كتب ب. ضاهر:
انفرد موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني- واينت- اليوم الأحد 16/12/2007 بنشر مقاطع من تقرير شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) السنوي الذي سيعرضه رئيس الشعبة اللواء عاموس يدلين أمام الحكومة الإسرائيلية بعد عدة أيام، وجاء فيه أن وضع إسرائيل من الناحية الإستراتيجية قد تحسن وبالمقابل تحسنت أيضا القدرات العسكرية لدى "أعداء إسرائيل". كما توقع التقرير أن سورية تنتظر "تصفية الحساب" مع إسرائيل لكنها لن تبادر لحرب. من ناحية أخرى رأت شعبة الاستخبارات أن قائدي حماس خالد مشعل واسماعيل هنية يبحثان في هذه الأثناء عن معادلة تسمح بالتوصل إلى هدنة مع إسرائيل ووقف إطلاق النار، ويأملان بالتوصل إلى تسوية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وكتب المحلل العسكري لموقع يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، يقول إن النشر اليوم يأتي على أثر محادثات أجراها مسؤولون أمنيون، ولخص التقرير بأنه يشمل "تشاؤما عميقا إلى جانب تفاؤل حذر".
وينبع التشاؤم من البرنامج النووي الإيراني وذلك في أعقاب تقرير الاستخبارات الأميركية حول إيران والذي قال إن إيران أوقفت مساعيها لإنتاج سلاح نووي منذ العام 2003، ووصفه تقرير الاستخبارات الإسرائيلية بأنه أدى إلى زيادة الوضع سوءًا وأبعد إمكانية أن يفرض المجتمع الدولي المزيد من العقوبات الشديدة على إيران وأيضا إمكانية أن تنفذ الولايات المتحدة هجوما عسكريا ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وقال مسؤول في دائرة التقويمات في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إنه "أصبح واضحا لنا الآن أن أحدا لم ينفذ العمل من أجلنا".
وكتب بن يشاي أن "معنى هذا الكلام هو أن إسرائيل ستضطر إلى الاعتماد على قدراتها العسكرية في حال وصل البرنامج النووي الإيراني إلى حالة النضوج".
وبحسب الاستخبارات الإسرائيلية فإن الأمر الإيجابي الوحيد في هذا السياق هو أن إيران تواجه في هذه الأثناء صعوبات تقنية كثيرة في جهودها لتخصيب اليورانيوم وتحويله إلى مادة انشطارية تمكنها من صنع قنبلة نووية، لكن ساعة القرارات الصعبة ستحين عندما تتجاوز إيران هذا "السقف التكنولوجي" والتي قد تكون قريبة.
واعتبرت شعبة الاستخبارات أنه في العام 2009 قد تكون بحوزة إيران الكمية الكافية من المادة الانشطارية بزنة 5 كيلوغرامات لصنع قنبلة نووية واحدة.
وفيما يتعلق بالتفاؤل الحذر فإن التقرير يشير إلى أن الوضع الإستراتيجي لإسرائيل قد تحسن خلال العام 2007 لكن في موازاة ذلك تحفظ التقرير لأن القدرات العسكرية "لأعداء إسرائيل"، في إشارة بصورة خاصة إلى إيران وسورية وحزب الله وحماس، قد تحسنت هي الأخرى وأصبح هؤلاء يشكلون خطرا أكبر على إسرائيل مما كان الوضع عليه في العام الحالي، وهذا يعني تزايد تهديد القذائف الصاروخية على الجبهة الداخلية الإسرائيلية لكن تدنت احتمالات إطلاقها على إسرائيل في العام أو العامين المقبلين.
واعتبرت شعبة الاستخبارات أن تدني احتمالات إطلاق هذه الصواريخ باتجاه إسرائيل من خلال هجوم شامل ضدها سببه أن قدرة الردع الإسرائيلية ارتفعت بشكل كبير خلال العام الأخير كما أن التطورات السياسية في المنطقة تساعد إسرائيل في هذا الاتجاه.
ورأت أيضا أن مؤتمر أنابوليس حسّن المكانة الإقليمية للولايات المتحدة وإسرائيل لكن شعبة الاستخبارات العسكرية عبرت أيضا عن تشككها من إمكانية أن تقود العملية التفاوضية للتوصل إلى اتفاق دائم إسرائيلي- فلسطيني.
وتابعت تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية أن مجرد انعقاد المؤتمر يظهر وجود استعداد لدى دول المنطقة "للتعاون مع واشنطن والقدس، ضمن جهودها لتحييد تهديد الإسلام المتطرف".
وأضافت أن الأزمة اللبنانية هي تطور إقليمي آخر يُشغل سورية وحزب الله ويورطهما في المحافل الدولية، ولذلك فإن هذه الأزمة هي بين عوامل إبعاد خطر نشوب حرب شاملة في العام القريب.
