مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها السابع، وفي أعقاب إعادة انتشار الجيش والإعلان غير الواضح عن انتهاء العملية العسكرية الكبيرة في خانيونس، تزايدت الأصوات الإسرائيلية المتأثرة بأجواء الإحباط من تعثّر الجيش في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى: القضاء على حركة حماس، استعادة الأسرى والمحتجزين من قطاع غزة. إن حالة الإحباط هذه تتأتّى في أعقاب التوقّعات العالية بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي التي أنتجها خطاب المؤسستين الأمنية والعسكرية حول قيمة العملية في خانيونس وادّعاء تمركز قوة وقيادة حركة حماس وجناحها العسكري، الأمر الذي جعل العملية بمثابة "محطّة حسم" على طريق تحقيق "النصر المطلق" الذي يتحدّث عنه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والنخبتان الأمنية والعسكرية.
في نيسان 2024 أعلن اللواء يهودا فوكس نيته ترك منصبه مع انتهاء ولايته في آب 2024. فوكس هو قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، والحاكم العسكري للضفة الغربية، والذي تحت "منطقة السيادة" التابعة له تعمل أيضاً السلطة الفلسطينية (منطقتا "أ" و"ب") والإدارة المدنية (منطقة "ج")، ويعتبر أيضا "وزير الأمن الداخلي" بحيث أن الشرطة والمخابرات وحرس الحدود وباقي قنوات التنسيق الأخرى، تعمل تحت موافقته وإشرافه. يأتي إعلان فوكس هذا في ظل عام ونصف العام من احتجاجات المستوطنين عليه، والدعوة إلى تعيين قائد منطقة جديد مقرب منهم.
أصبح من المعروف أن المحاولات المحمومة، سياسياً ودبلوماسياً واستخباراتياً وكذلك قضائياً، التي بذلتها السلطات الإسرائيلية المختلفة على امتداد سنوات عديدة للإبقاء على علاقات دولة إسرائيل و"تعاونها السرّي" مع العديد من أكثر الأنظمة دكتاتوريةً واستبداداً ووحشية في العالم، عسكرياً وأمنياً بالأساس، طي السرية والكتمان، قد مُنيت بفشل واضح منذ بضع سنوات وأصبحت معروفة للقاصي والداني، بتفاصيل مرعبة حقاً، حتى لو كانت جزئية فقط. وحين يُطرح هذا الموضوع، في أي سياق كان، لا بد إلا أن يحضر اسم المحامي إيتاي ماك، الذي يُعتبر ـ وبحقّ ـ رائد المعركة، التي يخوضها وحيداً في أغلب الأحيان، من أجل إزاحة ستار السرية والغموض عن هذا المجال وما فيه من تفاصيل يمكن أن تشكل، بالتأكيد، أكثر من لائحة اتهام جنائية واحدة، بموجب القوانين الدولية، ضد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وشخوص قياداتها وضد دولة إسرائيل نفسها. ولا يزال ماك ينشط في هذا المجال وحيداً منذ سنوات، بعيداً عن أضواء "المجد" التي تُسلَّط في العادة على المحاربين من أجل حقوق الإنسان ودفاعاً عنها.
أعدّ مراقب الدولة الإسرائيلية مؤخراً "تقرير رقابة متابعة موسعاً حول موضوع الإجراءات التي تتخذها حكومة إسرائيل واستعداداتها لأزمة المناخ" العالمية، وذلك بعد نحو عامين من نشر تقرير خاص لمكتب المراقب حول هذا الموضوع في تشرين الأول 2021. ويقول معدو التقرير، إنه تم وضعه عشيّة مؤتمر المناخ الدولي COP28، الذي عقد في نهاية العام 2023. لكن لم يُطرِح هذا التقرير على طاولة الكنيست ولم يقدَّم إلى الجمهور حتّى الآن بسبب الحرب ضد قطاع غزة.
استمرت التحليلات الإسرائيلية على مدار الأسبوع الماضي في الانشغال بتداعيات أحداث ليلة الثالث عشر والرابع عشر من نيسان 2024 التي قامت فيها إيران، لأول مرة، بشنّ هجوم غير مسبوق على إسرائيل بواسطة مئات المُسيّرات والصواريخ البالستية التي تم إطلاقها في اتجاه الأراضي الإسرائيلية من الأراضي الإيرانية، وأيضاً من العراق واليمن. وزاد على ذلك انشغال بالردّ الإسرائيلي على هذا الهجوم الذي جرى صباح يوم التاسع عشر من نيسان وكان شبه حتميّ، مثلما أشرنا في كلمة الأسبوع الفائت.
تدل المؤشرات الاقتصادية حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، على تدهور مستمر في جوانب أساسية في الاقتصاد الإسرائيلي، على الرغم من تقارير تتحدث عن انتعاش حالي في الاستهلاك العام، وتراجع البطالة إلى نسبة أقل مما كانت عليه عشية شن الحرب على قطاع غزة؛ فقد دلّ مؤشر التضخم المالي في شهر آذار الماضي، المعلن عنه قبل أيام، أن التضخم عاد إلى وتيرة الارتفاع، وقد يتجاوز توقعات التضخم الرسمية، وكذا بالنسبة للعجز في الموازنة العامة، الذي بلغ حتى نهاية العام نسبة 6.2% من حجم الناتج العام، وهو بات قريبًا جدًا من الحد الأقصى الذي تتوقعه ميزانية العام الجاري.
الصفحة 19 من 324