المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
اتفاقيات التطبيع: "سلام" ملتبس ووقائع لم تتضح بعد.  (الصورة عن موقع "سي إن إن")
اتفاقيات التطبيع: "سلام" ملتبس ووقائع لم تتضح بعد. (الصورة عن موقع "سي إن إن")
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1979
  • سليم سلامة

"صحيح أن السنة هي فترة زمنية قصيرة للغاية في سياق رصد وتقصي التحولات الجيو سياسية الواسعة والعميقة، لكنّ بعض الآثار قد تظهر في غضون فترة أقصر من تلك بكثير، بل قد يكون بعضها فورياً أيضاً. هذا ما يمكن قوله، بدرجة عالية من الدقة في التشخيص والتقييم، عن "اتفاقيات أبراهام" التي تمثل تأثيرها الفوري الجليّ، أساساً، في تقويض مكانة المقاطَعة العربية ضد إسرائيل، وهو ما نجمت عنه تأثيرات عديدة مختلفة ظهرت بصورة واضحة خلال السنة الأولى من عمر هذه الاتفاقيات"- هذه هي الخلاصة المركزية التي تسجلها دراسة جديدة أجرتها د. موران زاغا، الباحثة في معهد "ميتفيم" (مسارات ـ المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية) وفي "كلية حايكين" للدراسات الجيو استراتيجية في جامعة حيفا، وذلك بمناسبة مرور عام واحد على إبرام تلك الاتفاقيات ونشَرها معهد "ميتفيم" مؤخراً تحت عنوان: "هل كانت اتفاقيات أبراهام حدثاً مُغَيِّراً للّعبة؟ ـ اختبار السنة الأولى".

يشار إلى أن "اتفاقيات أبراهام" هو الاسم الرسمي الذي أُطلق على اتفاقيتي التطبيع اللتين جرى إبرامهما، برعية أميركية، بين دولة إسرائيل وكل من دولة الإمارات العربية المتحدة (في 13 آب 2020) ثم دولة البحرين (في 11 أيلول 2020). أما مصطلح "مُغَيِّر للعبة" فمأخوذ من مجال العلوم السياسية ويُقصد به توصيف حدث كاسر للمسلمات المعتمَدة والقواعد المعمول بها في العلاقات الدولية أو ضمن منظومة دولتية محددة. أما القاعدة المعنية التي يجري الحديث عن كسرها و/ أو تغييرها هنا، تحديداً، فهي نهج "المقاطعة العربية" ضد دولة إسرائيل، ولو في جانبه الرسمي المعلن فقط علماً بأنه مُخترَق تماماً في الجانب الفعلي التنفيذي، منذ سنوات عديدة جداً.

لدى التوقيع على هذه الاتفاقيات، انقسم الباحثون الذين رغبوا في المشاركة في هذا التحدي الفكريّ (المتمثل في السؤال أعلاه: هل ستكون الاتفاقيات حدثاً مُغيّراً للعبة؟) إلى مجموعتين: كان أعضاء المجموعة الأولى يميلون إلى تقزيم أهمية الحدث والاعتقاد بأن لا جديد في الأمر لأنه ليس سوى استمرار لعلاقات كانت قائمة من قبل، ولو بصورة غير رسمية وعلنية. واعتبر هؤلاء الباحثون دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين دولتين هامشيتين لا تملكان تأثيراً جدياً على الأحداث والتطورات في الشرق الأوسط. واعتقد كثيرون من أعضاء هذه المجموعة أن تلك الخطوة، أي إبرام تلك الاتفاقيات، يعكس المزيد من الإقصاء للقضية الفلسطينية.