وبموجب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية فإن الجبهة الشمالية مقابل سورية ولبنان تشكل التهديد الثاني من حيث أهميته، ويتوجب الاستعداد لاحتمال اشتعالها لأنه في هذه الجبهة توجد القدرة الكامنة الأساسية لاندلاع حرب بصورة كاملة.
وتشير الاستخبارات الإسرائيلية في هذا السياق إلى أن سورية جمعت عشرات ألوف الصواريخ والقذائف الصاروخية الثقيلة وصواريخ الكاتيوشا ووضعتها في مواقع يمكن إطلاقها منها وزرع دمار يكاد يكون في كل مكان في إسرائيل، إذ يصل مدى الصواريخ حتى جنوب إسرائيل.
وأضافت أن حزب الله جدّد هو الآخر مخزون صواريخه الثقيلة وحتى أنه زاد عددها مقارنة مع ما كان الوضع عليه عشية حرب لبنان الثانية من ناحية عددها ونوعيتها.
وقالت تقديرات شعبة الاستخبارات إن سورية وحزب الله لن تبادرا في العام القريب إلى شن هجوم شامل على إسرائيل لأن قدرة الردع الإسرائيلية "تحسنت بشكل ملموس" خلال العام الأخير لسببين، الأول هو شدة الهجمات الإسرائيلية خلال حرب لبنان والقدرة التي أظهرتها إسرائيل على الصعيد الاستخباراتي، والسبب الثاني هو أن إيران وسورية وحزب الله حللوا بصورة عميقة نتائج الحرب الأخيرة على لبنان وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أنه في الظروف الراهنة سيلحق هجوم صاروخي على الجبهة الداخلية الإسرائيلية أضرارا بهم أكبر من الضرر الذي سيلحق بإسرائيل.
واعتبرت شعبة الاستخبارات أيضا أن سورية "سجلت أمامها" الدمار الكبير الذي أحدثته الغارات الإسرائيلية للضاحية الجنوبية في بيروت، وتوصل السوريون إلى نتيجة أن بنيتهم التحتية ستتضرر كثيرا في حال نشبت حرب جديدة.
لكن من الجهة الأخرى قالت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إن أي مس بالبنية التحتية السورية من خلال هجوم إسرائيلي سيعتبره السوريون مسا خطيرا بالكرامة الوطنية، وهذا "سيكون بنظرهم حسابا يتوجب تصفيته معنا".
وقالت شعبة الاستخبارات العسكرية إن التهديد الثالث هو من جانب حماس في قطاع غزة ورأت أن هذا التهديد الأضعف من الناحية الإستراتيجية كونه لا يشكل خطرا يكاد يكون وجوديا على إسرائيل.
لكن رغم ذلك اعتبرت شعبة الاستخبارات أن الاهتمام بهذا التهديد يجب أن يكون في مقدمة سلم أولويات إسرائيل لأن إطلاق صواريخ القسام يتم بصورة يومية ويشكل خطرا داهما على سكان جنوب إسرائيل.
وتوقعت شعبة الاستخبارات أن تتزايد خطورة هذا التهديد لأن الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس في قطاع غزة تعمل على تحسين قدراتها وتخزين عدد كبير من الصواريخ وزيادة مداها كما أن حماس تزيد قوتها العسكرية وتستعد لإلحاق خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي في حال قررت إسرائيل اجتياح القطاع.
وأشارت شعبة الاستخبارات إلى أن قوات حماس تستعد لذلك من خلال قوة عسكرية مقسمة على شكل ألوية وكتائب نظامية وحفر شبكة أنفاق آخذة بالتحسن من يوم إلى آخر عند محور فيلادلفي بين القطاع ومصر.
وقال التقرير إن مصر لا تفعل ما هي قادرة ويتوجب عليها فعله لوقف تهريب الأسلحة والخبراء العسكريين للقطاع.
وأضافت أنه من الجهة الأخرى فإن الغارات الإسرائيلية على القطاع والحصار الاقتصادي بدأ يشكل ضغطا على حماس التي لم تعد تطلق صواريخ القسام بصورة مكثفة وبدأت تكتفي بإطلاق قذائف الهاون فيما تترك حماس عملية إطلاق صواريخ القسام "للفصائل المتطرفة"، في إشارة للجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية.
ورأت شعبة الاستخبارات أن قائدي حماس خالد مشعل وإسماعيل هنية يبحثان في هذه الأثناء عن معادلة تسمح بالتوصل إلى هدنة مع إسرائيل ووقف إطلاق النار ويأملان بالتوصل إلى تسوية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن خلال ذلك يأمل مشعل وهنية باستعادة الشرعية الدولية لحماس وتخفيف الحصار الاقتصادي وبالأساس منع عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في القطاع.