"المشهد الإسرائيلي" – خاص
كشفت صحيفة هآرتس، اليوم الأربعاء – 26.11.2008، عن أن قيادة الجيش الإسرائيلي صادقت على تنفيذ عمليات اغتيال مواطنين فلسطينيين، أبرياء وغير ضالعين في نشاطات مسلحة، في الضفة الغربية واغتيال نشطاء مسلحين رغم أنه كان بالإمكان اعتقالهم. وجاء في وثيقة رسمية للجيش الإسرائيلي أن رئيس أركان الجيش، غابي أشكنازي، لخص مداولات حول اغتيال نشطاء في حركة الجهاد الإسلامي في مدينة جنين قائلا إنه يحظر مهاجمة سيارة النشطاء في حال تبين أن بداخلها "أكثر من مسافر واحد غير معروف" كناشط مسلح.
وقالت هآرتس إن "قيادة الجيش الإسرائيلي في أرفع مستوياتها صادقت مسبقا وخطيا على قتل فلسطينيين أبرياء خلال تنفيذ عمليات اغتيال". ونقلت هآرتس عن خبراء قانون إسرائيليين قولهم بعد الاطلاع على الوثائق العسكرية، إن الجيش الإسرائيلي يعمل بشكل مخالف لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية، الصادر في كانون الأول العام 2006، والذي نص على عدم اغتيال شخص إذا كان بالإمكان اعتقاله والتحقيق معه ومحاكمته وأنه يجب الامتناع قدر الإمكان من المس بمواطنين أبرياء خلال عملية اغتيال نشطاء مسلحين. وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يصرح خلال السنتين ونصف السنة الأخيرة أنه نفذ عمليات اغتيال في الضفة الغربية وعندما تم قتل نشطاء فلسطينيين في الضفة ادعى الجيش بأنهم قتلوا خلال عملية اعتقال أو تبادل إطلاق نار. وهذا ما حصل أيضا لدى اغتيال قائد سرايا القدس في منطقة قباطية، زياد ملايشة، في 20 حزيران من العام الماضي بالقرب من جنين ويتضح من الوثائق العسكرية أنه كان هدفا للاغتيال.
واستعرضت هآرتس عملية اتخاذ الجيش الإسرائيلي قرار اغتيال ملايشة، حيث عقد قائد الجبهة الوسطى في الجيش حينئذ، اللواء يائير نافيه، مداولات حول اغتيال ملايشة في 28 آذار 2007 وتم إطلاق اسم "البرجين" عليها. وشدد نافيه على أن "المهمة هي الاعتقال، وفي حال التعرف على أحد قادة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وليد عبيد وزياد ملايشة وأدهم يونس، فإن هناك مصادقة بأن تنفذ القوة عملية اعتراض (أي إطلاق النار بهدف القتل) وذلك وفقا لتقييم الوضع أثناء تنفيذ المهمة". وفي 12 نيسان 2007 عقد نافيه اجتماعا آخر قال خلاله إنه توجد مصادقة على تنفيذ اغتيال "الهدف (أي ملايشة) وشخصين آخرين على الأكثر" من المواطنين الفلسطينيين غير الضالعين في نشاطات وقد يتواجدان في موقع عملية الاغتيال. وفي اليوم نفسه تم عقد اجتماعين آخرين حول الموضوع ذاته، وترأس الاجتماع الأول قائد لواء العمليات، العميد سامي ترجمان، الذي قال أنه يحظر أن تنتهي العملية بمقتل أكثر من خمسة أشخاص بمن فيهم سائق السيارة وهو مدني. وترأس الاجتماع الثاني رئيس شعبة العمليات، اللواء طال روسو، الذي صادق على تنفيذ عملية الاغتيال حتى لو تواجد في السيارة شخص واحد غير معروف.
وفي الغداة تم استعراض العملية أمام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، وشارك في اجتماع عُقد في مكتبه كل من نائب رئيس الأركان، موشيه كابلينسكي، وروسو والمدعي العسكري العام، أفيحاي مندلبليت، ومندوب عن قيادة الجبهة الوسطى ومندوب عن جهاز الأمن العام (الشاباك). وبحسب وثيقة عسكرية لخصت النقاش خلال الاجتماع، صادق أشكنازي على اغتيال مواطن واحد غير ضالع في نشاط مسلح، عندما حظر مهاجمة السيارة التي سيتواجد فيها ملايشة في حال اتضح أنه بداخلها "أكثر من مسافر واحد غير معروف"، وأنه "ينبغي دراسة إمكانية (إرجاء) موعد التنفيذ على ضوء اللقاءات السياسية المتوقع عقدها خلال الأسبوع الحالي" بسبب زيارة شخصية أميركية رفيعة المستوى إلى إسرائيل.
وأقر نافيه، الذي كان قائد الجبهة الوسطى خلال السنوات 2005-2007، في حديث مع هآرتس أنه في أحيان كثيرة لم تجر محاولات حقيقية لاعتقال "مطلوبين". وقال إنه "إذا لم يرفع الشاب (الفلسطيني) يديه، فإننا لا ندخل في قصص وإنما ندخل مباشرة في قتال. وأنا لا أريد أن تكون لدي إصابات (بين الجنود الإسرائيليين) بسبب سخافات. وإذا كنت أعلم أن الشاب مسلح وأنه قنبلة موقوتة، فإني أريد أن يقتلوه مباشرة وبدون تلكؤ".
من جانبه عقب الناطق العسكري الإسرائيلي قائلا إن عملية الاغتيال "كانت متجانسة مع واجبات إسرائيل القانونية بما في ذلك الواجبات القانونية المتعلقة بتنفيذ 'إحباط مركّز' (أي اغتيال)". وزعم الناطق العسكري أنه لدى اغتيال ملايشة "تم دراسة إمكانية اعتقال هدف العملية وفقط عندما اتضح أن هذه الإمكانية غير قابلة للتطبيق تقرر قتلهم".