احتلت أقوال رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، يوفال ديسكين، حول وجود صواريخ بحوزة حركة حماس قادرة على الوصول إلى مشارف مدينة بئر السبع، التي تبعد 40 كيلومتر تقريبا عن قطاع غزة، عناوين الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الاثنين – 22.12.2008. وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن واحدا من بين كل ثمانية مواطنين إسرائيليين، أي 800 ألف إسرائيلي، أصبحوا في مدى صواريخ القسام. وفي موازاة ذلك قررت إسرائيل بدء حملة إعلامية دولية لتجنيد "مظلة دولية" داعمة لها في حال شنت عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة
.
ونشرت يديعوت أحرونوت، وهي الأوسع انتشارا في إسرائيل، قائمة بالمدن والبلدات الإسرائيلية التي باتت في مدى الصواريخ الفلسطينية، بحسب ديسكين. وقال ديسكين إن "الذراع العسكري لحماس استغل نصف السنة الأخيرة (التي سادت التهدئة معظمها) وحسن قدرته على إطلاق الصواريخ لمسافات طويلة ومتوسطة". وبحسب المسافات التي وصفها ديسكين فإن منشآت إستراتيجية إسرائيلية باتت في مدى صواريخ القسام أيضا، مثل "مركز الأبحاث النووية" في "ناحال شوريك" وقاعدة سلاح الجو في "حتسور".
وقال ديسكين خلال استعراضه تقريرا أمنيا أمام اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي، أمس، "إنهم جاهزون للمواجهة ولديهم قدرة (صاروخية) للوصول حتى (بلدة) كريات غات وأشدود (أزدود) وحتى إلى مشارف بئر السبع". وأضاف ديسكين أنه "لا يوجد قرار لدى حماس باستخدام كل قوة الرد (التي بحوزتها) ونحن نقدر أنهم سيقررون استغلال مستوى جهوزيتهم العالي فقط في حال تراكمت ظروف تبرر رد فعل أوسع. ونحن نقدر أنه إذا وجهنا ضربات باتجاه ذخر هام بالنسبة لهم فإنهم سيردون بإطلاق صواريخ طويلة المدى".
وقال ديسكين إن "القيادة السياسية لحماس تخشى رد فعل الجيش الإسرائيلي وخصوصا لأنها تخشى فقدان أمورا ثمينة" بما في ذلك قيادات حماس المهددة بالاغتيال. وأضاف أن حماس تسمح لبقية الفصائل الفلسطينية في القطاع بإطلاق الصواريخ باتجاه جنوب إسرائيل وأنها استأنفت هي نفسها إطلاق الصواريخ. وكانت حماس قد أعلنت، مساء الخميس الماضي، عن انتهاء التهدئة بعد ستة شهور على سريانها واشترطت استمرارها بتعديل شروطها. وأطلقت حماس والفصائل الفلسطينية في القطاع عشرات الصواريخ باتجاه جنوب إسرائيل خلال اليومين الماضيين وسقط معظمها في مناطق مفتوحة ولم تسفر عن سقوط جرحى أو التسبب بأضرار.
ورأى ديسكين أن حماس مهتمة باستمرار التهدئة لكنها تريد تحسين شروطها، "وهي تريد أن نرفع الحصار ونوقف الهجمات ونوسع التهدئة لتشمل يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية)". من جهة ثانية أشار إلى أنه لا يوجد وسيط ذو تأثير بين إسرائيل والجانب الفلسطيني في غزة "والمصريون يجلسون عند الشريط الحدودي وهناك انعدام ثقة بينهم وبين حماس. رغم ذلك فإنه لا ينبغي الاستهتار بالوسيط المصري إذ أنه في حال واجهت حماس وضعا تكون فيه بحاجة إلى وساطة مصر فإن المصريين سيعودون ليكونوا لاعبا". وأضاف أن "هناك جهات دولية أخرى تحاول التوسط من أجل إعادة التهدئة إلى حالها".
وتطرق ديسكين إلى الانقسام الفلسطيني الداخلي بين حركتي حماس وفتح وقال إن "الفجوات بين الحركتين كبيرة وعميقة وأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) على وشك الإعلان عن انتخابات عامة قريبا، لكن حماس تعارض ذلك وتقول إن أبو مازن لا يملك صلاحية للقيام بذلك". وبحسب ديسكين فإن "حماس تعمل على إنشاء إطار يحل مكان منظمة التحرير الفلسطينية ولا شك في أن هدفهم الآني هو السيطرة على السلطة الفلسطينية".
