استعرض رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود باراك، أمام المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، جورج ميتشل، ما وصفها بأنها تعهداته وتعهدات رئيسة حزب كديما ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، لاتفاق حل دائم مع الفلسطينيين. وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الخميس – 29.1.2009، إن أولمرت استعرض التعهدات أمام ميتشل خلال غداء عمل في مقر الإقامة الرسمي لرئيس الحكومة الإسرائيلية في القدس الغربية، أمس. وتجدر الإشارة إلى أن هذه "التعهدات" التي استعرضها أولمرت لا تضمن أمورا جديدا باستثناء تراجعه عن عودة عدد قليل للغاية من اللاجئين الفلسطينيين إلى تخوم إسرائيل.
واعتبر أولمرت أن أهم ما تتضمنه تعهداته هو أنه "ستتم مطالبة 60 ألف مستوطن من أصل ربع مليون الذين يعيشون في المناطق (أي الضفة الغربية) بإخلاء أنفسهم من أماكن سكناهم، والعودة إلى الخط الأخضر في إطار اتفاق دائم مع الفلسطينيين". وبحسب الصحيفة فإن أولمرت أبلغ ميتشل بأنه تم التوصل إلى تفاهمات بهذا الخصوص مع الفلسطينيين وأن إسرائيل وافقت على الانسحاب إلى حدود العام 1967 في إطار حل دائم مع تعديلات على هذه الحدود تسمح لإسرائيل بضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة إليها. وأضاف أولمرت أنه مقابل ضم الكتل الاستيطانية ستنقل إسرائيل إلى الدولة الفلسطينية بعد قيامها مناطق في جنوب إسرائيل بنسبة واحد إلى واحد مقابل المناطق التي ستضمها من الضفة. وأوضح أولمرت أن مستوطنة "معاليه أدوميم" مثلا، الواقعة شرقي القدس، مشمولة في إحدى الكتل التي سيتم ضمها إلى إسرائيل.
ووعد أولمرت بنقل 60 ألف مستوطن من المستوطنات المحيطة بالتجمعات السكانية الفلسطينية إلى داخل الخط الأخضر أو الكتل الاستيطانية، علما أن المعطيات الإسرائيلية الرسمية تشير إلى أن 82 ألف مستوطن تقريبا يقطنون في المستوطنات الواقعة شرقي الجدار العازل الذي تعتبره إسرائيل، حاليا، حدودها المستقبلية.
وأضاف أولمرت أنه فيما يتعلق بقضية القدس فإن إسرائيل وافقت خلال المفاوضات مع الفلسطينيين حتى الآن على "تقسيم المدينة" ونقل الأحياء في شرقي المدينة إلى السيادة الفلسطينية. وتابع أنه سيتم نقل الأماكن المقدسة لإدارة وتنظيم سلطة دولية تشرف على الدخول إلى هذه الأماكن وتضمن تمكن أبناء الديانات الثلاث من إقامة فرائضهم الدينية دون عائق. وبحسب خطة أولمرت فإن الدولة الفلسطينية ستكون ذات تواصل جغرافي من خلال حلول تشمل شوارع فوقية وتحت الأرض بين الضفة وقطاع غزة. أما فيما يتعلق بقضية اللاجئين فقد قال أولمرت أنه "تم الاتفاق" على عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى داخل دولة إسرائيل.
ولفتت يديعوت أحرونوت إلى أن استعراض أولمرت لهذه التعهدات أمام مسؤول من الإدارة الأميركية من شأنها أن "يطوق" ويلزم خليفته في رئاسة الحكومة الذي سيأتي بعد الانتخابات العامة التي ستجري بعد أقل من أسبوعين في 10 شباط.
وبرر أولمرت عدم التوصل إلى اتفاق على هذه التعهدات بالقول إن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني، أحمد قريع (أبو العلاء)، "قطعا الاتصال" عندما اتضح لهما بأن إسرائيل تتجه نحو انتخابات عامة مبكرة ولذلك فإنهما رفضا التوقيع على وثيقة مبادئ يتم وضعها "على الرف" ومواصلة العناية بها خلال ولاية الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
واقتبس أولمرت أمام ميتشل من أقوال مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، الذين وصفوا الاقتراح الإسرائيلي بأنه "الأكثر كرما الذي تم تقديمه من جانب إسرائيل حتى الآن لحل الصراع مع الفلسطينيين". وقالت يديعوت أحرونوت إن أولمرت وضع عمليا كل أوراقه على الطاولة وأصبحت "جميع التفاهمات والتعهدات والانجازات التي تم التوصل إليها خلال المفاوضات مع الفلسطينيين معروفة الآن لقادة الإدارة الأميركية الجديدة أيضا". ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إن أولمرت "يطوق عمليا الحكومة المقبلة" ويلزم جميع المرشحين لرئاسة الحكومة بالرد أمام إدارة الرئيس الأميركي الجديد، باراك أوباما، على خطته المفصلة للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين. ورأت يديعوت أحرونوت أن أولمرت يلزم بصورة خاصة مرشحة حزب كديما لرئاسة الحكومة، تسيبي ليفني، إذ قال إنها كانت شريكة كاملة في إدارة المفاوضات مع أبو مازن والتفاهمات التي تم تحقيقها تلزمها هي أيضا.
ولفتت الصحيفة إلى أن ميتشل كان حذرا جدا وامتنع عن إطلاق تصريحات ملزمة وشدد على أنه حضر هذه المرة "للاستماع وليس للتعبير عن رأي". ونقلت يديعوت أحرونوت عن ميتشل قوله لأولمرت إن إدارة أوباما تؤيد تعهدات بوش لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، أرييل شارون، من نيسان العام 2004، والمعروفة ب"رسالة الضامانات"، والتي تقضي بأن الولايات المتحدة ستؤيد مطلبا إسرائيليا بضم الكتل الاستيطانية الكبرى لإسرائيل في إطار اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين.
من جهة أخرى أطلع أولمرت ميتشل على تفاصيل المحادثات غير المباشرة التي جرت بين إسرائيل وسورية بوساطة تركيا. وقال أولمرت إنه يقدّر أن من أجل التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل وسورية ستطالب إسرائيل بالانسحاب من هضبة الجولان وأنه لا توجد أية معادلة أخرى مقبولة على دمشق. وأضاف أولمرت "لقد كنا قريبين جدا من بدء مفاوضات مباشرة مع السوريين لكن (تقديم) الانتخابات عندنا والحرب في غزة جعلت السوريين يفترون وأعلنوا عن وقف الاتصالات غير المباشرة بواسطة الأتراك".