عند الحديث عن الفساد سنجد أن إسرائيل، بالمقارنة مع جميع دول العالم الغربي، تقع في أسفل الدرك. فقد تدهورت خلال عشر سنوات من المكان الرابع عشر في مؤشر الفساد العالمي إلى المكان الـ 34، حيث تتكشف بين الفينة والأخرى فضيحة جديدة مثيرة للقشعريرة أكثر من سابقاتها (ضريبة الدخل، الشبهات ضد وزير المالية في قضية الجمعية الوطنية للعمال، رئيس الحكومة- إيهود أولمرت- وقضايا الفساد الكثيرة التي يُشتبه بتورطه فيها، رئيس هيئة الأركان العامة [السابق دان حالوتس] وقضية أسهمه في البورصة، رئيس الدولة- موشيه قصاب- والشبهات العديدة التي تحوم حوله) ونحن ما زلنا ماضين في السقوط إلى الهاوية الفظيعة.
اتفاق مكة الذي وقع بين حركتي "فتح" و"حماس" في الثامن من شباط الجاري استقبل بالترحيب في الشارع الفلسطيني. اللجنة الرباعية الدولية أعربت عن تأييدها للخطوة الهادفة إلى وقف العنف الداخلي لكنها طالبت بالتزام الحكومة الجديدة المزمع تشكليها بالمطالب الثلاثة (وقف الإرهاب والالتزام بالاتفاقيات الموقعة والاعتراف بإسرائيل). أما موقف الحكومة الإسرائيلية إزاء الاتفاق فقد تراوح بين الارتباك والرفض، بل وسارع متحدثون مختلفون في وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى القول إن الاتفاق لا يحتوي على أي جديد وأن الأمر لا يعدو كونه من ناحية عملية تسوية داخلية فلسطينية لا تلبي شروط المجتمع الدولي، ولذلك يجب رفضه.
وصلت أسعار النفط ("الخفيف") خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إلى رقم قياسي إذ بلغ سعر البرميل الواحد 90 دولاراً، وذلك استمراراً لموجة ارتفاع الأسعار التي بدأت في العام 2003. وبمصطلحات واقعية، يمكن القول إن هذه هي أسعار أعلى بنسبة كبيرة من أسعار "الموجة الأولى" التي طرأ فيها ارتفاع قياسي على أسعار النفط في أعقاب حرب "يوم الغفران" (حرب تشرين الأول 1973)، وهي تقترب من أسعار الذروة غير المسبوقة التي تحددت في "الموجة الثانية" التي أعقبت الثورة الإسلامية (بقيادة الخميني) في إيران.
[قراءة حول جدوى الاستثمار في المنظومات الدفاعية]
تجدّد إطلاق صواريخ "القسّام" على بلدة سديروت في الأسابيع الأخيرة، طرح مجدداً على بساط البحث مسألة الوسائل الدفاعية الممكنة في مواجهة هذا السلاح. تداول هذا الموضوع ليس بالأمر الجديد، إذ شرعت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في بحثه والانشغال فيه قبل أكثر من عشر سنوات، حينما كانت "كريات شمونه" تتعرض للقصف بصواريخ الكاتيوشا من لبنان. وفي هذا السياق حظيت بعناوين بارزة في شكل خاص منظومة الليزر التكتيكية "ناوتيلوس"، التي جرى تطويرها في نطاق تعاون إسرائيلي- أميركي بهدف اعتراض صواريخ (قصيرة المدى) بواسطة أشعة ليزر شديدة القوة. وعلى الرغم من أنه استثمرت مبالغ طائلة في هذا المشروع، إلاّ أنه جُمِّدَ بعد مرحلة من التجارب والاختبارات.
تهدف هذه الورقة إلى تحليل مجمل الاعتبارات المختلفة والإجابة على السؤال الأساسي: هل يتعين على إسرائيل الشروع في عملية تفاوضية للتوصل إلى تسوية سياسية مع سورية؟
صورة الوضع... أسئلة مركزية
عملية المفاوضات السياسية بين إسرائيل وسورية، والتي استمرت طوال العقد السابق، انتهت في السادس والعشرين من آذار 2000 باللقاء الفاشل بين (الرئيسين السابقين) بيل كلينتون وحافظ الأسد. وقد طرأت منذ ذلك الوقت تغييرات هائلة في الخريطة الإستراتيجية تؤثر على الوضع الراهن والمستقبلي في العلاقات الإسرائيلية- السورية، سواء في سورية أو إسرائيل وكذلك في المنطقة والعالم.
اللقاء الذي جمع أخيراً بين رئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو اللقاء الأول بينهما منذ لقائهما غير الرسمي في شهر حزيران الماضي، لا يبشر باستئناف عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية. مع ذلك فإن أهمية هذا اللقاء تتجاوز مجرّد انعقاده، ذلك لأنه قد يشير، على الأقل بصورة كامنة، إلى رغبة مشتركة لدى الطرفين في الخروج من الطريق المسدود الذي يسم العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية منذ انهيار مفاوضات السلام قبل ست سنوات أو أكثر.
الصفحة 14 من 119