لسنوات طويلة خلت، كان الحديث عن حل الدولتين، أو شعار "دولتين لشعبين"، محورا للصراع والمواجهات السياسية والفكرية، بين من يسمون أنفسهم أنصار السلام في إسرائيل أو قوى اليسار عموما، ومعارضيهم من الأحزاب اليمينية ودعاة أرض إسرائيل الكاملة. وبدا أن القبول بدولة فلسطينية تعيش إلى جانب إسرائيل، وبصرف النظر عن طبيعة هذه الدولة وحدودها ومدى تمتعها بالسيادة أم لا، من المستلزمات الضرورية لإظهار الرغبة في السلام، حتى أن بنيامين نتنياهو اضطر لمجاراة هذا الميل في خطابه الشهير بجامعة بار إيلان. ولكن مع الوقت، ومع استقرار حكم اليمين في إسرائيل، والتغييرات العملية على أرض الواقع نتيجة توسيع الاستيطان والزيادة المطردة في أعداد المستوطنين، تراجع هذا الشعار تدريجيا، وخبا بريقه حتى لدى من يصنفون أنفسهم على أنهم "قوى السلام" في إسرائيل، فغاب عن المعارك الانتخابية الأخيرة، إلى حد الجهر بمعارضته الصريحة من قبل رئيس الحكومة الحالي نفتالي بينيت.
تكرست، خلال أعوام العقد الأخير بشكل خاص، رؤية سياسية تجاهر بأن تسوية النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني عبر تقسيم البلاد إلى دولتين لم يعد ممكناً أو قابلاً للتطبيق على أرض الواقع بعد. وتدفع هذه الرؤية نحو إقصاء القضية الفلسطينية عن دوائر النقاش السياسي العام، على الصعيد الدولي عموماً وفي داخل دولة إسرائيل بشكل خاص، مما أسهم ويسهم في تغيير أنماط السلوك الانتخابي كما يُترجَم في تصويت المواطنين اليهود وما يتمخض عنه من نتائج انتخابية برلمانية، الأمر الذي يدفع بالتالي إلى تنامي وانتشار الاعتقاد بحلول بديلة، في مقدمتها بالطبع حل الدولة الواحدة. ويرتبط تراجع "حل الدولتين" في الرأي العام، الإسرائيلي، الفلسطيني والعالمي، إلى حد كبير وبصورة وثيقة جداً، بجملة من الآراء والمعتقدات التي تبلورت بشأن مشروع الاستيطان الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية وواقع انتشار المستوطنات فيها، وفي مقدمتها الاعتقاد بأن الكثافة الاستيطانية خلقت واقعاً جديداً غير قابل للتغيير والعودة إلى ما كان عليه الوضع سابقاً. معنى ذلك، ببساطة، إنه ما دام الواقع الاستيطاني قد أصبح بهذه الدرجة من الكثافة والتعقيد، فليس من الممكن بعد إخلاء مستوطنات من الضفة الغربية، ما يعني بالتالي أنه من غير الممكن بعد تطبيق "حل الدولتين" على أساس تقسيم البلاد.
تسعى الحكومة الإسرائيلية، حتى الأسبوع المقبل، لتمرير مشروع الموازنة العامة للعامين الجاري والمقبل، بهدوء ودون إحداث شرخ في الائتلاف الهش، إلا أن وزير العدل جدعون ساعر، رئيس حزب "أمل جديد"، والمنشق عن حزب الليكود، نشر مسودة مشروع قانون يمنع بموجبه عضو كنيست يواجه لائحة اتهام خطيرة من تكليفه بتشكيل حكومة، وهو قانون يستهدف شخص بنيامين نتنياهو، وفي داخل الائتلاف هناك من يعارضه. وتزامن نشر المسودة مع استئناف الحراك الداخلي في الليكود للمنافسة على رئاسة الحزب، وهذه المرّة بإعلان رئيس الكنيست السابق يولي إدلشتاين ترشيح نفسه لرئاسة الحزب، حتى في مواجهة نتنياهو.
صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية، يوم الأربعاء 13 تشرين الأول الحالي، على مشروع قانون يجيز استخدام الماريغوانا (القنّب) لأغراض طبية. وقد برزت القائمة العربية الموحدة برئاسة النائب منصور عباس خلال عملية التصويت، باعتبارها حزبا إسلاميا قام بدعم مشروع القانون بعد أن عرضه على مجلس الشورى التابع له وحصل على موافقته، فصفق له أعضاء الكنيست الحاضرون. في خلفية مشروع القانون، نقاشات حادة تتعلق بأخلاقيات استخدام السموم، خصوصا نبتة الماريغوانا الطبية. لكن الأهم، وهو ما تحاول المقالة أن تستعرضه، أن ثمة
سبق للعديد من المُساهمات السابقة في مُلحق "المشهد الإسرائيلي" أن تناولت تقارير إسرائيلية سلّطت الضوء على موضوعة أنظمة المراقبة التي طوّرتها وراكمتها السلطات الإسرائيلية المُختلفة على مدار السنوات الماضية والإشكاليات المُحيطة باستخدامها في "الفضاء العام الإسرائيلي"، من ناحية انتهاكها للخصوصية والمسّ بالحريات المدنية.أنظر/ي مثلاً: هشام نفّاع، "بحث جديد: خروقات لأنظمة المراقبة بالكاميرات تُهدّد الحق في الخصوصية وحريات مدنية أخرى في إسرائيل!"، المشهد الإسرائيلي، 22.12.2020، https://bit.ly/3DQ0lwn.
تمايزت المستوطنات الإسرائيلية الكولونيالية في مناطق الضفة الغربية بنمط بناء موحد نسبياً، أحياء مرصوفة تُظهر التخطيط المركزي، ومساحات خضراء، ومتربعةً على قمم الجبال، ومنازل صغيرة بقرميد أحمر يمكن ملاحظته عن بُعد، مما يجعل الناظر يعرف أنها مستوطنة إسرائيلية، فهي تُشكل مشهداً أوروبياً يقتحم المشهد الفلسطيني المختلف عنها. تُكوّن هذه المستوطنات جزءاً من مصفوفة الضبط الاستعمارية في فلسطين باعتبارها تلعب دوراً أمنياً (إلى جانب أدوار اقتصادية وسياسية ودينية)، فهي تستمر في خلق نمط من الهيمنة على حياة الفلسطيني/ة اليومية، فلا يتمكن من التنقل من أي مكان داخل مدن الضفة الغربية إلَّا من خلال المرور بها، كما أنها تهيمن على الحياة داخل المدن الفلسطينية مثل الخليل ورام الله اللتين تحيط بهما المستوطنات من كل جوانبهما.