بدأت مباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية الاسرائيلية، التي ضمنت وجود "كتلة يمين مانعة" في البرلمان الاسرائيلي السادس عشر، الاتصالات والمشاورات الحزبية لتشكيل حكومة جديدة في اسرائيل، يرئسها، مرة اخرى، رئيس الوزراء الحالي ارئيل شارون.
ويتوقع العالمون بخفايا الامور ان تكون مهمة شارون الجديدة "الأصعب في حياته"، عندما سيحصل على تكليف من الرئيس الاسرائيلي موشيه قصاب بتشكيل حكومته الجديدة، بعد أن أكد قادة "العمل" بعد ظهور نتائج الهزيمة الانتخابية موقفهم الرافض للانضمام الى حكومة وحدة وطنية بقيادة شارون، وبنفس الخطوط العريضة التي سارت بموجبها حكومته الاولى.
ويواجه شارون عدة سيناريوهات محتملة لحكومته الثانية، وبموجب النتائج الحالية فهو قادر على تشكيل حكومة يمين – حرديم ضيقة خلال اسبوع، تكون قادرة على العيش طويلاً. لكنه قال اكثر من مرة، واكد على ذلك في خطاب النصر، ان "حكومة يمين لن تقوم" في اسرائيل. شارون لا يرى نفسه برأس حكومة يشاركه فيها رئيس "الاتحاد القومي" افيغدور ليبرمن، وتعترض أي تقدم على المسار السياسي في المنطقة، وتضغط لإبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وتحول دون حصول اسرائيل على الضمانات المالية الامريكية.
في الايام الخمسين القادمة، حتى الموعد الذي سيكون عليه فيه عرض حكومته امام الكنيست الجديد، سيعمل شارون، وبكل الوسائل التي بحوزته، على تشكيل حكومة وحدة بالصيغة السابقة، مع "العمل".
اذا فشل في ذلك سيتوجه شارون الى "شينوي" عارضاً عليه الانضمام الى حكومة يمين ضيقة، مع او بدون "شاس". اذا فشل شارون في ذلك، سيضطر الى تشكيل الحكومة التي لا يرغب بها – حكومة يمين – حرديم ضيقة، على امل تغيير تركيبتها لاحقاً.
لكن الخيار المفضل لدى شارون هو حكومة وحدة مع حزب "العمل". وفي سبيل تشكيل حكومة كهذه سيحاول تجنيد صديقه شمعون بيريس ومجموعات ضغط اخرى من بين الجمهور، من اقتصاديين ورجال امن ومفكرين ومزارعين ورؤساء مدن وحتى الولايات المتحدة واوروبا، لكي يضغطوا جميعاً على "العمل" للانضمام للحكومة. وسيستخدم شارون الحرب القريبة على العراق لتليين معارضة كبار "العمل" الانضمام لحكومته الجديدة.
يمكن لحكومة "ليكود" مع "العمل" ان تضم "المفدال" و "يسرئيل بعلياه" و "يهدوت هتوراه" و "شاس" و "عام احاد" – بدون "الاتحاد القومي"، ما مجموعه 76-77 نائباً.
حكومة محتملة اخرى يصعب رؤيتها تتشكل هي حلم رئيس "شينوي" يوسف لبيد: حكومة وحدة علمانية. لهذه الغاية على شارون ان يعمل ما يصعب ادراكه: ان يخرق تحالف "الليكود" مع احزاب "الحرديم". خطوة كهذه ستجر شارون الى مجابهة مع الكتلبة الموجودة داخل كتلته: كتلة بنيامين نتنياهو. لن يوافق وزير الخارجية الاسرائيلية واعضاء اخرون في "الليكود" على ان يطلب رئيس الحكومة منهم دفع ثمن دورته الاخيرة، ومن المتوقع ان يعارضوا بشدة التخلي عن احزاب "الحرديم".
مع ذلك، سيستصعب حزب "العمل" ان يرفض الدخول في حكومة كهذه. في هذه الحالة ستضم حكومة شارون احزاب الليكود، العمل، يسرئيل بعلياه، ما مجموعه 74-75 نائباً. واذا رغب "المفدال" في الانضمام الى حكومة علمانية، سيكبر حجم الائتلاف بأربعة – خمسة نواب اضافيين. اذا اصر "العمل" على رفضه، سيعرض شارون على "شينوي" الانضمام لحكومته، لكنه سيطالبه بالتخلي عن شرطه بالشراكة مع حكومة بدون "حرديم". اعلن لبيد ويوسف باريتسكي ان "شينوي" لن يتراجع عن رفضه الجلوس سوية مع "الحرديم". اذا اصر لبيد على موقفه، سيضطر شارون في نهاية الامر التنازل عن "شاس". في هذه الحالة، ستضم حكومته احزاب "شينوي"، "يسرئيل بعلياه"، "عام احاد" و "المفدال – ما مجموعه 68 نائبا تقريباً. يأمل شارون ان موافقة "شينوي" ستجر معها حزب "العمل" ايضا او اجزاء منه. ومن السابق لاوانه معرفة ما اذا كان "يهدوت هتوراه" و "المفداتل" سيوافقان على الانضمام لحكومة مع "شينوي". واذا فرض الحزبان الفيتو عليها – لن يتمكن شارون من التخلي عن "شاس". حكومة يمين – شينوي لن تكون مستقرة، لأن غالبية اعضاء الكنيست من "شينوي" محسوبون على "اليسار"، ولن يسارعوا لتأييد سياسية لا يوافقون عليها.
الحكومة التي لا يرغب بها شارون هي حكومة يمين ضيقة، تضم الليكود، شاس، الاتحاد القومي، المفدال، يهدوت هتوراه، يسرئيل بعلياتن، وربما عام إحاد ايضا – ما مجموعه 68 نائباً. حكومة كهذه قادرة على العيش طويلاً، لان اسقاطها يتطلب تجنيد 61 نائباً وعرض حكومة بديلة، وهو ما يبدو مستحيلا في تركيبة البرلمان الجديد.
حكومة يمين ضيقة ستعاني من ضربات وانتقادات المعارضة يومياً، توجهها احزاب العمل وشينوي وميرتس. حكومة كهذه لن يكون سهلا لها ان تعمل في ضوء المصاعب الاقتصادية والامنية المتوقعة لاسرائيل، لكنها لن تسقط سريعا.