جدد الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية في قطاع غزة اليوم الأحد – 28.12.2008، ثاني أيام الحرب الإسرائيلية على القطاع، وبدأ يستعد لشن اجتياح بري، فيما قرر وزير الدفاع، ايهود باراك، إدخال أدوية إلى القطاع عبر معبر كيرم شالوم. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن باراك صادق على تمرير شحنات أدوية إلى القطاع بواسطة منظمات إنسانية دولية. وقال مصدر عسكري إسرائيلي رفيع إن هدف هذه الخطوة هو تعزيز الخط الإعلامي الإسرائيلي في الإعلام الأجنبي. وأضافت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجيش يستعد لشن عملية عسكرية برية وأن قوات كبيرة من سلاح المدرعات في مناطق عدة في إسرائيل بدأت منذ أمس بالتوجه إلى جنوب إسرائيل.
لكن وزارة الدفاع الإسرائيلية تمتنع عن الإعلان عن توقيت بدء الاجتياح البري وحجمه. وكان باراك أعلن أمس أنه "سيتم تعميق وتوسيع العملية العسكرية بقدر ما يتطلب الوضع والعملية لن تكون سهلة أو قصيرة". ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم عن باراك قوله إن العملية سوف تستغرق عدة أسابيع. ويتخوف المسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي من نجاح مسلحين فلسطينيين بالتسلل إلى إحدى البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع وتنفيذ عملية فيها، ولذلك فإنه تم تعزيز الحراسة على طول الشريط الحدودي مع القطاع.
وذكرت تقارير صحفية إسرائيلية اليوم أن الكثيرين من سكان البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع قرروا مغادرة هذه البلدات والابتعاد عن ميدان القتال، فيما أعلنت بلدية تل أبيب عن حملة بين سكان المدينة لاستضافة سكان جنوب إسرائيل. وعلت أصوات صفارات الإنذار في بلدات ومدن جنوب إسرائيل، صباح اليوم، تحذر السكان من إطلاق صواريخ قسام خصوصا باتجاه منطقة مدينة سديروت، فيما طالبت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي السكان بالدخول إلى الملاجئ والغرف الآمنة.
وتعقد الحكومة الإسرائيلية اليوم اجتماعها الأسبوعي في ظل العملية العسكرية في القطاع وسيقدم قادة الأجهزة الأمنية خلاله تقارير حول العمليات العسكرية.
وأعلنت إسرائيل، ظهر أمس السبت، أنها بدأت بشن غارات جوية في قطاع غزة في إطار عملية عسكرية واسعة أطلق الجيش عليها اسم "الرصاص الصلب"، سقط فيها مئات القتلى والجرحى الفلسطينيين، بموجب تعليمات الحكومة الإسرائيلية. كما قتل إسرائيلي واحد وأصيب سبعة آخرين جراء سقوط صواريخ قسام في جنوب إسرائيل. وألمح متحدثون أمنيون إسرائيليون إلى أن هذه الغارات ستستمر حتى توافق حماس على العودة إلى التهدئة. وأصدر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بيانا، أمس جاء فيه أنه "في أعقاب خرق شروط التهدئة من جانب حماس والهجمات غير المتوقفة على مواطني إسرائيل في جنوب البلاد تقرر يوم الأربعاء الماضي، خلال اجتماع اللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي، أن يعمل الجيش لوقف إطلاق الصواريخ لفترة طويلة". وأضاف البيان أن "اللجنة الوزارية خولت رئيس الحكومة (ايهود أولمرت) ووزيرة الخارجية (تسيبي ليفني) ووزير الدفاع (ايهود باراك) بتحديد توقيت وشكل العملية العسكرية". وتابع البيان أنه "بموجب القرار الذي تم اتخاذه بالإجماع قرر الثلاثة تنفيذ عملية سلاح الجو اليوم".
باراك: سيتم تعميق وتوسيع العملية العسكرية
وقال باراك، في مؤتمر صحفي عقده في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، أمس السبت، "إننا لا نبتهج للصدام لكنه لا يردعنا. فهناك وقت للتهدئة ووقت للحرب. والآن حان وقت القتال. وسوف يتم تعميق وتوسيع العملية العسكرية وفقا لمتطلبات الوضع ونحن لسنا في وضع سهل". وأضاف "لا أريد أن أوهم أحدا، فهذا (العملية العسكرية) لن يكون سهلا ولن يكون قصيرا لكن علينا أن نكون حازمين والحرب ضد الإرهاب هي حرب متواصلة".
وتابع باراك أن "طائرات سلاح الجو الإسرائيلي هاجمت ظهر اليوم (أمس السبت) أهدافا في قطاع غزة وقتلت أكثر من 150 نشطا في حماس". واعتبر أن الغارات الإسرائيلية جاءت ردا على إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه جنوب إسرائيل "ولم ننو السماح باستمرار هذا الوضع". وقال إنه "يتوقع أن يستمر إطلاق الصواريخ وحتى أنه سيتسع".
وأسفرت الغارات عن مقتل وجرح مئات المواطنين الفلسطينيين فيما رد مسلحون فلسطينيون بإطلاق صواريخ أسفرت عن مقتل إسرائيلي واحد وإصابة أربعة آخرين بجروح في بلدة نتيفوت.
من جانبها قالت ليفني، خلال اتصال هاتفي مع نظيرتها الأميركية، كوندوليزا رايس، أمس، إن "إسرائيل تفعل ما يتعين عليها أن تفعل وحماس ترجمت تصرفات إسرائيل بصورة غير صحيحة، وكان عليها أن تفهم أن إسرائيل لن تبقى هادئة على ضوء إطلاق الصواريخ".
