المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
النزوح القسري عن رفح، في 12 أيار الجاري. (أ.ف.ب)

بيّن استطلاع "مؤشر الصوت الإسرائيلي" الأخير، لشهر نيسان الماضي والذي أُجرِيَ فعلياً في الأسبوع الأول من أيار الجاري ونُشرت نتائجه الأسبوع الماضي (12 أيار الجاري)، أن أغلبية كبيرة نسبياً من الجمهور الإسرائيلي ترى أن الأفضلية العليا، من حيث المصلحة القومية الإسرائيلية في الوقت الراهن، هي لصفقة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية تؤدي إلى إطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين لدى المقاومة في قطاع غزة. وبهذا الهدف المرجو تحقيقه منها، فإن مثل هذه الصفقة هي المفضَّلة على "عملية عسكرية واسعة النطاق" في مدينة رفح في جنوب قطاع غزة.

فقد أشارت النتائج إلى أن 62 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع، (56,3 بالمائة من المشاركين اليهود فيه و88,5 بالمائة من المشاركين العرب) يرون أن الصفقة المذكورة هي الأفضل "من حيث المصلحة القومية الإسرائيلية"، بينما رأى 31,5 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع، 36,8 بالمائة من المشاركين اليهود و5,9 بالمائة من المشاركين العرب في الاستطلاع أن "العملية العسكرية الواسعة في رفح" هي الأفضلية العليا في المرحلة الحالية "من حيث المصلحة القومية الإسرائيلية". وقد ظهر بين المشاركين اليهود اختلاف في الموقف بهذا الشأن تبعاً للانتماء السياسي ـ الحزبي. فبينما رأت الأغلبية الساحقة من المنتمين إلى معسكر "اليسار ـ الوسط" أن الأفضلية العليا هي لصفقة تحرر المخطوفين الإسرائيليين (92,5 بالمائة و78 بالمائة، على التوالي)، رأت الأغلبية من بين المنتمين إلى معسكر اليمين (56 بالمائة) أن الأفضلية العليا هي لعملية عسكرية واسعة في رفح. ولكن، حتى بين مصوتي اليمين أنفسهم ثمة فوارق كبيرة في الموقف من هذه المسألة: بين مصوتي "الليكود" ـ 48,5 بالمائة مع العملية العسكرية مقابل 44 بالمائة مع صفقة لتحرير المخطوفين، بينما بين مصوتي أحزاب الحريديم والصهيونية الدينية ـ أغلبية كبيرة تؤيد العملية العسكرية وتفضلها على أية صفقة لتحرير المخطوفين (64 بالمائة و83 بالمائة، على التوالي).

أما المعطى الأهمّ في نتائج الاستطلاع حول هذا الموضوع فيكمن في توزيعة المشاركين اليهود حسب الأجيال. الأشخاص الأكبر سنّاً يفضلون الصفقة على العملية العسكرية: الأشخاص في سن 18 ـ 34 عاماً منقسمون بالتساوي تقريباً بين تفضيل الصفقة (48,5 بالمائة) وتفضيل العملية العسكرية (45,5 بالمائة)، بينما الأشخاص في سن 35- 54 عاماً وفي سن 55 عاماً وما فوق يفضلون الصفقة لتحرير المخطوفين (56 بالمائة و67 بالمائة، على التوالي).

