المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

الى أي حد وصلت الدعاية الفلسطينية (والاسلامية بشكل عام) في اختراق قلوب وعقول مثقفين وادباء وفنانين في الغرب، تدلنا رسالة ارسلتها مكتبة متميزة في اوكسفورد (the inner bookshop) الى دار النشر "استرولوغ" في تل ابيب، بعد سنوات من الارتباط التجاري في مجال التوزيع. جاء في الرسالة ما يلي:"تقلقنا للغاية، ومنذ وقت طويل، سياسة اسرائيل تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة – سرقة اراضيهم، واقتلاع بيوتهم وكروم زيتونهم من الاساس، واطلاق النار على اطفالهم الابرياء، وعموماً، تحويل حياتهم العادية الى مستحيلة. في هذه الظروف، ليس مفاجئاً أن نجد بينهم من يرد بتفجيرات انتحارية واعمال فظيعة اخرى... لقد قررنا اذن ان الاوان قد حان لأن ننضم الى المقاطعة الاكاديمية لاسرائيل ومنتجاتها. ومع الاخذ بعين الاعتبار طابع الكتب التي تنشرونها، يحتمل ان شركتكم لا تؤيد سياسة الحكومة الاسرائيلية، واذا كان الامر كذلك، عليكم ان تفهموا الاسباب التي دفعتنا للقيام بذلك... كلنا امل في أن تحتجوا أمام حكومتكم لكون سياستها تتسبب لكم بخسائر مادية".

وفي الختام، تحمل الرسالة الضربة القاضية: "يحزننا كثيراً ان اسرائيل بالذات، من بين جميل الدول، ومع ذاكرتها التي لا تمحي عن الكارثة، تتصرف مع شعب آخر كما لو كان أقل انسانية، وتنفذ فيه "تطهيراً عرقياً".>>. التواقيع – جميع مستخدمي المكتبة باسمائهم وخط يدهم.

نسخة عن الرسالة المذكورة جاءتني من الأديب ايهود بن عيزر، الشريك في "استرولوغ". وقد رد على المقاطعين برسالة شديدة اللهجة بدون اعتذار او تملق (اشار فيها ايضا الى انه كان مرة ضمن قائمة "ميرتس" لانتخابات الكنيست)، محذراً اياهم من أن الوقت لن يطول حتى يلحق بهم نفس الارهاب الاسلامي الذي يمس بنا الان.

لا معنى في مجادلة كتاب الرسالة أو السؤال كيف يمنحون الارهابيين المنتحرين، الذين يقتلون الناس الابرياء، وبضمنهم الاطفال والرضع، فقط لأنهم يهود، الصفح والغفران، بينما لا يحظى من يحاربهم بأي تفهم عندهم، او ان نسأل ما اذا كانوا يدركون ان "التطهير العرقي" يعني ابادة مجموعات بكاملها من السكان فقط بسبب اصلها (هل هذا ما نفعله؟!). لقد تفشى فيروس اللاسامية سريعا في نسيج المجتمع الغربي، عبر وسائل الاعلام المكتوبة والالكترونية (التي يمتهن بعضها خدمة مصالح دول اسلامية) الى حد لم يعد فيه بمقدور أي وسيلة مانعة ان تقضي عليه. يم يعد البرتقال وقطع غيار من انتاج اسرائيل دنسة لوحدها بالنسبة لليد الاوروبية، بل ابحاث ودراسات الاكاديميين الاسرائيليين ايضا، والان، صرنا نسمع من يوم ليوم ان تيارات ورسامين وادباء ايضا مطالبون باثبات معارضتهم العملية لـ "السياسة الاسرائيلية في المناطق"، قبل ان يحصلوا على اعفاء من المقاطعة. غالبا، فان ذلك لا يفيد، لان بقعة كونك يهوديا – اسرائيليا لن تمحي عن الجلد. دائما "الطابع اليهودي" موجود. لقد طالت المقاطعة مغنين ورسامين معروفين بأنهم يساريون من الصف الاول، وفي دول مختلفة.

لكن من يعتقد ان "العمل المقدس" في التحريض على مقاطعة اسرائيل تقوم به اساسا الدعاية العربية لوحدها، فهو مخطىء. فقد ارفق مع الرسالة المذكورة "ملحق"، هو بمثابة "شاهد ملكي"، وهو عبارة عن نسخة من تقرير في الصحيفة السياسية الساخرة Private Eye. الكاتب اسرائيلي، قيل انه "حفيد لمستوطنين صهيونيين"، يفصل كافة فظائع الاحتلال الاسرائيلي ويقتبس ما قاله "500 ضابط وجندي اسرائيلي"، من رافضي الخدمة: "هدف اسرائيل الحالي هو ان تحتل وتنهب وتهدم وتطوق وتقتل وتجوع وتهين شعبا بكامله".

عمل الصديقين من اكسفورد يتم اذن بأيدٍ اخرى، هي في هذه الحالة من لحمنا ودمنا.

(يديعوت احرونوت، 26 كانون الثاني)

ترجمة: "مدار"

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, اللاسامية

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات