في زيارته إلى الولايات المتحدة كانت أمام رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، مهمّة حسّاسة- إلى جانب إلقاء خطاب في الأمم المتحدة- حيث كان عليه أن يُعيد ترميم العلاقة ما بين دولة إسرائيل والحزب الديمقراطي الأمريكي من جهة، وما بين الحزب الديمقراطي الأمريكي و"منظمة الأيباك" اليهودية من جهة ثانية.
يفتتح الكنيست الإسرائيلي اليوم (الرابع من تشرين الأول) دورته الشتوية، التي من المُفترض أن تستمرّ ستّة أشهر، وهي الدورة الأطول من بين دورتي البرلمان السنوية. وستكون هذه الدورة امتحاناً جدّياً لمدى تماسك الائتلاف الحكومي الحالي، وقدرته على تحدّي المعارضة غير المتماسكة، وأيضاً قدرته على عدم إحداث تشقّقات في الائتلاف، والمهمة الأكبر الماثلة أمام الحكومة هي تمرير الموازنة العامة للعامين الجاري والمقبل.
يكاد لا يخلو أيٌّ من التقارير السنوية التي يُصدرها مكتب "مراقب الدولة" في إسرائيل ويُلخّص فيها المشكلات الأساسية الأهمّ التي تُعاني منها إسرائيل في مختلف المجالات، سواءً الاستراتيجية أو الخدماتية الحياتية، وكذلك القصورات الأبرز والأخطر في عمل الأذرع السلطوية المختلفة ومنظوماتها المتعدّدة، من فصل يتكرّر في كل تقرير سنوي يُعالج مدى "جهوزية دولة إسرائيل لمواجهة هزّة أرضية قوية". حتى أنّ مُراقب الدولة السابق، القاضي (المتقاعد) يوسف شابيرا، أصدر في تموز 2018 "تقريراً استثنائياً خاصاً" حول الموضوع تحت عنوان "جهوزية الدولة لهزّة أرضية ـ البُنى التحتية القومية والأبنية"، وذلك على إثر تحذيرات كثيرة صدرت عن خبراء إسرائيليين أكّدوا أن "وقوع هزة أرضية قوية في إسرائيل هي مسألة وقت، لا غير"، وذلك عقب تعرّض إسرائيل يوم 4 تموز 2018 إلى سِت هزّات أرضية خفيفة واثنتين أُخريين، ارتداديتين، في غضون أقل من 24 ساعة.
عادت العلاقة المتوترة بين إسرائيل والحزب الديمقراطي الأميركي، التي ورثتها حكومة نفتالي بينيت عن حكومة بنيامين نتنياهو، إلى واجهة الأحداث الأسبوع الماضي. فعرقلة عدد من الأعضاء الديمقراطيين التقدميين في مجلس النواب الأميركي، مشروع قانون الموازنة العامة في الولايات المتحدة بسبب تضمنها بندا ينص على دعم إسرائيل بمليار دولار لتعزيز ترسانتها من صواريخ وبطاريات القبة الحديدية، شكلت ضربة غير متوقعة لإسرائيل.
"صحيح أن السنة هي فترة زمنية قصيرة للغاية في سياق رصد وتقصي التحولات الجيو سياسية الواسعة والعميقة، لكنّ بعض الآثار قد تظهر في غضون فترة أقصر من تلك بكثير، بل قد يكون بعضها فورياً أيضاً. هذا ما يمكن قوله، بدرجة عالية من الدقة في التشخيص والتقييم، عن "اتفاقيات أبراهام" التي تمثل تأثيرها الفوري الجليّ، أساساً، في تقويض مكانة المقاطَعة العربية ضد إسرائيل، وهو ما نجمت عنه تأثيرات عديدة مختلفة ظهرت بصورة واضحة خلال السنة الأولى من عمر هذه الاتفاقيات"- هذه هي الخلاصة المركزية التي تسجلها دراسة جديدة أجرتها د. موران زاغا، الباحثة في معهد "ميتفيم" (مسارات ـ المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية) وفي "كلية حايكين" للدراسات الجيو استراتيجية في جامعة حيفا، وذلك بمناسبة مرور عام واحد على إبرام تلك الاتفاقيات ونشَرها معهد "ميتفيم" مؤخراً تحت عنوان: "هل كانت اتفاقيات أبراهام حدثاً مُغَيِّراً للّعبة؟ ـ اختبار السنة الأولى".
مرّت في الأسبوع الماضي مئة يوم على الحكومة الإسرائيلية ذات الرئاسة التناوبية بين نفتالي بينيت ويائير لبيد، ولا يوجد ما يمكن الإشارة اليه كإنجاز لهذه الحكومة، سوى أنها كسرت الرهان على سقوطها خلال بضعة أسابيع قليلة، وتبث إشارات ثبات لفترة أطول، وفق الوضع القائم حاليا؛ خاصة بعد أن مررّت في الكنيست مشروع الموازنة بالقراءة الأولى بسهولة، ما قد يدل ربما على سهولة تمرير الميزانية في موعدها، في مطلع تشرين الثاني. في المقابل فإن حزب "يمينا" برئاسة نفتالي بينيت، الذي سجّل سابقة بتوليه رئاسة الحكومة رغم صغر كتلته في الكنيست، يترقب مستقبله، بعد أن مدّ يده لشرخ معسكر اليمين الاستيطاني، برغم أنه يواصل تطبيق سياساته.
الصفحة 108 من 332