تصدّرت العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة في رفح مؤخراً العناوين الإخبارية والنقاشات السياسية، في إسرائيل وخارجها، ويأتي ذلك في أعقاب تصريح لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أكّد فيه أن إسرائيل ستنفّذ عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح. هذا التصريح، أثار عاصفة من النقاشات السياسية الدولية والإقليمية، بما في ذلك تحذيرات دولية وعربية من أن يتسبّب إقدام إسرائيل على مثل هذه العملية بمجزرة كبيرة أو تهجير الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية، لا سيما وأن رفح يُقيم فيها اليوم قرابة 1.5 مليون فلسطيني من المدنيين، جزء كبير منهم تم تهجيره من مناطق شمال ووسط وجنوب قطاع غزة منذ بداية الحرب.
تشكل شبكات التواصل الاجتماعي، منذ زمن، جبهة إضافية أخرى من جبهات الحروب حيث تدور عليها معارك "إعلامية" ودعائية حامية الوطيس بحيث يحاول المتحاربون على جبهة العساكر والأسلحة المتنوعة كسب التعاطف والتأييد، كل إلى جانبه، من جهة، ونشر أعداد لا تُحصى من الأخبار والتقارير الكاذبة، الملفقة، المختَلَقة، كجزء من الحرب الإعلامية ـ النفسية، من جهة أخرى. هذه حقيقة أصبحت معروفة للجميع تقريباً ويحاول الجميع تحقيق أكثر ما أمكن من النقاط من خلال الاستفادة من "جبهة شبكات التواصل الاجتماعي" هذه. لكنّ ما واجهه الجيش الإسرائيلي، ولا يزال، في حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة منذ أربعة أشهر ونصف الشهر، هو ظاهرة جديدة شكلت مفاجأة بالنسبة له، لم يكن مستعداً لها ولا يعرف الآن طريقاً إلى التخلص منها فيقف عاجزاً تماماً حيالها.
في الأشهر الأربعة الأولى من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تم تنظيم نحو 280 مظاهرة مناصرة لإسرائيل في الولايات المتحدة، في مقابل أكثر من 1600 مظاهرة مناصرة للفلسطينيين. ولا بد من القول على الفور إن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة خلال هذه الأشهر تعتبر الأكبر والأوسع منذ بداية الاحتلال. في ولايات معينة، بات الصوت السياسي للجالية الفلسطينية والعربية والمسلمة عاملاً مؤثراً في الحملات الانتخابية، وسبباً يدفع رئيس الولايات المتحدة إلى التفكير في تعديل بعض سياساته الخارجية بغية إرضاء هذه الأصوات.
تثبت أحزاب اليهود الحريديم (المتزمتين دينياً) في هذه المرحلة، وبشكل خاص في كل سنوات الألفين، أنها القوّة الأصلب، والأشد إخلاصا لمعسكر حزب الليكود واليمين الاستيطاني، ويخلصون بالذات لشخص بنيامين نتنياهو، الذي خلافا لسلفه أريئيل شارون في قيادة الليكود، عرف كيف يضمن التصاقهم به، وذلك بضمان كافة مطالبهم، وتشجيع تدفقهم على المستوطنات لزيادة أعداد المستوطنين، حتى باتت من أولى مصالحهم ضمان زيادة امتيازات المستوطنات والمستوطنين، وهم باتوا جزءا أساسيا من اليمين الاستيطاني. ولم نسمع منهم في أي يوم، أي تهديد للانسحاب من الحكومة الحالية، خلافا للشركاء من التيار الديني الصهيوني. إضافة إلى هذا، وخلافا لما يظهر في استطلاعات الرأي، فإن قوتهم البرلمانية ليس فقط ثابتة، وإنما في اتجاه الزيادة، لأن ارتكازهم الأساس هو على جمهورهم المتنامي عدديا بوتيرة سريعة، بفعل معدلات الولادة العالية.
يتناول التقرير السنوي لمراقب الدولة الإسرائيلية قضية التلويث وتهديد الصحة العامة من جانب استخدام المياه العادمة التي تتم معالجتها وتنقيتها لاستخدامها في الري الزراعي. حيث يتم سنويا في إسرائيل، تصريف ما يقرب من 600 مليون متر مكعب من المياه العادمة في نظام الصرف الصحي، حيث تتم معالجة معظمها في مرافق تطهير المياه العادمة، ويحوَّل أكثر من 80% منها إلى الري الزراعي بواسطة منشآت استعادة المياه العادمة. حيث أن استخدامها يحل مشكلة التخلص منها ويساهم بالتالي في الحفاظ على جودة البيئة وجودة مصادر المياه الطبيعية. هذه المنشآت تتزوّد بالمياه من مرافق تطهير المياه العادمة وتشكل نظام النقل الذي ينقل تلك المياه من المنتجين (مرافق التطهير) إلى المستهلكين (المزارعين).
أجمع معظم المحللين الاقتصاديين في إسرائيل على أن قرار الشركة العالمية لتدريج متانة اقتصاد الدول أمام الاعتمادات الدولية "موديز"، القاضي بتخفيض تدريج إسرائيل درجة واحدة ليس فقط بسبب الحرب، رغم أن تبعات الحرب لها وزن كبير جدا، بل أيضا بسبب شكل إدارة الاقتصاد، وخاصة ميزانية الدولة، وتضاف لها توقعات سلبية للاقتصاد الإسرائيلي. وهنا أيضا حمّل العديد من المحللين المسؤولية لشخص رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، واعتبروا القرار فشلا يُسجّل عليه، إلى جانب الانتقادات لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي اختار الاستخفاف بقرار "موديز"، رغم التبعات السلبية جدا لهذا القرار على الاقتصاد، مثل احتمال تراجع قيمة الشيكل، وحذر مستثمرين عالميين في دخولهم لقطاعات الاقتصاد الإسرائيلي، وارتفاع كلفة الفوائد على ديون الحكومة الإسرائيلية في العالم.
الصفحة 26 من 324