اختتم الكنيست الإسرائيلي، مطلع الأسبوع الجاري، 28 تموز (بتمديد 4 أيام)، دورته الصيفية، وبالتالي اختتم عاما برلمانيا، هو الثاني لحكومة بنيامين نتنياهو الحالية؛ عام بدأ مع اندلاع الحرب المتواصلة، على الشعب الفلسطيني، وشهد إقامة حكومة طوارئ، وفضّها بعد 8 أشهر. ورغم ما شهدناه من "عواصف وأزمات" داخل الائتلاف الحاكم، على خلفية شد الحبال لكسب مراكز قوة، فإن إدراك أحزاب الائتلاف الحاكم بعدم وجود بديل لكل واحد منها، وأن مصلحتها المشتركة سياسيا وحزبيا وجماهيريا تقضي باستمرار الحكومة الحالية، جعلها تُخمد هذه العواصف، أو على الأقل عدم جعلها خاتمة لاستمرار الائتلاف، وتواصل دربها، خاصة وأنها لا تلقى أي تهديد من المعارضة الصهيونية، التي دخلت في سباق مع الائتلاف، على المبادرة لسن قوانين الاحتلال والاستبداد والقمع، والتمييز العنصري، كان آخرها قرار سياسي برلماني برفض مبدئي لقيام دولة فلسطينية، إذ انقسمت المعارضة الصهيونية بين مؤيد للقرار، وبين غائب عن جلسة التصويت.
أصدرت محكمة العدل الدولية (ICJ) في لاهاي، هولندا، يوم الجمعة 19 تموز الجاري، نص "الرأي الاستشاري" الذي توصلت إليه بشأن النتائج والإسقاطات القانونية المترتبة على السياسات والممارسات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. ونحاول في هذه المعالجة توضيح بعض المفاهيم والمصطلحات الأساسية المتعلقة بهذه المحكمة وبالإجراء الذي سلكته مؤخراً: ما هو "الرأي الاستشاري"؟ ما هي الأسئلة المركزية التي طُرحت على المحكمة؟ ما هو ملخص ما توصلت إليه المحكمة في رأيها الاستشاري هذا وما هي النتائج العملية المحتمل أن تترتب عليه؟
لا تزال الحكومة الإسرائيلية تصرّ على عدم تقديم أية رؤية سياسية لفترة ما بعد حرب الإبادة والتدمير الشامل التي تشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وللشهر العاشر على التوالي، مغلِّبَةً اعتباراتها ومصالحها السياسية ـ الحزبية الداخلية على أية اعتبارات ومصالح استراتيجية ـ سياسية خارجية، إلى جانب استمرارها في تفضيل الحرب على أية صفقة لتحرير المخطوفين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، أحياءً كانوا أم أمواتاً. وتستغل إسرائيل استمرار الحرب في قطاع غزة غطاءً لمواصلة وتعميق مساعيها وإجراءاتها العملية على أرض الواقع لضم الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية فعلياً ليصبح هذا الضم حقيقة واقعة في حكم الواقع. وهي تفعل ذلك بروح "السباق مع الزمن" من منطلق رغبتها، ورغبة ائتلافها البرلماني الحاكم، في "استغلال الفرصة التاريخية" التي تتيحها لها تشكيلتها الائتلافية و"إنجاز هذه المهمة القومية العليا" قبل انفراط عقد هذا الائتلاف البرلماني، لأنه قد يكون انفراطّا نهائياً بغير رجعة، في المدى المنظور على الأقل. وهي تفعل ذلك، أيضاً، من خلال العمل الحثيث على إضعاف السلطة الفلسطينية، وخاصة من الناحية الاقتصادية بوقف تحويل أموال المقاصة، بموازاة تكثيف الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية وشرعنة المزيد من البؤر لاستيطانية "غير القانونية"(!) مقابل تهجير المزيد من التجمعات الفلسطينية من أراضيها وبيوتها، إلى جانب توفير الدعم والغطاء لممارسات المستوطنين الإرهابية ضد الفلسطينيين في قراهم، أحيائهم ومنازلهم في مختلف أنحاء الضفة الغربية، معتمدةً ليس فقط على الجيش وحكمه العسكري هناك، بل على "الإدارة المدنية" أيضاً، التي أوكلت المسؤولية عنها إلى "الوزير في وزارة الدفاع"، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
قدم مراقب الدولة الإسرائيلية تقرير رقابة أجراها على الحكم المحلي في 2023 - 2024. وهو ينوّه بأنه بالرغم من قيامه بإجراء رقابة شاملة ستتناول عدة مواضيع تتعلق بالسابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023 وحرب "السيوف الحديدية" فإن "هناك واجبا عاما وأخلاقيا لإجراء الرقابة التي من شأنها أن تفحص أداء جميع المستويات في يوم المذبحة، في الفترة التي سبقتها وفي الفترة التي تلتها"، كما جاء في مقدمته.
عبّر محافظ بنك إسرائيل المركزي، أمير يارون، الأسبوع الماضي، عن نظرة تشاؤمية حيال مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، استنادا إلى سلسلة معطيات في الاقتصاد، ومعها أداء الحكومة في إدارة الميزانية، وشكل إعداد ميزانية العام المقبل. وأعلن عن إبقاء الفائدة البنكية على حالها، وهي تُعد عالية بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي، ملمحا إلى أنها قد تبقى عند مستواها الحالي فترة طويلة. ويأتي هذا القرار، في ظل استفحال غلاء المعيشة، رغم ما يظهر من لجم لوتيرة التضخم في الشهرين الماضيين، فالأسعار ترتفع بنسب أعلى من نسب التضخم في المواد والبضائع الحياتية الأساسية، من أغذية وغيرها. إلى ذلك، فقد نشرت معطيات جديدة بشأن الكلفة العسكرية للحرب الدائرة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إذ بلغت حتى الآن 30 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل حتى نهاية العام الجاري إلى أكثر من 35 مليار دولار، وهذا لا يشمل الكلفة المدنية للحرب.
في 8 تموز 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي أن يهودا فوكس، قائد المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش، أنهى خدمته وخرج إلى التقاعد، وحل مكانه اللواء آفي بلوط. يأتي هذا الانتقال في قيادة المنطقة الوسطى في ظل توتر كبير في العلاقات بين المستوطنين التوراتيين وقائد المنطقة الوسطى المنصرف، فوكس، لدرجة وصلت إلى أن تضع المخابرات الإسرائيلية حراسا مرافقين لفوكس خوفاً على حياته من المستوطنين الغاضبين. ففي شباط 2023، تم نقل صلاحيات إدارة حياة المستوطنين والتخطيط والبناء في المنطقة "ج" وجزء من عمليات مصادرة الأراضي من القيادة الوسطى للجيش إلى وزارات مدنية، مما أدى إلى تضارب في الصلاحيات بين القيادة الوسطى والوزارات المدنية التي يسيطر عليها المستوطنون. واجه اللواء فوكس تحديات كبيرة بسبب تآكل سلطته وعدم قدرته على الاستمرار كصاحب السيادة على منطقة محتلة، خاصة مع تعمد الشرطة الإسرائيلية تحت قيادة الوزير إيتمار بن غفير عدم فرض الأمن في شوارع الضفة الغربية وترك المستوطنين المسلحين يمارسون أعمالاً إرهابية.
الصفحة 24 من 337