أما الباحثون أعضاء المجموعة الثانية فقد تنبأوا بأن يكون لتلك الاتفاقيات "أثر مستقبلي جدي" على "دول أبراهام" الثلاث نفسها (الإمارات العربية المتحدة، البحرين وإسرائيل) وربما على الشرق الأوسط برمّته، أيضاً. وكان هؤلاء يؤمنون بأن "قواعد اللعبة القديمة في الشرق الأوسط سوف تتعرض لهزة، على الأقل، بفعل دخول إسرائيل إلى عمق العالم العربي" (وكأنها لم تكن كذلك من قبل!). ورأى هؤلاء الباحثون، على سبيل المثال، أن إيران وتركيا سوف تفقدان كثيراً من وزنهما وتأثيرهما مقابل "الكتلة المناوئة" الآخذة في الاتساع، وأن إسرائيل لا بد أن تعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط، وأن تحالفات إقليمية جديدة سوف تنجح في سد الفراغ الذي خلّفته الولايات المتحدة في المنطقة. وكان بين هؤلاء الباحثين من ادعى بأن الاختراقة التي تحققت في علاقات إسرائيل مع العالم العربي سوف تقود أيضاً إلى اختراقة في علاقاتها مع الفلسطينيين. وكان ادعاؤهم هذا مبنياً على الافتراض بأنه بالإمكان، عبر كسر المسلمات، إنشاءُ واقع جديد ووضعُ معادلة جديدة تقول إن "العالم العربي أولاً" ثم الفلسطينيين، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تكوين علاقات جديدة بين إسرائيل والفلسطينيين عبر وسطاء إقليميين أيضاً، وليس عبر الوسطاء الغربيين فقط.

نظرة لاحقة: الاتفاقيات أحدثت تغييراً جوهرياً!

اليوم، بعد سنة من التطبيق الفعلي لهذه الاتفاقيات، بنظرة أوسع بكثير من تلك التي تزامنت مع إبرام الاتفاقيات وبالبناء على الكم الهائل الذي تجمع من المعلومات والمعطيات خلال السنة الأولى من عمرها، أصبح بالإمكان بلورة رؤية مركّبة حيال السؤال المركزي المذكور أعلاه. وعليه، تقول مُعدّة هذا البحث الجديد إن المناقشات التي أجرتها حول هذا الموضوع بعد مرور سنة على إبرام تلك الاتفاقيات أفرزت جملة من "التبصرات المثيرة"، كما وصفتها، مُشيرةً إلى أن المشاركين في تلك المناقشات كانوا، في غالبيتهم الساحقة، أشخاصاً ضالعين، بدرجات مختلفة، في العلاقات بين إسرائيل والدول الخليجية، باحثين فيها أو مهتمين بها.

من بين المشاركين الستة والخمسين في المناقشات، قال 40 مشاركاً إن الاتفاقيات قد غيّرت قواعد اللعبة فعلاً، بينما نفى ذلك 10 مشاركين واعتمد 6 آخرون موقفاً وسطياً مدّعين بأن الأمر معقّد أو أن التأثير مؤقت فقط. معنى ذلك، أن أغلبية ساحقة تزيد عن 70 بالمئة من المشاركين يعتقدون بأن تأثيرات اتفاقيات أبراهام قد أحدثت تغييراً جوهرياً. ومن خلال الشروحات التي قدمها بعض المشاركين لإجاباتهم، يمكن الإشارة إلى أن التغيير قد طال مجالات مختلفة: تغيير في الوعي، تغيير المعادلة حيال الفلسطينيين، خلق نموذج من السلام الدافئ، تكريس التطبيع في الشرق الأوسط وتعزيز سيرورته، الانتقال من العلاقات السرية إلى العلاقات العلنية وغيرها.

