"المشهد الإسرائيلي" – خاص
تناقضت تقارير نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، اليوم الأربعاء – 2.7.2008، حول مدى جهوزية إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، في ظل تهديدات متواصلة، أطلقها وزير المواصلات، شاؤل موفاز، والرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس، وتسريب أنباء عن تدريب أجراه سلاح الجو الإسرائيلي، مؤخرا، في الأجواء اليونانية لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية. وفي مقابل ذلك، حذر محلل إسرائيلي من الرد الإيراني على هجوم كهذا، أو حتى تهديدات بتنفيذه، وأكد على أنه سيكون ردا شديدا.
ونقلت صحيفة معاريف، اليوم، عن مسؤولين كبار في جهاز الأمن الإسرائيلي قولهم إنه على عكس الأنباء حول استعدادات إسرائيل لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن إسرائيل موجودة في حالة "تخلف خطير" في هذا السياق، نجمت في أعقاب سنوات من الإهمال وإلغاء مشاريع أمنية وميزانيات. وحتى أن بعض هؤلاء المسؤولين الأمنيين وصفوا حالة الجهوزية هذه ب"الإخفاق"، لدى تطرقهم لما لم يتم فعله، خلال العقد الأخير، لإنشاء قدرة إستراتيجية لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.
وأوضحت الصحيفة أن بعض هؤلاء المسؤولين يتولون مناصب سياسية مرتبطة بجهاز الأمن وبعضهم الآخر هم مسؤولون مهنيون مرتبطون بجهاز الأمن، لكن جميعهم يرافقون عن كثب كل ما يفعله جهاز الأمن الإسرائيلي في الموضوع الإيراني خلال السنوات الأخيرة. وأشار أحد هؤلاء المسؤولين إلى أن "إسرائيل تعالج كل خطر طارئ وداهم فقط. وخلال السنوات الماضية تم إلغاء مشاريع وإرجاء مخططات ورصد ميزانيات لمشاريع أخرى وإعداد مشاريع لسنوات طويلة بدلا من تسريعها، حيال كل ما يتعلق بالقدرات الإستراتيجية المطلوبة لإسرائيل من أجل التوصل إلى قدرة عسكرية حقيقية لتوجيه ضربة ضد إيران. وبرأيي فإن الحديث هنا عن إخفاق حقيقي".
وأضاف المسؤول ذاته أنه في السنة أو السنتين الأخيرتين تقوم إسرائيل "بتصحيح الخطأ بشكل سريع". ولتحقيق ذلك فإنه تم تحويل ميزانيات واسعة وثمة محاولة حقيقية للتغلب على الفجوات، إلا أن هذه الفجوات عميقة وتنطوي على إشكاليات. وقال عدد من المسؤولين الأمنيين إنه "يتضح الآن، بعد أن تبين فجأة أن إسرائيل بقيت وحدها ومن دون دعم دولي أو أميركي ولم يعد هناك من ينفذ الهجوم بدلا عنها، أن هذا موضوع ملتهب. ونحن بعيدون عن امتلاك القدرة التي كان ينبغي أن نمتلكها في هذه المرحلة".
وتساءل هؤلاء المسؤولون حول جدوى تسريب أنباء حول تدريب سلاح الجو الإسرائيلي لتوجيه ضربة لإيران. وبحسب معاريف فإن النشر حول التدريب أثار حفيظة مسؤولين سياسيين رفيعي المستوى في إسرائيل، لكن ليس في مكتب رئيس الحكومة أو وزير الدفاع. ونقلت عن هؤلاء المسؤولين وصفهم من وقف وراء تسريب نبأ التدريب الجوي ب"المجانين"، وتساءلوا "من يحتاج لمثل هذا الأمر، ومن أجل ماذا كل هذه التسريبات؟ فإذا أردت أن تهاجم، هاجم، لا تتكلم، وإذا تكلمت فعليك التأكد من وجود رصيد لكلامك".
من جهة أخرى قال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، متان فيلنائي، خلال اجتماع مع جنود في قوات الاحتياط عقد في قاعدة "تسيئيليم" لتدريب قوات النخبة البرية في الجيش الإسرائيلي، إن "التهديد الإيراني وكل تهديد يقع وراء الأفق هو ليس مشكلتكم. هذه ليست قضيتنا وحدنا فقط، وإنما تشمل وكالات (مخابرات) أجنبية، ومخابرات عسكرية وسلاح الجو". ولفت موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني إلى أن أقوال فيلنائي جاءت بعد ساعات قليلة من تصريحات مسؤولين أميركيين حول وجود احتمال كبير لتنفيذ هجوم إسرائيلي ضد إيران قبل حلول نهاية العام الحالي.