يشار إلى أن "مؤشر الصوت الإسرائيلي" هو الاستطلاع الذي يجريه "مركز فيطربي" (في إطار "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية") للرأي العام والسياسات في إسرائيل مرة كل شهر، ابتداء من نيسان 2019. وقد شمل استطلاع المؤشر للشهر الأخير عينة من المستطلَعين قوامها 750 شخصاً من الذكور والإناث (600 منهم من اليهود و150 من العرب، في سن 18 سنة وما فوق) تم استطلاع آرائهم في الأيام الأولى من شهر أيار الجاري ـ من 1 حتى 6 أيار. وقد تناول هذا الاستطلاع مجموعة من القضايا والأسئلة المطروحة على جدول الأعمال الإسرائيلي العام ويتداولها الإعلام الإسرائيلي بكثافة عالية خلال الفترة الأخيرة، وأبرزها: المزاج القومي العام ـ مستقبل النظام الديمقراطي في إسرائيل ومستقبل الأمن القومي الإسرائيلي؛ أيهما أفضل: "عملية عسكرية واسعة" في رفح، في قطاع غزة، أم صفقة لتحرير المخطوفين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة؛ الميزان الإستراتيجي بين إسرائيل وإيران؛ من زاوية المصلحة الإسرائيلية: أيهما المرشح الأفضل للرئاسة الأميركية ـ جو بايدن أم دونالد ترامب؟؛ ما مدى مصداقية ونجاعة العقوبات الاقتصادية ضد بعض منظمات وناشطي اليمين المتطرف الإسرائيلي؟؛ ما مدى تأثير الأداء السياسي الإسرائيلي وكونه محفزاً للاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية؟ حملات التظاهر التضامنية مع الشعب الفلسطيني وحقوقه في العديد من أبرز الجامعات في العالم، في الولايات المتحدة خصوصاً وفي الدول الأوروبية وغيرها ـ هل هي تعكس مواقف أغلبية الجمهور في تلك الدول؟ هل ثمة أساس للمقارنة بين الهولوكوست وأحداث يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر؟

"المزاج القومي" في هبوط مستمر!

في كلا المجالين اللذين يشكلان "المزاج القومي" (الإسرائيلي)، أشارت نتائج الاستطلاع إلى استمرار التراجع والهبوط مقارنة بما أظهرته نتائج استطلاع الشهر السابق، آذار، بل بيّنت أن "المزاج القومي" اليوم أدنى حتى مما كان عليه من هبوط في منتصف العام 2023. ويفحص هذان المجالان مدى شعور المواطنين الإسرائيليين بالأمن، مدى قلقهم على الوضع الأمني المستقبلي، مدى رضاهم عن المستوى الأمني الذي تضمنه لهم الدولة اليوم ومدى قدرة الدولة على ضمان أمن مواطنيها ـ وهي أسئلة مستحدَثة تُطرح اليوم بدرجة عالية من الجدية والقلق، وخصوصاً بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. وفي موازاة التساؤلات القلقة في المجال الأمني، هنالك تساؤلات قلقة أيضاً بشأن مستقبل النظام الديمقراطي في إسرائيل، وهي التي يؤكد معدّو الاستطلاع أنها تشكل استمراراً طبيعيا ومكملاً للتساؤلات في المجال الأمني، من حيث ديناميكية التأثير والتأثر المتبادلين التي نشأت بينهما عقب أحداث السابع من أكتوبر ثم تعززت بصورة عميقة جراء الحرب على قطاع غزة وحيال استمراراها، من جهة، ومن جراء التصعيد الحاصل على الحدود الشمالية بين إسرائيل و"حزب الله" ومآلات هذا التصعيد، من جهة أخرى. ويشير معدو الاستطلاع إلى أنهم فحصوا "هل ثمة علاقة ما بين التفاؤل/ التشاؤم في أحد المجالين وبين التفاؤل/ التشاؤم في المجال الثاني"، منوّهين بأن الفحص اقتصر على المشاركين اليهود فقط، نظراً لأنّ "نسبة المتفائلين بين المشاركين العرب كانت متدنية جداً لدرجة أنها تُفرغ هذا الفحص من جدواه". وبيّن الفحص بين المشاركين اليهود أنّ "ثمة علاقة بين المجالين، حقاً"، وهي أقوى بشكل واضح بين المتشائمين بشأن كلا المجالين. فبينما أبدى 62 بالمائة من المتفائلين بمستقبل النظام الديمقراطي تفاؤلاً أيضاً بمستقبل الأمن القومي، كان 81 بالمائة من المتشائمين بمستقبل النظام الديمقراطي متشائمين أيضاً بمستقبل الأمن القومي.