محورَت الباحثة مقالتها التي لخصت البحث ونتائجه حول الانعكاسات السياسية المباشرة التي أحدثتها اتفاقيات أبراهام على المنطقة بصورة عامة، لكن على الدول الموقعة على الاتفاقيات بصورة أكثر تخصيصاً وتحديداً، من خلال التركيز على التأثيرات التي غيرت المفاهيم وقواعد اللعبة أو التي تعيد من جديد تعريف العلاقات المتبادلة في المنطقة. وبناء على ذلك، ترسم الباحثة صورة تعكس تغييراً للواقع على صعيد وطني وتأثيراً جوهرياً، لكن ليس غير قابل للعكس، على الشرق الأوسط برمّته، كما تبين أن هذه الاتفاقيات لم تُحدث أي تغيير يُذكر على الموقف من القضية الفلسطينية، علماً بأن الاتفاقيات ذاتها والعلاقات المتشكلة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين لم تتبلور في فراغ، بل كانت ثمة أحداث هامة أخرى قد حصلت خلال السنة المنصرمة وحملت معها، بالتأكيد، تأثيرات مختلفة على قواعد اللعبة الوطنية والإقليمية، بما فيها تغيير الحكومة الإسرائيلية، تغيير الإدارة الأميركية والعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة ("حارس الأسوار"/ "سيف القدس").
تجزم الباحثة بأن الاتفاقيات قد أحدثت تغييرات جدية في القواعد السياسية على الصعيد الوطني في الدول الأطراف، وتسهب في شرح هذه التغييرات على النحو التالي:

إسرائيل ـ أحد الانعكاسات الأولى لهذا الاتفاقيات تمثل في ازدياد شرعية إسرائيل في العالم العربي. فبعد سنوات عديدة من العزل السياسي، المقاطعة العربية، عدم الاعتراف بها وبسيادتها، اتفاقيات السلام التي أُفرِغت من مضمونها والعلاقات التي ظلت طي السرية والكتمان، اضطراراً، تلقت إسرائيل دفعة تعزيز قوية لمكانتها في الشرق الأوسط، وهو ما لا يمكن الاستهانة به إطلاقاً. أما الشرعية التي حظيت بها إسرائيل فقد كانت مزدوجة مضاعفة: اعتراف علني من جانب الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات واعتراف علني تجسد في الدعم الذي حظيت به الاتفاقيات من دول عربية أخرى في الشرق الأوسط، من بينها عُمان والسعودية مثلاً. ومما لا شك فيه أن ثمة لهذا التطور دلالات وانعكاسات بعيدة الأثر، سواء في مجالي التجارة والسياحة أو غيرهما، غير أن مركّب الشرعية يفوق الانعكاسات الأخرى كلها من حيث الأهمية.

ثمة نتيجة "لا تقل دراماتيكية"، كما تصفها الباحثة، هي أن إسرائيل "أثبتت أنها، في إطار هذا الواقع المستجدّ، معنية بأن تكون جزءاً لا يتجزأ من الشرق الأوسط؛ وهو ما تجسد في التغييرات، المفاهيمية والمؤسساتية، الجوهرية التي حصلت في مؤسسات السلطة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة خلال السنة الماضية، وهو ما ترك بصماته على كل المجالات والمنظومات. فقد لاءمت الدوائر الحكومية المختلفة، وكذلك الأجهزة الأمنية والمؤسسات الجماهيرية، نفسها لتكون قادرة على إدارة العلاقات مع الشرق الأوسط "الجديد" من خلال تغييرات بنيوية عديدة، إضافة إلى تحفيز العديد من المصالح التجارية الخاصة على رؤية القدرات الكامنة في فتح السوق الإسرائيلية على الشرق الأوسط وإجراء تغييرات بنيوية واستراتيجية تتناسب مع هذا الهدف وتخدمه وهو ما يجتمع ليشكّل في المحصلة ’ثورة حقيقية في النظرة الإسرائيلية’"، كما تصفها الباحثة.
على الصعيد المفاهيميّ، تقول الباحثة إن "إسرائيل عادت لتتحدث بمصطلحات السلام، على الرغم من كونه (السلام) "مصطلحاً مشحوناً وملتبساً". ذلك أن أي مسؤول سياسي رفيع في إسرائيل لم يدل بحديث جدي في مسألة السلام طوال العقدين الأخيرين، بينما "عادت إسرائيل الآن لتقع في غرام فكرة السلام من جديد"، إذ أن "الانشغال بالسلام، بل بالسلام الدافئ، أصبح عابراً للأحزاب والفئات الآن" وأصبحنا نشهد "ازدهاراً للاهتمام الإسرائيلي بالثقافة الإسلامية وبتعلّم اللغة العربية".

