحصائية، بدأت تكشف عن جوانب أخرى، غير العسكرية ـ السياسية ـ الاجتماعية ـ الاقتصادية، من النتائج والآثار التي نجمت عن يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 والهجوم المباغت الذي شنته قوى المقاومة الفلسطينية على عمق الأراضي الإسرائيلية في منطقة ما يسمى "غلاف غزة"، بما فيها من منشآت وقواعد عسكرية وبلدات سكانية. وتركز هذه التقارير على الآثار والنتائج الصحية، الجسدية والنفسية، التي طاولت وتطاول المواطنين الإسرائيليين ـ ناهيك عن النتائج التي طاولت ولا تزال تطاول العسكريين في مختلف الأجهزة والتشكيلات الأمنية ـ ترتباً على الهجوم المذكور ونتائجه الميدانية وما تلاها من حرب إبادة تدميرية شنتها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ولا تزال مستمرة حتى هذا اليوم.
أصدرت وزارة العمل الإسرائيلية تقرير العمل السنوي عن العام 2023، احتلّت معظم صفحاته كالمتوقع تأثيرات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول والحرب الاحتلالية على قطاع غزة. وجاء في مقدمته: اتسمت الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023 بسوق عمل متماسكة. واستمراراً للاتجاه الذي ظهر في نهاية العام 2022، ففي الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023، دلّت مؤشرات مختلفة إلى تباطؤ متوقع في الاقتصاد من شأنه أن يؤثر أيضاً على سوق العمل، كما يلي: انخفاض مستمر في معدل الوظائف الشاغرة، خشية من التباطؤ العالمي وأخبار نشرت في وسائل الإعلام حول عمليات إقالة العمال التي بدأت في صناعة التكنولوجيا الفائقة (الهايتك). ومع ذلك، فلم ينعكس أي من الأمور المذكورة على معدلات التشغيل والبطالة، التي ظلت تشير إلى ارتفاع في الطلب على عمال. وبلغ متوسط معدل التشغيل في سن 15 فما فوق في الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023 مستوى قياسيا بلغ 61.6%. وبلغ معدل البطالة بتعريفه الأوسع (معدل البطالة الملاءَم، الذي يشمل من تم إخراجهم إلى إجازات غير مدفوعة الأجر) خلال تلك الفترة ما يعادل بالمتوسط 3.9%، وهو معدل منخفض بمقارنة تاريخية.
في حين تم منع روسيا من المشاركة في الألعاب الأولمبية، ضمن دورة باريس 2024، بسبب غزوها أوكرانيا، لم تواجه إسرائيل عقوبة مماثلة على الرغم من صدور دعوات عديدة لاستبعادها. وقد أثار هذا التناقض أسئلة حرجة حول نزاهة اللجنة الأولمبية الدولية (IOC)، وحول اتساق قراراتها. ويستند قرار اللجنة الأولمبية الدولية القاضي بحظر روسيا من المشاركة في الألعاب الأولمبية إلى انتهاك روسيا للهدنة الأولمبية، وهو مبدأ أساس، وجزء من التقليد المتبع، ويهدف إلى تعزيز السلام في أثناء الألعاب. واعتبرت تصرفات روسيا في أوكرانيا، بما في ذلك ضم الأراضي والغزو نفسه، بمثابة انتهاكات واضحة للميثاق الأولمبي. ونتيجة لذلك، لم يسمح للرياضيين الروس بالمنافسة إلا تحت علم محايد، وبدون إبراز هويتهم الوطنية، سواء في أثناء المشاركة، أو الفوز، بما يشمل سماع النشيد الوطني ورفع العلم الروسي.
تُسلّط هذه المساهمة الضوء على دراسة إسرائيلية جديدة تتطرق إلى الجدل الدائر حول استمرار الحرب على قطاع غزة، وحول طبيعة الأهداف التي يجب تحقيقها والوسائل والآليات، بالإضافة إلى معضلة الجبهة الشمالية والمواجهة المتصاعدة مع حزب الله، وسط تصاعد الحديث عن احتمالية تدحرجها إلى مواجهة شاملة وسط دعوات لإبعاد قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني. في ضوء ذلك، تحاول الدراسة العودة إلى عمليات صنع القرار في العام 1982 والمناخات المصاحبة لهذه العمليات، وكذلك العواقب على الجيش الإسرائيلي خلال تلك الفترة وخاصة في العام الأول عندما انسحب الجيش من جانب واحد، حيث تسعى لإجراء مقارنة مع الوضع الحالي، في محاولة لتسليط الضوء على أخطاء الماضي التي يجب أن تُشكّل بحسب كاتبيها عوفر شيلح ويردين أسرف (من "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب) ضوء تحذير لأصحاب القرار في إسرائيل على كافة المستويات.
الصفحة 40 من 880