ويبرز الهبوط بشكل خاص وأساسي بين المشاركين العرب في الاستطلاع، إذ أن مستوى التفاؤل بينهم هو أدنى بكثير من مستوى التفاؤل بين المشاركين اليهود، الذين كان التغيير الذي حصل لديهم في هذين المجالين خلال الشهر الأخير طفيفاً جداً. وبينما عبّر 18 بالمائة فقط من المشاركين العرب في الاستطلاع عن تفاؤلهم (مقابل 79,7 بالمائة عبروا عن تشاؤمهم) بمستقبل النظام الديمقراطي في البلاد وعبّر 16 بالمائة منهم فقط عن تفاؤلهم (مقابل 80,5 بالمائة عبروا عن تشاؤمهم) بمستقبل "الأمن القومي"، عبّر 35 بالمائة من المشاركين اليهود عن تفاؤلهم بمستقبل النظام الديمقراطي ومستقبل الأمن القومي ـ وهي نسبة منخفضة بالطبع وتنطوي على تراجع عما كان عليه الوضع في أشهر سابقة، كما ذكرنا. في المقابل، عبّرت أغلبية كبيرة من الجمهور الإسرائيلي عامة (64,6 بالمائة) ومن الجمهور اليهودي كذلك (61,3 بالمائة) عن التشاؤم بشأن وضع دولة إسرائيل الأمني في المستقبل المنظور، مقابل 31,6 بالمائة فقط من مجمل المشاركين في الاستطلاع أبدوا تفاؤلاً. كذلك الحال أيضاً بشأن وضع النظام الديمقراطي في إسرائيل في المستقبل القريب، أيضاً، ذ عبّرت الأغلبية (62,2 بالمائة) عن شعور بالتشاؤم، مقابل 32,4 بالمائة من المشاركين عبروا عن شعور بالتفاؤل.

إيران، ترامب وبايدن

سُئل المشاركون في الاستطلاع عن رأيهم بشأن وضع كل من إيران وإسرائيل الإستراتيجي بعد تبادل الضربات في الأسابيع الأخيرة ـ أيهما وضعها الإستراتيجي الآن أفضل؟ فقالت أغلبية من بين مجمل المشاركين (42,4 بالمائة) ومن بين المشاركين اليهود (46,4 بالمائة) أن إسرائيل في وضع إستراتيجي أفضل، بينما قال ذلك 23,1 بالمائة من المشاركين العرب في الاستطلاع. واعتبرت نسبة متقاربة من بين مجمل المشاركين (16,1 بالمائة) ومن بين المشاركين اليهود (17,2 بالمائة) ومن المشاركين العرب فيه (10,8 بالمائة) أن وضع إيران الإستراتيجي هو الأفضل الآن. في المقابل، قال 45,8 بالمائة من المشاركين العرب و20,7 بالمائة من المشاركين اليهود و25 بالمائة من مجمل المشاركين أن وضع كلتا الدولتين الإستراتيجي الآن "متعادل".

وفي السؤال حول المرشح للرئاسة الأميركية الأفضل من حيث خدمة المصالح الإسرائيلية، قال 37,4 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع و42,5 بالمائة من المشاركين اليهود و12,7 بالمائة من المشاركين العرب إن دونالد ترامب هو المرشح الأفضل، مقابل 28,9 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع و32,0 بالمائة من المشاركين اليهود و13,8 بالمائة من المشاركين العرب قالوا إن جو بايدن هو المرشح الأفضل. وقال 24,0 بالمائة من مجمل المشاركين في الاستطلاع و15,0 بالمائة من المشاركين اليهود إنه ليس هنالك أي فرق بين المرشحين الاثنين في خدمة المصالح الإسرائيلية، بينما قال ذلك 67,8 بالمائة من المشاركين العرب في الاستطلاع.

 

المصطلحات المستخدمة:

الليكود

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات