"المشهد الإسرائيلي"- خاص:
برزت خلال الأسبوع الأخير تناقضات بين تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين في إسرائيل فيما يتعلق بوجود تفاهمات مع حركة حماس حول تهدئة قطاع غزة، وحول قيام مفاوضات بين إسرائيل وحماس بوساطة مصرية جارية في هذه الأثناء للتوصل لوقف إطلاق النار في القطاع. وفيما يحرص المسؤولون السياسيون الإسرائيليون، وعلى رأسهم رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك، على نفي الأنباء عن التوصل إلى تفاهمات بخصوص تهدئة وعن قيام مفاوضات عبر مصر، يؤكد مسؤولون في الجيش الإسرائيلي هذه الأنباء.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد أشارت إلى أن تفاهمات على التهدئة في القطاع قد تمت بين إسرائيل ومصر بعدما سلمت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، كلا من أولمرت وباراك لدى وصولها إلى إسرائيل يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي اقتراحا مصريا يقضي بمنح حماس فترة امتحان تتوقف خلالها الحركة عن إطلاق الصواريخ وتمنع الفصائل الأخرى في القطاع من إطلاق الصواريخ، وبالمقابل توقف إسرائيل عملياتها في القطاع.
وقال المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، إن إسرائيل وافقت على هذا الاقتراح.
لكن فيشمان نقل عن مصادره الأمنية في إسرائيل قولها إنه في حال تم الكشف عن وجود خلية تعد لإطلاق صواريخ قسام أو لعمليات من نوع آخر فإن القوات الإسرائيلية ستطلق النيران عليها "من دون تردد". ولفت إلى أن التهدئة في القطاع تحققت بدعم أميركي. كما مررت مصر رسالة إلى إسرائيل مفادها أنه إذا ساد الهدوء في القطاع فسيعمل المصريون بصورة مكثفة أكثر على الدفع باتجاه صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس ويتم من خلالها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع غلعاد شاليت.
كذلك نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع قوله إنه يوجد اتفاق على التهدئة في قطاع غزة وإنه تم الاتفاق مع حماس بوساطة مصرية على أنه لن يتم تنفيذ هجمات عسكرية في القطاع طالما لا يتم إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل. وأضاف أن مصر تدفع باتجاه تهدئة تقود إلى رفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع وذلك على ضوء توقف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل وتعثر العملية السياسية.
لكن إذاعة الجيش الإسرائيلي نقلت اليوم الأربعاء- 12/3/2008- عن مصادر سياسية إسرائيلية نفيها الأنباء حول وجود تفاهمات سرية مع حماس حول وقف إطلاق النار.
وقال أولمرت الاثنين الماضي إنه "إذا توقفت صواريخ القسام عن السقوط في سديروت وتوقف إطلاق صواريخ غراد على أشكلون (عسقلان) وإذا ما توقفت عمليات تهريب السلاح والعبور غير النهائي للحدود (مع مصر) فإنه لن يكون هناك إطلاق نار من جانب إسرائيل". وأضاف "لقد قلت قبل عدة أيام إننا لا نستيقظ في الصباح ونبحث عن سبب لإطلاق النار على رجال الإرهاب في غزة، وإنما نحن نطلق النار لأنهم يطلقون علينا ونحن نحارب لأنهم يحاربوننا". وتابع "لا يوجد أي اتفاق ولا توجد أي مفاوضات لا مباشرة ولا غير مباشرة" مع حركة حماس بخصوص وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال أولمرت إنه "لا يوجد أي تفويض لمصر لمحاولة تحقيق وقف إطلاق النار مع حماس. المحادثات مع مصر متواصلة لكن في مواضيع ثنائية، وإسرائيل لم تتوجه إلى مصر ولم تطلب شيئا فيما يتعلق بحماس" علما أن مصر ضالعة منذ أشهر في محاولات تهدئة الأوضاع في القطاع، كما أن مدير الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، توجه الأحد الماضي لمصر لبحث موضوع المعابر في القطاع وموضوع وقف إطلاق النار.
رغم ذلك قال أولمرت إن "لدى إسرائيل مطلبا واضحا وفي حال تحقق فإنه لن تكون هناك حاجة لوقف إطلاق النار" في إشارة إلى تصريحاته بوقف الفصائل الفلسطينية إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وجاءت أقوال أولمرت بعد وقت قصير من تصريحات أدلى بها باراك الذي قال "أريد أن أصحح من يعتقد أنه توجد تهدئة بأنه لم ننه هناك (في القطاع) أي شيء بعد، والامتحانات الهامة ما زالت أمامنا وستستمر العمليات العسكرية في غزة".
في غضون ذلك أفادت صحيفة معاريف اليوم بأن ثلاثة وزراء إسرائيليين على الأقل وجهوا انتقادات لأداء أولمرت وباراك فيما يتعلق بالتهدئة الحاصلة في القطاع.
ونقلت الصحيفة عن أحد هؤلاء الوزراء قوله إنه "ليس من المعقول أن يقرر المجلس الوزاري الأمني المصغر تصعيد العمليات العسكرية في غزة والتوصل لاتفاق لاحقا من موقع قوة فيما في الواقع يحدث عكس ذلك".
وقال وزير آخر إن "الدولة مدمنة على الهدوء ومستعدة لأن تضحي بأمنها القومي مقابل عدة أيام من الهدوء. هذا الأمر حدث مقابل حزب الله طوال سنوات وأكثر شيء مخيف هو أننا لم نتعلم الدرس".
ونقلت معاريف عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إن "إسرائيل لا توافق على سريان مفعول التهدئة في الضفة الغربية" في إشارة إلى استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وحملات الاعتقال في الضفة. وأضاف "لا نعتزم السماح لحماس بالسيطرة على المعابر كما أننا لسنا مستعدين لقبول استمرار تسلح حماس، ووفقا لصورة الوضع هذه فإنه لا يوجد اتفاق".
وفي غضون ذلك لوحت مصادر في مكتب باراك بأنه "ليس مستبعدا أن تعاود إسرائيل شن عمليات عسكرية في القطاع وفقا للحاجة ووفقا لتقويمات للوضع".
رغم ذلك يمكن القول إن الوضع الميداني هو أبلغ دليل على أن التهدئة حاصلة، حتى الآن. فقد انخفض عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من قطاع غزة بصورة تدريجية منذ انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع يوم الاثنين من الأسبوع الماضي. ومنذ يوم الجمعة الماضي تم إطلاق أربعة صواريخ قسام من القطاع، ثلاثة في يوم الجمعة وواحد أمس الثلاثاء. ومن جانبه أوقف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في القطاع.