في مطلع تشرين الثاني 2023، بدأت إسرائيل العمل على إنشاء ما يسمى بـ "منطقة أمنية (آمنة)" داخلقطاع غزة. ومن المفترض أن يبلغ عرض هذه المنطقة/ الشريط نحو كيلومتر واحد، وسوف يمتد علىكامل حدود قطاع غزة مع إسرائيل (نحو 60 كيلومترا)، ويشمل مواقع عسكرية وطرقا معبدة وأجهزةمراقبة.
ولتحقيق هذا الهدف، تقوم إسرائيل الآن بتدمير ما هو موجود في الأراضي المخصصة لـ"المنطقةالأمنية": المباني السكنية والمنشآت العامة، بما في ذلك المدارس والعيادات والمساجد والحقول الزراعيةوالبساتين والدفيئات الزراعية. تستعرض هذه المقالة أهم المناطق العازلة في تاريخ إسرائيل، وتركز على مشروع إقامة منطقة عازلة في قطاع غزة في أعقاب 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
بعد مضي أكثر من ستة أشهر على مفاجأة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول والصدمة "القومية" التي هزّت أركان الدولة الإسرائيلية وجميع مؤسساتها ومكوّناتها، السياسية والأمنية والعسكرية والجماهيرية، ثم ما تلاها من حرب إبادة جماعية شاملة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة توازيها، بتزامن مضبوط الإيقاع تماماً، حرب تهجير جماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وحرب ترهيبية شاملة ضد الفلسطينيين المواطنين في دولة إسرائيل ـ بعد ستة أشهر وقد أخذت آثار الصدمة تتلاشى تدريجياً، بفعل عوامل عديدة ومختلفة يضيق المجال عن الخوض فيها هنا، يبدو أن "مياه الحياة" قد بدأت تعود إلى "مجراها الطبيعي"، بما في ذلك الآراء والمواقف التي من الواضح أنها بدأت تعود إلى "مواطنها الأصلية"، لكن بصورة أكثر تعصباً وتشبثاً.
سارع الوزير في حكومة الطوارئ الإسرائيلية، جدعون ساعر، في الأسبوع الماضي، إلى شقّ تحالفه مع حزب "أزرق أبيض" بزعامة بيني غانتس، في إطار تحالف "المعسكر الرسمي"، بإدعاء أن الكتلة "لا تلبي تطلعاته اليمينية القومية"، وأقر له الكنيست تشكيل كتلة برلمانية من 4 نواب بزعامته، تحمل اسم حزبه "أمل جديد"، إلا أن ساعر من ناحية عملية استبق خطوة كانت شبه مؤكدة من طرف بيني غانتس، الذي يحظى بمضاعفة قوته البرلمانية في استطلاعات الرأي العام، والتي بدأت قبل اندلاع العدوان على قطاع غزة، لكنها تعززت خلال الحرب. ورَد غانتس على ساعر كان مؤشرا إلى ذلك، لما فيه من استخفاف.
ما زالت تحليلات إسرائيلية كثيرة منشغلة حتى النخاع بالخلافات في الرأي القائمة بين الحكومة الإسرائيلية والولايات المتحدة في ما يتعلق بالحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من خمسة أشهر وما ستؤول إليه، وهي خلافات انعكست مؤخراً بكيفية ما في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي جو بايدن عن "حال الاتحاد" أمام الكونغرس الأميركي في نهاية الأسبوع الماضي، وكذلك في التصريحات التي أدلى بها إلى وسائل إعلام في إثر الخطاب، واستمر عبرها في إبداء تحفظاته وإن ضمنياً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو متهّماً إياه بـ "الإضرار بإسرائيل أكثر من نفعها"، إنما جنباً إلى جنب تأكيد دعمه إسرائيلَ وما وصفه بأنه حقّها في الدفاع عن نفسها، على ما يحمله ذلك من إشارة إلى تبدّد أوهام الرهان على حدوث تحوّل جوهري في موقف أميركا الثابت من الحرب ضد غزة وأهدافها.
الصفحة 40 من 859