من جهة أخرى قالت ليفني في لقاء مع مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية في إسرائيل إنه "حاولنا كل شيء من أجل التوصل إلى تهدئة ومن دون استخدام القوة واتفقنا على وقف إطلاق نار بوساطة مصر تم خرقه من جانب حماس التي تواصل إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل وتحتجز (الجندي الإسرائيلي) غلعاد شليط وتبني قوتها العسكرية". وادعت ليفني أنه "حتى اليوم أبدينا ضبط نفس لكن اليوم لم يعد هناك خيارا آخر سوى شن عملية عسكرية، إذ علينا أن ندافع عن مواطنينا من الهجمات ومن خلال رد فعل عسكري ضد الإرهاب وقواعده في غزة". وتابعت أن "إسرائيل مستمرة في تقديم مساعدات إنسانية من أجل تقليص الأضرار اللاحقة بالسكان الفلسطينيين المدنيين إلى الحد الأدنى. ولأسفي فإن حماس نفسها تلحق ضررا بالسكان المدنيين في غزة". واعتبرت ليفني أن "المسؤولية عن إصابة المواطنين الفلسطينيين تقع على كاهل حماس".
وقال أولمرت في مؤتمر صحفي عقده مساء أمس في مكتبه في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، إن الاستعدادات للعملية العسكرية في قطاع غزة "كانت عميقة وجذرية وغايتها تحسين الواقع الأمني لسكان جنوب إسرائيل". وأضاف أن العملية العسكرية "قد تستغرق وقتا ومطلوب من كل واحد منا قدرا من الصبر فنحن نريد إعادة الهدوء والسكينة إلى سكان الجنوب. ومن الجائز أن يتزايد عدد الصواريخ (التي يتم إطلاقها من القطاع) في الفترة القريبة وسوف يصل مداها إلى أماكن أخرى. وأدعو مواطني الجنوب إلى الاستماع لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية فهذه تعليمات من شأنها إنقاذ الحياة". ووجه أولمرت كلامه على المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة قائلا "أنتم لستم أعداؤنا وهذه المنظمة الإرهابية، حماس، تنزل كارثة على الشعبين. وإسرائيل لا تحارب الشعب الفلسطيني وإنما تحارب المنظمة الإرهابية التي حفرت على رايتها محاربة إسرائيل".
وقال أولمرت إنه "خلال اليوم أوضحنا لزعماء الدول أن الوضع لا يمكن أن يستمر كما أوضحنا لهم أن إسرائيل ستفعل كل شيء من أجل منع حدوث أزمة إنسانية في القطاع". وأضاف أن العملية العسكرية "ستستمر كل الوقت المطلوب من أجل تنفيذ المهمة التي أوكلت للجيش الإسرائيلي". وتابع أن "المعلومات الاستخبارية الدقيقة التي بحوزتنا والتي جمعتها شعبة الاستخبارات العسكرية والشاباك، مكنتنا من توجيه ضربات شديدة ضد الضالعين في الإرهاب وقلصت المس بالأبرياء إلى الحد الأدنى وهكذا سنفعل في المستقبل".
من جانبه قال رئيس المعارضة الإسرائيلية ورئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، إنه يؤيد شن العملية العسكرية في القطاع ويشد على أيدي الجنود الإسرائيليين. وأضاف نتنياهو إنه "يوجد وقت للخلاف ووقت للوحدة. واليوم وقت الوحدة. وإذا اعتقد أعداؤنا أننا لن نتوحد تحت نيران الصواريخ فإنهم مخطئون، فالمدافع تُرعد ونحن موحدون".
الشرطة الإسرائيلية ترفع حالة الاستنفار
أعلنت الشرطة الإسرائيلية، أمس، رفع حالة الاستنفار في صفوف قواتها في جميع أنحاء إسرائيل تحسبا من مواجهات، خصوصا في المدن والبلدات العربية، في أعقاب بدء الغارات الجوية الإسرائيلية الواسعة في قطاع غزة. وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية، ميكي روزنفلد، إن "شرطة إسرائيل رفعت حالة الاستنفار في صفوف قواتها في جميع أنحاء البلاد إلى الدرجة ج وهي درجة واحدة قبل حالة الطوارئ".
وتتحسب الشرطة من اندلاع مواجهات في المدن والبلدات العربية في إسرائيل التي انطلقت في عدد منها مظاهرات عفوية في أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية. وأعلنت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل الإضراب العام في البلدات والمدن العربية ودعت المواطنين على تسيير المظاهرات الاحتجاجية. وانطلقت مظاهرات عفوية احتجاجية في مدن يافا وطمرة وسخنين والناصرة وأم الفحم وغيرها نددت بالغارات الجوية ضد غزة وطالبت بوقفها.
وتظاهر مئات نشطاء السلام الإسرائيليين في تل أبيب، مساء أمس، احتجاجا على الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة وطالبوا إسرائيل بوقف "جرائم الحرب" و"إبادة شعب" في غزة. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية أن المتظاهرين اشتبكوا مع قوات الشرطة. وسار المتظاهرون باتجاه مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب وهتفوا بشعار "لا للحرب – نعم للسلام" ورفعوا شعارات كتب فيها "حكومة إسرائيل ترتكب جرائم حرب" و"مفاوضات بدلا من المجازر" و"فليرفع الحصار عن غزة".
المصطلحات المستخدمة:
نتيفوت, يديعوت أحرونوت, باراك, الليكود, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو