إن هذا الكتاب(*)، المسمى بالتقرير، هو كتاب مهم لانه يتفقد احوال اليهود في العالم، محللاً الوضع الذاتي للتجمعات اليهودية في العالم وفي اسرائيل، ويضع هذه التجمعات في اطارها الاقليمي والدولي، ومن ثم يحلل طبيعة العلاقة بين يهود اسرائيل ويهود الشتات. فهو تارة ينتقد، وتارة يقدم النصيحة، وفي كل الحالات يضع عينه على رفعة اليهود وتقدمهم وتمكينهم وزيادة قوتهم. وقد ترجمت هذا التقرير لأهميته، ونشرته مؤسسة "مدار" (المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية) المتخصصة بالشؤون الاسرائيلية قبل أيام. وكان من المفروض ان يكون هذا المقال مقدمة للترجمة العربية إلا إنني لم استطع إنجاز ذلك.
شكلت سلسلة من "الفتاوى" والتصريحات والتفوهات، التي اطلقتها في الآونة الاخيرة مجموعة من الحاخامات المتطرفين في اسرائيل، مناسبة لاثارة الاهتمام مجددا بأوضاع الاوساط المتدينة او ما يعرف بالمعسكر الديني و" الحريدي" وصراعه مع القطب المضاد، "المعسكر العلماني" الممسك في الظاهر على الاقل بمقاليد الحكم والسلطة السياسية في الدولة العبرية. وتنبئ جملة من الاحداث والتطورات والتقارير التي حفلت بها وسائل الاعلام والصحف الاسرائيلية خلال الاسبوعين الاخيرين ان فتيل هذا الصراع القديم والمستمر ابدا على المحور الديني- العلماني مرشح للاشتعال والتأجج مجددا في الفترة القريبة المقبلة، او على المدى القصير، وذلك على ارضية "الاستحقاقات" السياسية والامنية والاقتصادية (خطة الفصل الاحادية الجانب، والخطة الاقتصادية الجديدة) وما يمكن ان ينجم عنها
تتعرض القيادات العربية في مناطق 48والأقلية الفلسطينية التي يمثلونها, اليوم, الى اعتداء منظم على حقوقهم السياسية, وان هذه الاعتداءات قد ازدادت ضراوة منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية. ولذلك فإن الانتهاكات التي تم رصدها في هذه الورقة لا تشكل اعتداءات منفصلة عن بعضها بل تأتي في سياق حملة منظمة موجهة للمس بشرعية ممثلي الاقلية العربية بهدف اسكاتهم وتخويفهم
عند محاولة "لملمة" وعرض "صورة" موقف اليمين من "الدولة الفلسطينية" لا بد من التمييز بين موقفي مستويين/ جناحين رئيسيين: الاول موقف المستوى السياسي البرغماتي في معسكر اليمين، والثاني موقف المستوى الايديولوجي التنظيري.
وعلى الرغم من ارتباط هذه الجانبين - المستويين- بعلاقة متبادلة وتشابك شديد، الا ان العرض الذي سنسوقه هنا، سينصب على موقف المستوى الثاني، في هذه "المعادلة" التي لا يمكن لعراها ان تنفصم، وذلك من موقع الادراك لبدهية ان هذا الجانب او المستوى (الايديولوجي) يظل في المحصلة العامل الرئيسي والديناميكي الذي يولد ويستقطر ويصوغ الخطوط العريضة، واحيانا التفصيلية، لموقف المستوى الاول، السياسي، واقطابه ورموزه الفاعلة في الساحة السياسة
الصفحة 19 من 22