من جهة ثانية حذر ديسكين من "أن اتساع الانشقاق بين حماس وفتح قد يؤدي إلى حل ثلاث دول للشعبين" واعتبر أنه "سيكون هناك فلسطينيون 'قطاعيون' (نسبة لقطاع غزة) وفلسطينيون من الضفة ويهود. والانقسام بين السكان يتزايد من يوم إلى يوم، وهناك كراهية وفجوات ثقافية وغير ذلك والواقع الحاصل هو انقسام وانفصال بين كلا قسمي الشعب الفلسطيني". وقال ديسكين للوزراء إن "مظاهرات التأييد لحماس يجب ألا تؤثر عليكم، فالأجواء السائدة لدى السكان الفلسطينيين هي 'إنشاء الله (قالها بالعربية) إسرائيل ستحتل غزة ونتخلص من حماس'".
من جهة أخرى قررت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أمس، إطلاق حملة إعلامية دولية بهدف تجنيد "مظلة دولية" تدعم عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في قطاع غزة. وقال موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني إن القرار ببدء الحملة الإعلامية اتخذ خلال اجتماع عقدته وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، في مكتبها، مساء أمس، وشارك فيه سفراء إسرائيل في أنحاء العالم.
وأضافت يديعوت أحرونوت أن إطلاق هذه الحملة الإعلامية يأتي في أعقاب قرار اتخذه رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت،، ووزير الدفاع ايهود باراك، خلال اجتماع سري بينهما، عقداه يوم الخميس الماضي، ويقضي بشن عمليات عسكرية في القطاع على اثر إعلان حركة حماس عن انتهاء التهدئة. وأطلع أولمرت وباراك ليفني، الذين يشكلون ما يعرف ب"المطبخ السياسي"، على القرار في وقت لاحق. وقرر الثلاثة أن تكون العمليات العسكرية ضد القطاع "متدرجة" وأن يتم تنفيذها عندما تكون الظروف التكتيكية مواتية، إلى جانب الاحتفاظ بإمكانية التوصل إلى تفاهمات حول استئناف التهدئة.
وقرر "المطبخ السياسي" أن يتم شن عملية عسكرية في القطاع بعد إعداد "المظلة الدولية" التي تتطلع إسرائيل إلى أن تكون داعمة لها وتمنع صدور قرارات ضدها في مجلس الأمن الدولي. وبحسب يديعوت أحرونوت فإنه تم تحديد ثلاثة تواريخ مركزية، وهي 9 كانون الثاني المقبل، وهو الموعد الذي تعتبر حماس أنه تنتهي فيه ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، و20 كانون الثاني، وهو اليوم الذي سيدخل فيه الرئيس الأميركي المنتخب، باراك أوباما، إلى البيت الأبيض ويبدأ ولايته الرئاسية، و10 شباط المقبل، وهو اليوم الذي ستجري فيه الانتخابات العامة الإسرائيلية. كذلك ستركز الحملة الإعلامية الإسرائيلية، حسبما أوضحت ليفني في الاجتماع مساء أمس، على أن "إسرائيل لا يمكنها التغاضي عن الهجمات الإرهابية بالصواريخ وقذائف الهاون" وأن "المسؤولية العليا ملقاة على حماس التي تسيطر على قطاع غزة".
من جهة أخرى نقلت صحيفة معاريف، اليوم، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين رفيعي المستوى قولهم إن "حماس تشعر بالضعف السياسي في إسرائيل وشلل القيادة السياسية والأمنية في الدولة". وأضافوا أن "انعدام اليقين من الناحية السياسية في إسرائيل يشجع حماس، التي تشد الحبل وباتت مقتنعة بأن إسرائيل ستمتنع الآن عن اتخاذ قرارات مصيرية". لكن المصادر ذاتها أضافت أنه في حال استمر الوضع الحالي فإن إسرائيل ستشن عملية عسكرية واسعة في القطاع.
لكن مراسلا صحيفة هآرتس، العسكري عاموس هارئيل، وللشؤون الفلسطينية أفي سخاروف، أشارا في تحليل نشراه اليوم، إلى أن "ثمة نقطة لم تتناولها وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة وهي أن حماس لم تطلق صواريخ تقريبا، الآن. ومعظم الصواريخ تطلقها خلايا تابعة للجهاد الإسلامي وفصائل صغيرة، توقفت حماس عن محاولة لجمها. وفي حال انتقلت حماس إلى المشاركة النشطة (في إطلاق الصواريخ، فإنه من الجائز أن يتم إطلاق مئة صاروخ في اليوم بدلا من عشرين الآن. وفي هذه الأثناء تبقي حماس مجالا للحديث... ولا يزال المسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي يتمسكون بفرضية أن (رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل) هنية وأنصاره لم يرغبوا بالتصعيد، وإنما انجروا إليها رغما عنهم من جانب (رئيس المكتب السياسي لحماس) خالد مشعل".