لكن هذه الاتفاقيات أدت، في المقابل، "إلى تعميق الصدع بين المجتمع اليهودي والمجتمع العربي في داخل إسرائيل، علاوة بالطبع على الإسفين الذي دقته بين إسرائيل والمجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء، نظراً لشعور الفلسطينيين بأن هذه الاتفاقيات جاءت على حساب قضيتهم".

على الصعيد الاقتصادي، عادت الاتفاقيات على إسرائيل بفوائد جمّة وعلى مستويات مختلفة. فقد بلغ حجم التداول التجاري (التصدير والاستيراد) بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، حتى حزيران 2021، أكثر من 354 مليون دولار، بينما بلغ إجمالي جميع الأنشطة التجارية بين الدولتين أكثر من 570 مليون دولار. وبهذا، أصبحت دولة الإمارات، في غضون أقل من عام واحد، واحدة من الدول العشرين الأنشط والأكثر تجارة مع إسرائيل.

دولة الإمارات ـ مثلت اتفاقيات أبراهام، في رأي الباحثة، نقطة تحول في السياسة الخارجية الإماراتية جسدت، بشكل واضح، نوعاً من الاستقلالية الإماراتية عن "الوصاية السعودية" ودرجة عالية من الثقة بالنفس في إدارة سياساتها الخارجية. وتضيف زاغا: "حتى لو اعتمدنا الفرضية المرجحة القائلة إن قرار الإمارات لم يكن ليصدر بدون موافقة النظام الحاكم في الرياض، أو بدون علمه واطلاعه على الأقل، إلا أن هذا لا ينتقص شيئاً من حقيقة التغيير الجوهري في السياسة الإماراتية الخارجية والمتمثل في اعتماد نهج مستقل، بل رفعه إلى مستوى جديد غير مسبوق. فقد تصرفت دولة الإمارات في هذا الموضوع كدولة تتمتع بدرجة كافية من القوة تؤهلها للصمود في هذه الهزة المترتبة على كسر المسلمات الإقليمية في العالم العربي وتحمل تبعاتها".

البحرين ـ لم تُحدث اتفاقيات أبراهام تغييراً جوهرياً في المفاهيم السياسية الأساسية التي تعتمدها دولة البحرين ولا في طبيعة سلوكها السياسي. ذلك أن حكام البحرين ـ كما توضح الباحثة ـ كانوا على الدوام إيجابيين بشكل واضح تجاه إسرائيل مقارنة بالدول الخليجية الأخرى، بما فيها دولة الإمارات. فإضافة إلى التصريحات العديدة التي صدرت عن مسؤولين رسميين في البحرين بشأن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والتلميحات العديدة بشأن إمكانية تطبيع العلاقات معها، عقد الملك البحريني ووزير خارجيته لقاءات عديدة مع ممثلي اليهود في البحرين ونقلوا عبرهم رسائل إيجابية إلى القيادات السياسية الإسرائيلية، ولذا فقد كانت الاتفاقية بين إسرائيل والبحرين استمراراً "طبيعياً" للتوجه الواضح، أكثر بكثير مما كان عليه توجه الإمارات التي حرصت على التكتم على أية اتصالات مع مسؤولين إسرائيليين وعلى نواياها المستقبلية. وبهذا المعنى، لا يمكن الحديث عن أي تغيير جوهري في السياسة البحرينية في إبرام اتفاقيات أبراهام.

تطورات إقليمية معاكسة للتوقعات والتأملات

في المحصلة النهائية، ترى الباحثة أن تأثيرات اتفاقيات أبراهام على المستوى المحلي الخاص بالدول الشريكة كانت "مغيّرة للواقع ومغيّرة لقواعد اللعبة" بالنسبة لإسرائيل، وهو ما يتجلى في "تفكير الإسرائيليين بصورة مختلفة في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط" وفي "التصرف بطريقة مختلفة" وفي "إعادة تحديد الإستراتيجيات الإسرائيلية على نحو مغاير تماماً لما كان حتى السنة المنصرمة".