في رده على سؤال حول ما إذا كانت إسرائيل تجري استعدادات أخرى باستثناء التدريب الجوي، قال فيلنائي، لكن بصورة غير مباشرة، إنه "في كل مكان تمارسون نشاطا عسكريا فيه يجب أن تنجح العملية العسكرية. وكل عملية عسكرية بعيدة قد تصل الأمور فيها إلى مكان آخر. والتهديد المركزي على دولة إسرائيل هو محور حزب الله – سورية – إيران، والقاسم المشترك لهم هو الإسلام المتطرف". وأضاف أن "المحادثات مع سورية هدفها كسر محور الشر. ومن الجائز أن يؤدي كل هجوم في مكان كهذا إلى اشتعال (في مكان آخر)، ولكل واحد في الجيش مهمته، ومهمتكم هي القتال في إطار سلاح المشاة، ونحن نعرف أية قوات سنفعل وأين وبأي شكل".
وفي غضون ذلك كُشف النقاب عن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، تجول، أمس، في المفاعل النووي في ديمونا، في جنوب إسرائيل، والتقى مع كبار المسؤولين فيه وعلى رأسهم مدير عام المفاعل، اللواء في الاحتياط أودي آدم، الذي كان قائد الجبهة الشمالية خلال حرب لبنان الثانية وتم دفعه للاستقالة في أعقابها بسبب إخفاقاته في قيادة الحرب.
من جانبه حذر محلل الشؤون العربية في صحيفة هآرتس، تسفي بارئيل، في تحليل نشره اليوم، من عواقب مهاجمة إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية. ودعا الكاتب إلى التداول في احتمال أن تشن إيران ضربة استباقية ضد إسرائيل، على ضوء تزايد تهديدات الأخيرة. ولفت في سياق ذلك إلى أن إسرائيل حذرت منذ سنوات من تعاظم القوة الصاروخية الطويلة المدى لإيران، واعتبار صواريخ "شهاب 3" و"شهاب 4" الإيرانية بأنها تهديد استراتيجي قد تستخدمه إيران. وأشار إلى تصريحات أطلقها مدير الصناعات الجوية العسكرية الإيرانية، الجنرال أحمد وحيد، قبل سنوات، وجاء فيها أن إيران لا تعتبر الولايات المتحدة هدفا لصواريخها وإنما إسرائيل هي الهدف. وأكد بارئيل على أن إيران ما زالت بعيدة عن حيازة قدرة نووية، لكنها قادرة، الآن، على ضرب مواقع إستراتيجية ومدنية إسرائيلية والتسبب بوقوع عدد كبير للغاية من الإصابات، "لكن يبدو أن الحديث حول المشروع النووي جعل الكثيرين ينسون القدرة الصاروخية الإيرانية".
كذلك استبعد بارئيل أن تؤدي التهديدات الإسرائيلية إلى أن يمارس الشعب الإيراني ضغوطا على قيادته. وأضاف أنه على الرغم من وجود معارضة كبيرة في البرلمان الإيراني للرئيس محمود أحمدي نجاد، إلا أن المشروع النووي يعتبر في إيران مهمة وطنية. ولذلك فإنه لا يوجد أحد بين المرشحين، الذي يرغب الغرب بأن يخلفوا أحمدي نجاد، يتحدث عن وقف البرنامج النووي، "بل أن التقديرات في إيران تشير إلى أن استمرار التهديدات، أو تنفيذ هجوم ضد إيران، من شأنها أن تعزز مكانة أحمدي نجاد كمن يقف صامدا في مواجهة الغرب وزيادة الشعور بوجوب تطوير سلاح نووي".
وخلص بارئيل إلى أن ثمة تحالفا الآن يجمع إسرائيل وأميركا والدول العربية ضد إيران نووية، لكن هذا التحالف سيواجه صعوبة في تحمل هجوم إسرائيلي ضد إيران، خصوصا إذا أدى هجوم كهذا إلى هجوم إيراني مضاد على الدول العربية المجاورة لها.