اجتهد الإسرائيليون، من ساسة ومعلقين، ومن كتاب ومحللين، على مختلف أنواعهم ومشاربهم، كثيرًا جدًا في أن تظهر الحملة الضارية على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وهو على فراش مرضه ومباشرة بعد رحيله، في لبوس محدّد يوحي بأن في الأمر "تصفية لحسابات شخصية" قديمة- متجددة، في الإمكان عزوها إلى عملية "فصد الدم" الراهنة فحسب. وعلى رغم ذلك لم يكن في مقدرة هذا الاجتهاد، على ما فيه من نزعة شخصنة مفرطة في حدّتها، أن يضبّب الأهداف الحقيقية الكامنة خلف هذه الحملة المتصلة، والتي ليس أبسطها أن العداء لعرفات الشخص هو تعبير عن عداء راسخ لكل ما يمثله من طموحات الفلسطينيين، في جهة وأن الجانب الشخصي، الذي لا يمكن إسقاطه من الحسبان في بعض الحالات، هو مجرّد تفصيل مهم في منظومة متكاملة أكثر أهمية ودلالة، في أخرى.
بدلا من ان تكون صرحا اكاديميا ثقافيا، تبدو جامعة حيفا الاسرائيلية أكثر فأكثر معقلاً للمحاضرين العنصريين الموبوئين بداء الكراهية العمياء لكل ما هو عربي. وبعد ايام من الحملة الشعواء التي شنها رئيس قسم الجغرافيا ارنون سوفير على الزيادة السكانية العربية محذرا من "القنبلة الديمغرافية" لفلسطينيي 48 شن الأستاذ الجامعي دافيد بوكاعي هجوماً على العرب والحضارة العربية مستخدما اقذع الالفاظ العنصرية.
نشرت بعض الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية، هذا الأسبوع، معطيات حول انخفاض معدل الولادات عند العرب في العام الماضي بنسبة 3,4%. وقد عزت وزارة المالية هذا الانخفاض الى تقليص مخصصات الاولاد، التي تتسلمها العائلات من مؤسسة التأمين الوطني (مؤسسة الضمان الاجتماعي) عن كل ولد في العائلة عمره اقل من 18 عاما.
كشف تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" في ملحقها الأسبوعي (الجمعة) عن ظهور حركة كهانا العنصرية المتطرفة في القدس المحتلة ومستعمرات الضفة الغربية مجددا مصعدة اعتداءاتها على المواطنين الفلسطينيين وتقود حركات الشبيبة الناشطة لاحباط خطة الانسحاب من غزة. ويلفت تحقيق "هآرتس"- ظهر بعنوان "كهانا مات وحركته حية"- الى ان أتباع الحاخام العنصري مئير كهانا المحظورة رسميا في اسرائيل منذ أعوام كثيرة باتت تستقطب الآلاف من المؤيدين منهم 7400 من ابناء الشبيبة (14 الى 16 عاما) ممن تسجلوا كاعضاء في الحركة ويستعدون للانخراط في جيش الاحتلال. يشار الى ان حركة " كاخ" العنصرية تدعو الى طرد الفلسطينيين وقتلهم وكانت قد تأسست في مطلع السبعينيات على يد الحاخام المتطرف من اصل اميركي مئير كهانا الذي اغتيل اثناء زيارته للولايات المتحدة قبل نحو عشر سنوات، كما قتل ابنه في عملية فدائية نفذتها المقاومة الفلسطينية في بداية الانتفاضة الثانية.
الصفحة 718 من 1047