في المقابل، كانت تأثيرات هذه الاتفاقيات على دولتي الإمارات والبحرين "أقل بكثير"، كما تقول، مشيرة إلى أنه "صحيح أن الإمارات استطاعت خلال هذه الفترة تعزيز مكانتها الإقليمية والتحول إلى دولة رائدة، على حساب المملكة السعودية، لكن يبدو أن هذا التطور قد وضع السعودية أمام تحدٍّ كبير وهي تحاول الآن استعادة مكانتها السابقة وإعادة ميزان القوى إلى سابق عهده المتمثل في الريادة السعودية الواضحة".

أما على المستوى الإقليمي، فقد تجسد التأثير الأكثر أهمية ودراماتيكية لاتفاقيات أبراهام في الاستئناف على رؤية "العدو الإيراني المشترك". فعشية التوقيع على هذه الاتفاقيات، كان التوجه هو نحو تشكيل جبهة موحدة ضد إيران، غير أن مثل هذه الجبهة لم تتشكل في الواقع. وفي أعقاب ذلك، تقول الباحثة: "ثمة دول غير قليلة في المنطقة اليوم تنتقل من "المعسكر البراغماتي" إلى "المعسكر الإسلاموي" وثمة عدد من الدول التي تجري حواراً مباشراً وعلنياً مع إيران، أكثر مما كانت عليه قبل سنة واحدة". كذلك، لم تتحقق التوقعات بأن تتسع دائرة الدول المطبّعة مع إسرائيل وربما يكون من نتائج ذلك تراجع "المعسكر البراغماتي" بين الدول الخليجية.

تلاحظ الباحثة أن انضمام إسرائيل إلى "المحور البراغماتي" في العالم العربي لم يعزز الردع ضد إيران، كما كان متوقعاً، وهو ما تدلل عليه الهجمات الإيرانية البحرية خلال السنة المنصرمة، ناهيك عن أن إيران "أصبحت أقرب من أي وقت مضى من تحقيق هدف التسلح النووي"، إضافة إلى الحوار المباشر بين السعودية والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى والذي يشير بوضوح إلى أن إيران "تمتلك اليوم أوراقاً أكثر وأقوى من ذي قبل". وعموماً، ازداد عدد الدول التي كانت على خصام أو عداء مع إيران في السابق بينما تدير معها اليوم حوارات مباشرة على نحو يشوش تعريف المعسكرات وحدودها. و"بهذا المعنى"، تضيف الباحثة، "بدأنا نشعر بالتغيير الجيو سياسي العميق الذي لا يزال من المبكر تحديد معالمه وتلخيص ملامحه. لكن، بانقضاء السنة الأولى على إبرام اتفاقيات أبراهام، يبدو أن قوانين اللعبة الإقليمية قد تغيرت حقاً بفعل هذه الاتفاقيات، غير أن التغيير كان في اتجاه معاكس لما كان يأمله ويتوقعه مهندسو هذه الاتفاقيات. أما الانعكاسات البعيدة المدى، فلم تتضح بعد".

من بين ما تسجله الباحثة من دلالات اللعبة الجديدة هذه، المتأتية عن اتفاقيات أبراهام، أن الدول الخليجية أصبحت تتمتع بقدرة أكبر بكثير على تبني وتطبيق سياسات فاعلة في كل ما يتعلق بإدارة الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، ليس على صعيد الدعم الإنساني والمالي فقط، وإنما بالوسائل السياسية الأكثر جدوى وفاعلية. لكن، يبقى السؤال المركزي هنا هو: إلى أي حد تدفع مصالح هذه الدول نحو تدخلها المباشر والفاعل من أجل تغيير الظروف الراهنة؟

 

المصطلحات المستخدمة:

الكتلة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات