قال محللون في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الأحد – 27.12.2009، إن قوات الجيش الإسرائيلي قتلت الفلسطينيين الثلاثة في مدينة نابلس، أمس، بهدف إرضاء المستوطنين. كما ألمح محللون إلى أن القوات أعدمت اثنين منهم على الأقل، فيما طالبت الولايات المتحدة إسرائيل ب"إيضاحات" حول العملية.
وكتب محلل الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة يديعوت أحرونوت، ألكس فيشمان، أن "عملية التصفية في نابلس جاءت لتسكب الماء البارد على المنفلتين (بين المستوطنين) وتمرير رسالة للمستوطنين مفادها: ’نحن معكم ولن نتخلى عنكم، ونحن هنا من أجل حمايتكم. ومعالجة أمر المخربين سيكون حادا وسريعا. ونحن لسنا على طرفي نقيض’".
ويذكر أن وحدة المستعربين في الجيش الإسرائيلي "دوفدوفان" داهمت وسط مدينة نابلس، فجر أمس، وحاصرت ثلاثة بيوت وبعد ساعات قليلة اقتحمتها وقتلت كل من غسان أبو شرخ، 38 عاما، ورائد السركجي، 41 عاما، وعنان صبح، 33 عاما.
وأضاف فيشمان أن قتل الفلسطينيين تم في ظل أجواء متعكرة بين الحكومة والجيش الإسرائيليين وبين "جمهور المستوطنين الواسع، وليس المتطرفين فقط" في أعقاب قرار تعليق البناء في مستوطنات الضفة. وأشار إلى أنه كان يكفي الاستماع إلى كلمات تأبين المستوطن الحاخام مائير أفشالوم حاي، الذي قتل في عملية إطلاق نار في الضفة الغربية، يوم الخميس الماضي، لإدراك مدى التوتر بين السلطات والمستوطنين الذين حملوا الحكومة والجيش المسؤولية عن العملية لأنهم أزالوا حواجز عسكرية.
ولفت المحلل إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية لم ترى بعملية إطلاق النار ومقتل المستوطن أنه "هجوم إستراتيجي" وحتى لو خرج انتحاري من الضفة الغربية لتنفيذ عملية "فإن هذا لا يدل على انخفاض كبير في السيطرة الأمنية الميدانية للجيش الإسرائيلي والشاباك أو على تغير في إرادة السلطة الفلسطينية بالتعامل مع الجهات المعارضة، لكن رغم ذلك اختارت إسرائيل تمرير رسالة مرعدة للسلطة الفلسطينية أيضا مفادها أنه ’رغم أنكم بدأتم تحقيقا شاملا بعملية القتل واعتقلتم العشرات إلا أنكم لستم ناجعين ولستم حازمين بالشكل الكافي ونحن لن ننتظركم وإذا لم تشددوا المراقبة فإننا سنأخذ الأمور على عاتقنا’".
واعتبر فيشمان أن عملية الاغتيال في نابلس تضمنت رسالة إلى النشطاء السابقين في "كتائب شهداء الأقصى"، الذراع العسكري لحركة فتح، الذين شملهم اتفاق "العفو عن المطلوبين" مقابل تنفيذ أي نشاط مسلح، بأن إسرائيل لن تتساهل مع أي ناشط يعود إلى ممارسة العمل المسلح وذلك في إشارة إلى عنان صبح.
ووجهت العملية الإسرائيلية رسالة أخرى إلى الأسرى الفلسطينيين المحررين باغتيال رائد السركجي أمس والذي تم إطلاق سراحه من السجن الإسرائيلي في بداية العام الحالي، وذلك على خلفية صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس التي يجري التفاوض عليها حاليا وتريد إسرائيل أن توضح من وراء اغتيال السركجي أن أي أسير محرر يعود إلى العمل المسلح سيدفع حياته ثمنا لذلك.
لكن فيشمان رأى أنه كان يتعين على القيادة السياسية الإسرائيلية أن تتخذ القرار بخصوص العملية وليس الجيش وذلك "على ضوء الفترة الحالية الحساسة سياسيا والهدوء المستمر في الضفة والجهد الحقيقي من جانب السلطة الفلسطينية ضد المنظمات الإرهابية".
ولفت فيشمان في هذا السياق إلى أنه "يوجد اليوم عدد غير قليل من المسؤولين الأمنيين (الإسرائيليين) النادمين على أنه في الانتفاضة الثانية دمرت إسرائيل حركة فتح ومؤسساتها، ويقولون إن العمليات ضد الحركة كانت مبالغة، فالحركة لا تنجح في النهوض والسلطة الفلسطينية التي تستند إلها تحاول هي الأخرى النهوض منذ خمس سنوات دون تحقيق نجاح يذكر، كما أنه في الطريق لتحقيق ذلك فقدت إحدى جناحيها وهي غزة".
كذلك أكد المحللان في صحيفة هآرتس للشؤون العسكرية، عاموس هارئيل، وللشؤون الفلسطينية، أفي سخاروف، على أن للعملية العسكرية الإسرائيلية في نابلس "يوجد اعتبارات واسعة بينها التلميح للمستوطنين، الغاضبين على مقتل الحاخام (ألمستوطن) وقضية تجميد البناء، بأن جهاز الأمن ما زال عازم على العمل ضد المخربين".
وأضافا أن منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية جبت إفادات من شهود عيان فلسطينيين أكدوا فيها أن اثنين من بين الفلسطينيين الثلاثة الذين قتلوا في نابلس لم يكونوا مسلحين عندما حاصرت القوات الإسرائيلية بيوتهم ولم يحاولا الهرب. وأشارا إلى أن "رواية الجيش الإسرائيلي أيضا تفيد بأن المخربين لم يطلقا النار على جنود دوفدوفان".
من جهة أخرى أفادت صحيفة معاريف بأن الولايات المتحدة طلبت "إيضاحات" من إسرائيل حول العملية العسكرية في نابلس أمس وذلك على ضوء إعلان السلطة الفلسطينية بأن القوة العسكرية الإسرائيلية "أعدمت" الثلاثة وأنهم لم يكونوا مسلحين ولا علاقة لهم بعملية مقتل المستوطن. واتصل مسؤولون في الإدارة الأميركية مع رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، عوزي أراد، وطلبوا منه ردا على أقوال السلطة الفلسطينية، وقد مرر أراد إلى المسؤولين الأميركيين رد إسرائيل. وبحسب معاريف فإن الأميركيين اقتنعوا برواية إسرائيل وأنه لم يكن هناك خطأ في التعرف على القتلى الثلاثة بأنهم أعضاء في الخلية المسلحة التي نفذت عملية إطلاق النار وقتل المستوطن.