بيّن استطلاع "مؤشر الصوت الإسرائيلي" الأخير، لشهر نيسان الماضي والذي أُجرِيَ فعلياً في الأسبوع الأول من أيار الجاري ونُشرت نتائجه الأسبوع الماضي (12 أيار الجاري)، أن أغلبية كبيرة نسبياً من الجمهور الإسرائيلي ترى أن الأفضلية العليا، من حيث المصلحة القومية الإسرائيلية في الوقت الراهن، هي لصفقة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية تؤدي إلى إطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين لدى المقاومة في قطاع غزة. وبهذا الهدف المرجو تحقيقه منها، فإن مثل هذه الصفقة هي المفضَّلة على "عملية عسكرية واسعة النطاق" في مدينة رفح في جنوب قطاع غزة.
تتواصل المواجهة بين نقابة المعلمين في إسرائيل وبين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يقود سياسة تمس بالحقوق النقابية الأساسية، وتتمثّل أخيراً في مسعاه للخصم من رواتب المعلمين الذين يشاركون في إضرابات تعلنها النقابة. واحتجاجاً على هذا المساس بالرواتب أعلنت نقابة المعلمين الإضراب ووقف الدراسة مدة ساعتين يوم الأحد الأخير، 19 أيار. وتفسّر نقابة المعلمين على لسان رئيسها ران إيرز هذه الخطوة على أنها جزء من مخطط لخصخصة نظام التعليم وتحويل المعلمين إلى موظفين متعاقدين بعقود فردية، وبالتالي ضرب الحق الأساس في تنظمهم النقابي الجماعي، مما يضعهم منفردين أمام كل محاولة حكومية قادمة للنيل من حقوق عمّالية إضافية لهم.
نمت منظمة "ريغافيم" الاستيطانية من NGO (منظمة غير حكومية) صغيرة تعمل على منع البناء الفلسطيني "غير القانوني" في الأراضي المصنفة "ج"، إلى صاحبة سلطات ونفوذ في الضفة الغربية. وبينما أن صلاحيات "المنسق" (COGAT) تنهار تدريجياً لتغدو مركزة أكثر في ما يخص إدارة شؤون السكان الفلسطينيين، فإن "ريغافيم" تتحول تدريجياً إلى "المنسق" البديل الذي يدير مستقبل الأراضي "ج".
ومنذ بداية العام 2023، يمكن النظر إلى "ريغافيم" على أنها "الإدارة العليا" للمشروع الاستيطاني، وتقف على رأس منظومة عمل (ecosystem)؛ فهي تركز العلاقة بين شبكة معقدة من الكيانات التي تشمل الحكومة الإسرائيلية، والإدارة المدنية، ومنظمات استيطانية، ووزارات ووكالات حكومية متعددة، الأمر الذي يجعل برنامج عمل "ريغافيم" هو برنامج الدولة في ما يخص الأراضي "ج".
تؤكد سلسلة من التقارير الاقتصادية الإسرائيلية أن قرار تركيا القاضي بوقف التبادل التجاري مع إسرائيل، من شأنه أن يعمّق أزمة الغلاء المستفحل أصلا، والذي يضرب أساسا المواد والبضائع الغذائية والحياتية الأساسية، إذ إنه بحسب ما ينشر عن طبيعة التبادل التجاري الإسرائيلي التركي، فإن النسبة الأعلى من الاستيراد في تركيا تتركز في المواد الغذائية، والمنتوجات الزراعية، ومعها أيضا ما يساهم بقدر كبير في قطاع البناء الإسرائيلي، إذ إن النقص في هذه البضائع سيقلل العرض، ويرفع الأسعار، وكل البدائل التي شرع المستوردون الإسرائيليون في البحث عنها ستكون كلفتها أعلى مما هي من تركيا، ورغم ذلك فهناك من يراهن من الإسرائيليين على أنها أزمة لن تدوم، ومرتبطة أساسا باستمرار الحرب. وضمن الأوضاع الاقتصادية، تشير التوقعات الجديدة إلى عجز في الميزانية العامة، بحجم لم تعرفه إسرائيل منذ سنوات طوال.
".... إنّ ما حصل على "جبل الجرمق" قد حصل "خارج نطاق السيادة الإسرائيلية... في حيّز تنازلت عنه دولة إسرائيل من غير حرب"، بتعبير أحد المحللين الإسرائيليين، وهو التجسيد المأساوي لواقع "الحكم الذاتي" الذي يتمتع وينعم به جمهور المتدينين الحريديم وحقيقة تشكيلهم "دولة (الحريديم) المستقلة في داخل دولة إسرائيل". وهو الأخطر والأبعد أثراً من بين العناوين الثلاثة المذكورة آنفاً" ـ كانت هذه إحدى الجمل المركزية في التقرير الذي نُشر هنا في 10 أيار 2021 تحت عنوان "حادثة ميرون (الجرمق): التجاهل والإهمال وفقدان سيطرة الدولة على دولة الحريديم"!، وذلك عقب "حادثة الجرمق (ميرون)" التي وقعت في الليلة بين 29 و30 نيسان 2021 وأحدثت هزة قوية في داخل دولة إسرائيل بعد أن أسفرت عن مقتل 45 شخصاً وإصابة العشرات جراء الاكتظاظ والتدافع الشديدين جداً خلال "الاحتفال" بـ "زيارة قبر الحاخام شمعون بار يوحاي" على جبل الجرمق (ميرون) بمشاركة عشرات الآلاف من اليهود الحريديم.
"التشريعات هي أشبه بحجر يُلقى في الماء، وتترتب عليه تموّجات بحكم تعريفه. إن التشريعات التي تنتهك أبسط مبادئ القانون الجنائي في ما يتعلق بالقاصرين تبدأ في تلك الحالات التي نشعر جميعاً حيالها بذلك الشعور أننا ملزمون بعمل شيء ما، لكن في غضون سنوات قليلة نجد الموجات نفسها، نجد التموجات نفسها في التشريع الذي يتناول معاقبة القاصرين غير الضالعين في الإرهاب بل أشياء أخرى"- هكذا أوضح عضو الكنيست جلعاد كريف (حزب العمل) الشهر الماضي خلال نقاشه في لجنة الدستور والقانون والقضاء معارضته لمشروع قانون الشبيبة الذي يسمح بفرض عقوبة السجن على قاصر قبل بلوغه 14 عاما. وأضاف أن "عقيدة المنحدر الزلق ليس نظرية في كليات الحقوق. بل هذا هو الواقع الذي نعيشه وسيكون الضرر مضاعفا". المقصود هنا مشروع قانون لم تتم المصادقة عليه بعد. لكن في الدورة الشتوية للكنيست التي اختتمت مؤخرا، في ظل الحرب وحالة الطوارئ، تمت المصادقة على قوانين وأنظمة، من شأنها قلب الأمور رأساً على عقب.
الصفحة 18 من 325